حتى لا ننسى “اليوم التالي”.. كيف يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون في سلام؟
06:35 م
الأربعاء 08 مايو 2024
كتب محمد صفوت:
يُعيد الكاتب ديفيد إجناتيوس، في مقال له بصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، طرح سؤال عن “اليوم التالي” في غزة، ويتحدث عن أن السعي المكثف لوقف إطلاق النار جعل من السهل التغاضي عن قضي، كيف سيكون المستقبل للإسرائيليين والفلسطينيين الذين عانوا كثيرًا في هذا الصراع؟
ودعا إجناتيوس، في مقاله، إلى إعطاء هذه القضية أولوية خلال المفاوضات التي تجرى بوساطة مصرية قطرية أمريكية، مؤكدًا على أن للإسرائيليين والفلسطينيين الحق في العيش في مستقبل يعم فيه الاستقرار.
ويسخر الكاتب من نتنياهو الذي كثيرًا ما يثار قضية “اليوم التالي” وفي نفس الوقت أشعل حربًا أودت بحياة المدنيين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين، دون خطة متماسكة لإنهائها.
ودعا الكاتب، نتنياهو إلى الاستقالة، ليس لكونه المسؤول عن الحرب لكن لفشله في خوضها بحكمة واستراتيجية واضحة، من وجهة نظر الكاتب.
حرب غزة غير حروب الشرق الأوسط
يقول الكاتب، إن الحروب في الشرق الأوسط دائمًا ما يحيطها الغموض، حيث تعلن الأطراف المتحاربة في النهاية انتصارها، فهي حروب “لا غالب ولا مغلوب” وهي عبارة تستخدم لوصف الاتفاقيات لحفظ ماء وجه الأطراف المتصارعة.
في غزة لن ينجح هذا النهج، حيث تريد إسرائيل تحقيق انتصارًا على حماس، أيًا كان ما ينص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وهذا الشعور لا يشعر به نتنياهو فحسب، بل معظم الإسرائيليين.
يتطرق الكاتب إلى العناصر التي يمكنها توفير تسوية معقولة للحرب من وجهة نظره، لتحقيق أمن إسرائيل ومستقبل جديد للفلسطينيين، مؤكدًا أنه يمكن تحقيق الهدفين في حال تصرف القادة بحكمة.
ويقول إن المطلب الأكثر إلحاحًا هو إنقاذ المدنيين الفلسطينيين من المجاعة والدمار الذي خلفته 7 أشهر من الحرب.
قوة دولية بغزة
استقرار غزة بحاجة لقوة دولية لحفظ الأمن والسلام، أثناء وبعد وقف إطلاق النار، تكون مهمتها في البداية حفظ الأمن عندما تتدفق المساعدات للقطاع.
وإذا تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من تنظيم تلك القوة، فمن المحتمل أن تبدي دول عربية استعدادها للمشاركة في تشكيل هذه القوة.
يرجح أن المشاركة العربية في القوة الدولية بغزة، يتوقف على موافقة إسرائيل أن تكون هذه القوة خطوة أولى على الطريق المؤدي إلى دولة فلسطينية في النهاية.
يشير الكاتب، إلى أن نتنياهو والعديد من الإسرائيليين يصرون على رفضهم لإقامة دولة فلسطينية، لكنه هو الطريق إلى مستقبل يشهد علاقات طبيعية مع الدول العربية، ويعم الفلسطينيين في سلام.
ويقول إن الزعيم الذي تحتاجه إسرائيل حاليًا هو الذي يستطيع أن يبدأ هذه المرحلة الانتقالية الطويلة، ويرجح أن الشخص المثالي لهذه المهمة يتمتع بصلابة ورؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين.
حكم غزة
حكم غزة سيشكل تحديًا ملحًا آخر، فلا ينبغي لحماس أن تحكم غزة مرة أخرى، ويلمح إلى أن هناك اتفاق واسع النطاق وإن كان غير معلن، على هذه الخطوة.
السلطة الفلسطينية هي المسار الواضح، فهي تمتلك عناصر أمن مدربة ويمكن إعادة فحصهم وتدريبهم بشكل جيد، لكن كالعادة سيرفضه نتنياهو، الذي سعى لإضعاف السلطة الفلسطينية على مدار سنوات.
يعتقد الكاتب، أن الاعتماد على السلطة الفلسطينية سيمثل ولادة جديدة لها في غزة.
ويرى المقال، أن تفكيك حماس أمر لابد منه، فهو السبب الذي أشعل الحرب من البداية والذريعة لنتنياهو لشن هجوم على رفح، لكنه يؤكد أنه يمكن القضاء على ما بقي من حماس تدريجيًا في حال وجود قوة دولية لحفظ السلام والأمن بغزة.
مسرحية نتنياهو
إصرار نتنياهو على ضرورة اجتياح رفح جزء منه مسرحية، لإخافة حماس ودفعها إلى قبول صفقة إطلاق سراح الأسرى، متساءلاً ما الذي ستكسبه إسرائيل فعليًا من مثل هذا الهجوم؟
يجيب المقال بالقول، إن مقاتلي حماس يتجولون بالفعل في غزة، وسيكونون أحرارًا في التحرك شمالاً في أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار، وتقبل إسرائيل ذلك، لأنها تعلم أنهم لن يكونوا قادرين على إعادة تجميع صفوفهم وإعادة تسليحهم بطريقة تشكل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل.
بالنسبة لإسرائيل فإن النجاح في هذه الحرب سوف يعني الثقة في أن حماس لن يُسمح لها مرة أخرى ببناء القوة التي نفذت هجمات السابع من أكتوبر، ويعتقد أنه هدف أقرب مما يبدو.
ويؤكد أن إسرائيل تعلم أنها ستحتفظ بالقدرة على ملاحقة قادة حماس ما لم يستسلموا ويتركوا مملكتهم السرية في أنفاق غزة.
ويختتم بالقول: “بينما يتبادل المفاوضون مسودات خطة وقف إطلاق النار النهائية، عليهم أن يأخذوا في الاعتبار صورة غزة ما بعد الحرب وسط الفوضى لإعادة البناء فوق الأرض لتأسيس البنية التحتية والأساسية لغزة، وهذا ما سيبدو عليه السلام ربما بعد سنوات، لكن حان الوقت للبدء”.