بين حفل نانسي وإغلاق صفحة ندى القلعة بفيسبوك
تباينت مواقف الفنانين السودانيين حيال الحرب الدائرة في البلاد بين مؤيد لاستمرارها وحلها عسكريا وبين داع لإيقافها وداعم لحل التفاوض السياسي
التغيير: الخرطوم
انقسم جمهور الفنانين كل حسب رؤيته، واختلفت مواقفهم إزاء قضية الحرب، ووقف بعض المعجبين مع فنانه المفضل في موقفه، وعارضه البعض الآخر.
ومؤخرا أغلق موقع فيسبوك الصفحة الرسمية للفنانة ندى محمد عثمان (ندى القلعة) وهو الحدث الذي وجد صدى كبيرا وسط رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاء إغلاق الصفحة بسبب بلاغات تقدم بها بعض ناشطي فيسبوك يتهمون فيها القلعة بالدعوة إلى القتل وبث الكراهية، وغض الطرف عن انتهاكات الجيش السوداني وهي سلوك مرفوض لدى فيسبوك.
وفور حذف الصفحة طلبت القلعة من الجمهور التوجه للصفحة الاحتياطية، ووصفت صفحتها المغلقة بأنها كانت تمثل صوت الحق الذي لا يريدون له أن يعلو.
وأضافت: هذا كل ما يستطيعون فعله فقط هم، وكل الحاقدين الذين يشبهونهم، هذه هي حدود قدراتهم.
واستدركت بالقول: لكن لساننا أقوى من سلاح “السوخوي” والرصاص، أنا لا أحتاج إلى صفحات فندي القلعة موجودة في قلوب وأذهان الشعب، وفي كل بيت سوداني. وختمت بالقول: نستطيع عمل صفحات أخرى، لساننا لن يسكت أبدا، وسنقول الحق دائما. حفل نانسي.
بالمقابل حقق حفل الفنانة نانسي عجاج حضورا جيداً في مدينة دبي بالإمارات، رغم الأصوات الداعية لمعارضة الحفل. ووجد إعلان نانسي المشاركة في مهرجان السودان في قلب الإمارات ردود أفعال واسعة؛ بسبب موقف حكومة السودان من دولة الإمارات في الحرب الحالية. وانتقد البعض عجاج لموافقتها التغني في الاحتفالية، ورأى البعض الآخر أن نانسي من حقها أن تغني في أي مكان وزمان.
وفي حديثه للتغيير قال الشاعر والدرامي بدر الدين صالح أن الفن من المفترض ألا نقف ضد ظهوره في أي مكان، حتى لو كان هذا المكان على درجة عالية من القبح.
وأضاف: الفن يقدم الجمال الذي يجبر هذا القبح على الانحسار وما تفعله نانسي يؤخذ في هذا السياق، كما أن عجاج لها جمهور عريض موجود في كل بقاع العالم، وفي الإمارات بشكل خاص.
وتابع: نعلم ما حدث للسودانيين من جراح نفسية كبيرة؛ بسبب تداعيات الحرب فلماذا حرمانهم من بلسم يداوي بعض الجراح إضافة إلى أن نانسي من أقوى الأصوات التي تنادي ب(لا للحرب) لذلك يجب أن يفسح المجال لهذا الصوت أن يعلو ويعلو حتى يصل آذان من يساهم في صناعة واستمرار هذه الحرب.
وسبق أن خرجت نانسي في تصريحات قالت فيها: الفنان لا يفترض أن يدعو للحرب، من الممكن أن يدعم بلده بطرق مختلفة، وليس دعم الحرب بنفسه. واعتبرت أن الصور التي كانت متداولة لفنانين يغنون للحرب (نشاز بصري) لجهة أن المغني لا يمكن أن يلبس زياً وهو الجهاز الذي ينشره الجيش على نطاق واسع، فالفنان بطبيعته متمرد، ولا يمكن أن يكون عميقا في موقف غير فني. وتضيف: شخصياً خرجت في العديد من المواكب والاحتجاجات كنت أشجع الجميع على الخروج، ولكن لم أدع للحرب، هذه دعوته إلى انتزاع الحقوق بطرق سلمية.
