المساواة بين الجيش والدعم السريع السودانية , اخبار السودان
رشا عوض
يجب أن نعتمد في تقييم المؤسسات العسكرية في بلادنا على معيار مركزي وهو نوعية علاقة هذه المؤسسات بالمواطن السوداني من حيث حمايته والحرص على حياته وصيانة كرامته واحترام حقوقه وحرياته، والمواطن الذي أعنيه ليس فقط مواطن الخرطوم ومدني، بل يتساوى في حق المواطنة أهل دارفور وشرق السودان وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
بهذا المعيار الجيش السوداني مأزوم ومدان تاريخيا منذ تأسيسه، وأزمته مرتبطة عضويا بأزمة وطنية مركبة لها أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من تجلياتها المجازر والإبادات الجماعية لمواطنين سودانيين بواسطة جيشهم في حروب أهلية استهلكت جل عمر الاستقلال، وارتكبت فيها فظائع وجرائم حرب فما هو المنطق في تنزيه وتقديس الجيش والحديث عنه بطهرانية مفرطة تجعل بعض المعاتيه يستميتون في تجريم وتخوين كل من انتقده؟ وما هو السبب في أن نرفع الجيش مكانا عليا مقدسا لا يجوز أن يصله الدعم السريع الذي كان بالأمس القريب توأمه وشريكه في السلطة الانقلابية، وفي نهب موارد البلاد وفي الانتهاكات؟
الجيش هو المصيبة الأصل التي عمرها قرابة السبعين عاما.
والدعم السريع هو المصيبة الفرع التي عمرها عشرة أعوام فمن الذي يجب أن يتظلم ويحتج على مساواته بالآخر؟!
يجب أن لا نغرق في شبر ماء، ونستهلك أنفسنا في مفاضلات (أب سنينة وأب سنينتين وخيار أم خير).
بعد الدمار الفظيع الذي لحق ببلادنا يجب أن نبحث عن حل الأزمة الوطنية المركبة التي تتجسد الآن في جيشين خرج أحدهما من رحم الآخر، ويتقاتلان بالأسلحة الثقيلة والطيران والقنابل على أجسادنا، ويدمران البلاد بدلا من حمايتها وصون كرامة مواطنيها.
الخيبة الوطنية المغلظة التي نحن فيها لا يمكن أن تكون سببا في أن نرفع القبعات للجيش، أو نرفع القبعات للدعم السريع، أو نتعارك ببلاهة وغشامة وعبط حول أيهما أفضل وما إذا كان يجوز مساواة هذا السجم بذاك الرماد!
جيش يجز رؤوس المدنيين، ويبقر بطون الجثامين، ويسلخ جلود الأسرى، ويقصف الأبرياء بالطيران، وحطم الرقم القياسي في الانقلابات العسكرية لا يمكن أن يقدسه شعب حر، بل يجب أن يسعى هذا الشعب في بناء جيش جديد معافى ومحترم
نعم الجيش والدعم السريع الآن متساويان في تعذيبنا بالحرب التي أذلتنا وشردتنا، وحطمت بلادنا في صراع سلطة أرعن.
متساويين في الاستهتار بحياتنا ومستقبلنا، ونهب مواردنا.
متساويين في عدم صلاحية أي منهما لأن يكون جيشا وطنيا.
الاختلاف الوحيد بينهما في الأقدمية وسنوات الخبرة في الإجرام والانتهاكات!
الجيش ٧٠ سنة خبرة في عين العدو!
والدعم السريع ١٠ سنوات!
أبواق الإرهاب الكيزاني لن تستطيع عبر البلطجة والوقاحة والبجاحة أن تجبرنا على إلغاء عقولنا والاستسلام لفكرة أن تاريخ السودان بدأ يوم ١٥ أبريل ٢٠٢٣ بهبوط غول من السماء اسمه الجنجويد!!
الجنجويد لهم شجرة نسب مرتبطة عضويا بنظام الكيزان وبهذا الجيش الهمام، هذه حقيقة لن يغيرها انقلاب السحر على الساحر في صراع السلطة.
أبواق الإفك والنفاق الكيزاني ما زالت تحلم بامتطاء ظهر الجيش مجددا في طريق العودة إلى السلطة؛ ولذلك تجتهد التهم الإعلامية الفاجرة في التسطيح وتزييف الوعي، كما يجتهد في ذلك أيضا عبيد الاستبداد العسكري، ولكن لن يصح إلا الصحيح ولو بعد حين.
المصدر: صحيفة التغيير