الحمل والدور الحاسم للأب
نحن نعلم أن جيناتنا وراثية، ولكننا نعلم أيضًا مع تقدم العلم أن البيئة العدائية والمجهدة لها تأثير على نمو الجنين ويمكن أن تحدث تغييرات وتعديلات في جيناته.
هذا العداء البيئي، مثل عدم الاستقرار الاقتصادي للأم وظروف السكن والاكتئاب وانعدام الأمن على جميع المستويات والصراعات والعنف بين الزوجين والخلافات العائلية، يمكن أن يؤثر على الجنين ويكون مسؤولاً عن تطور العديد من الاختلالات في توازنه النفسي والذهني والجسدي.
وبالإضافة إلى تأثير البيئة، يُعتبر الحمل وحده بالنسبة للأم ظاهرة مقلقة حيث يمر جسدها بالتحول ويتغير توازنها البيولوجي وتتعرض لضغط نفسي هائل. وهذه ظاهرة لا يعرفها الأب تماماً، لأنه ليس هو الذي يمر بكل هذه التغيرات.
إن كل هذه العوامل الضارة في فترة الحمل تسبب إفرازًا كبيرًا لهرمونات القلق والتي تنتقل بوضوح إلى الجنين وتؤثر على توازنه الهرموني وتخلق خلل بيولوجي الذي سوف يؤثر بشكل عدائي على نمو دماغه.
الأم المتوترة والقلقة تلد طفلاً متوترًا وقلقًا، يبكي بشكل شبه مستمر دون سبب واضح وينام ويرضع بشكل سيئ. وهذه المضاعفات بدورها تؤدي إلى اختلال التوازن والهدوء النفسي للرضيع.
ومن هنا يأتي الدور الحاسم للأب في مراقبة وضمان بيئة آمنة للأم الحامل وللجنين.
فمن ناحية، يجب على الأب أن يستثمر في هذا الحمل بافتراض أنه حامل أيضًا، ويتحدث بلطف مع زوجته ولكن أيضًا مع الجنين. نحن نعلم أن الجنين في بطن أمه يتمتع بذكاء فائق، فهو يسمعنا ويستشعر ما إذا كانت أمه سعيدة أم قلقة أو مرهقة ومكتئبة. كما أن الجنين قادر على التعرف على صوت أمه ووالده في الرحم. ولذلك يجب على الأب أن يتواصل مع الجنين ويتحدث معه لأن موجات صوت أبيه المطمئنة والمهتمة والفرحة تمر عبر رحم الأم وتصل إلى الجنين وتؤثر إيجابيا على توازنه الهرموني. وبهذه الطريقة سيشعر الجنين بالاطمئنان. وهذا من العوامل الإيجابية على نمو دماغ الجنين.
ويجب على الأب، وكأنه حامل أيضاً، أن يرافق زوجته في جميع الزيارات الطبية لمراقبة الحمل، وعليه أن يطمئنها ويواسيها ويكون حنوناً معها ويحميها من أي مصدر للقلق مثل الأخبار المقلقة والخلافات الأسرية. كما يجب عليه أن يقضي معها أكبر وقت ممكن ويعتني بها بلطف ولا يتركها بمفردها ويقضي أكثر وقته في المقاهي.
إن وجود الأب وعاطفته ضروريان لصحة الأم والجنين.
المصدر: العمق المغربي