وعند استضافتها في برنامج صباح العربية قالت نانسي “الظروف الصعبة دفع الفنان الظهور وبث أعمال جديدة ليتعايش مع المحيط من أوجاع وأحزان، ويتعايش مع الناس الفنان هو (معبر عن الناس.
عركي وجمال ودوشكا
وتفاعل عدد كبير من أهل الفن والأدب في السودان مع الحرب الدائرة في البلاد، وقدم بعضهم أعمالا، وخرجوا بتصريحات عارضت الحرب ودعت للسلام.
ولم يألُ أهل القبيلة الفنية جهدا في التعبير عن رفضهم الكامل لقتل وتشريد أبناء جلدتهم، ونادوا بوقف الاقتتال. وعلى النقيض تماما من موقف الداعين للسلام ظهرت فئة من الفنانين، وهي تمجد الحرب، وتدعو لحسمها بالحل العسكري.
وكان على رأس المنادين بإعمال صوت العقل ووقف الموت، الفنان السوداني الكبير أبو عركي البخيت. البخيت رفض الخروج من منزله منذ بدء الاشتباكات وحتى تاريخ اليوم، وظل مرابطا ببيته رفقة أحد أبنائه. وعرف أبو عركي عبر تاريخه النضالي الطويل بمنافحة الديكتاتوريات منذ عهد الرئيس الراحل نميري، مرورا بفترة الإنقاذ.
وسجل البخيت موقفا بطوليا بحرمان الإذاعة والتلفاز الحكوميين من بث أعماله احتجاجا على الحكم الشمولي في البلاد.
ومؤخرا ظهر أبو عركي البخيت في مقطع فيديو، وهو يقدم أغنية تدعو لوقف الحرب.
وتقول الأغنية في مطلعها: بمشيئة الرب وإكراما لهذا الشعب/ احكموا صوت العقل/ صحوا ضمير القلب/ أوقفوا هذه الحرب/ الشعب تعب.
بدوره قدم الشاعر والكوميديان جمال حسن سعيد مقطع فيديو مناهض للحرب وداعاً للسلام. ورأى سعيد أن ما يحدث هو دمار وتشريد للشعب السوداني ومجزرة موت مجاني.
وقال جمال في المقطع الذي وجد تداولا كبيرا في مواقع التواصل الاجتماعي: لا للحرب نعم للسلام لا لدمار السودان لا لتشريد الشعب السوداني لا للموت المجاني.
أما فنان شرق السودان سيدي آدم المعروف بسيدي دوشكا، فقد حافظ على خطه الداعم للسلام والمشجع للتعايش السلمي. وردد دوشكا أغنياته المعروفة التي تدعو لنبذ العنصرية وإسكات صوت البندقية.
وقدم سيدي دوشكا قبل الحرب أغنية تقول أحد مقاطعها: كنا سمحين لما كنا ما بنعرف عنصرية/ كنا سمحين لما كنا ما بنرفع بندقية/ كنا سمحين لما كنا/ ما بنجيب سيرة الهوية.
موقف ضبابي
ظهر الفنان عصام محمد نور في مقطع فيديو يعلن فيه رأيه بجلاء حول الحرب الدائرة في البلاد منذ أبريل الماضي.
وقال عصام: أعلنها بوضوح بدون مداراة: لا للحرب ونعم للسلام، وطننا جميل وهو وطن سلام والشعب السوداني يستحق المحبة.
غير أن عصام ظهر مؤخرا في مقطع فيديو آخر قال فيه إن المقطع الأول كان قبل قيام الحرب التي أصبحت الآن أمرا واقعا.
أما الفنان عاطف السماني والفنان حسين الصادق أعلنا منذ وقت مبكر وقوفهما إلى جانب استمرار الحرب. وظهر الصادق والسماني في أكثر من مناسبة وأكثر من منشور في مواقع التواصل الاجتماعي، وهما يعلنان وتأييدهما للقوات المسلحة السودانية.
المصدر: صحيفة التغيير