12 ألف جريمة غابوية سنوياً بالمغرب .. خبراء ينادون بتشديد الزجر القانوني
أرقام موصوفة بـ”المثيرة للقلق” كشف عنها المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات، عبد الرحيم هومي، خلال يوم دراسي نظمته المديرية العامة للأمن الوطني والوكالة الوطنية للمياه والغابات، الاثنين بالقنيطرة، حول “مكافحة الجرائم الماسة بالمجال الغابوي”.
وكشف هومي أن “المعدل السنوي للمحاضر المحررة بشأن الجرائم الغابوية يبلغ 12 ألف محضر، تحال في مجملها على مختلف محاكم المملكة للبت فيها”، منبّهاً إلى أن “تطور أساليب ارتكاب الجريمة الغابوية يتطلب ملاءمة سبل التصدي لها”.
وقال مصطفى بنرامل، خبير بيئي رئيس جمعية المنارات الايكولوجية من أجل التنمية والمناخ، إن الرقم المصرّح به “يعد مهولا لكنه في الوقت ذاته يبقى غير حقيقي، بالنظر إلى أن وجود العديد من الجرائم المرتكبة في المجال الغابوي لا يتم اللجوء بشأنها إلى القضاء من قبل المؤسسات المعنية بحماية الغابات، إما لغياب صاحب الجرم أو شروط التقاضي، لعدة اعتبارات محلية، اجتماعية واقتصادية”.
ونبّه بنرامل، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن مساحة المجال الغابوي المغربي في مختلف الجهات “تشهد تناقصا متواصلاً، لا سيما الغابات الكبرى كالأرز والبلوط الفليني والعرعار والأركان والصنوبر”.
هذا التناقص يستدعي، وفق الخبير البيئي ذاته، “تشديد الزجر القانوني على مرتكبي الجرائم الغابوية، خاصة في فصل الحرائق، ثم العمل وفق منظومة مندمجة من أجل التوعية وتحسيس الساكنة التي تعيش في محيط الغابة بأهميتها وبالإجراءات القانونية التي يمكن أن تترتب عن الإضرار بها، فضلا عن إحداث مشاريع مواكبة اجتماعيا واقتصاديا لهذه الفئة، لخلق إنسان ذي وعي غابوي بيئي مساهم في التنمية المحلية، ما سيعزز لديه الوعي بضرورة الحفاظ على هذا المجال من جهة، والعمل على حمايته من الآخر من جهة ثانية، بحيث يصبح أفراد الغابة بمثابة حراس لها”.
وبالنسبة لعبد الرحيم هومي، المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات، فإن التقليص من عدد الجرائم الغابوية وتعزيز حماية الثروة الوطنية الغابوية، “يستدعي تعزيز التنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات بين الوكالة والمديرية العامة للأمن الوطني”.
لكن الوصول إلى هذه الغاية، “يحتاج ترسانة قانونية واضحة ومجمعة، ذلك أن التنظيم القانوني للمجال الغابوي المغربي يتميز بالتشتت”، وفق ما ذهب إليه المحامي الخبير في القانون الجنائي مراد زيبوح، مذكّراً باعتماد هذه الترسانة على مقتضيات قانونية ممتدة عبر التاريخ المغربي منذ ظهير 10 أكتوبر 1917 الخاص بحفظ الغابات، ثم ظهير 21 يونيو 1923 المتعلق بمراقبة القنص، وظهير مارس 1925 الخاص بوقاية غابات شجرة الأركان، فضلا عن العديد من القوانين والمراسيم التي جاءت جلها لتنظم جزءا معينا من الحياة الغابوية ومحاولة حمايتها وزجر كل من يهدد استمرارها.
وذكر زيبوح، في حديث لهسبريس، أن هذا النوع من التشريع “يضع الغابة أمام ترسانة ضعيفة، غير منسجمة، ويصعب على المكلفين بإنفاذ القانون الإلمام بجميعها”، داعياً إلى “جمع هذه القوانين في مدونة خاصة بالغابة في إطار تأمين وحماية هذه الثروة الوطنية وتدبير مواردها والحفاظ على التنوع البيولوجي بها”.
وذكّر المحامي بهيئة وجدة، في السياق ذاته، بمشروع القانون 2122 المتعلق بالمحافظة على الغابات وتنميتها المستدامة، المقدم من طرف وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، واصفاً إياه بـ”الطفرة المهمة في اتجاه التشديد في التجريم بإحداث شرطة المياه والغابات لزجر كافة مهددات الغابة من خلال المادتين 76 و77 اللتين أعطتا هذا الجهاز الصفة الضبطية والرسمية لمحاضره التي يُوثق بمضمونها ولا يمكن الطعن فيها إلا بالزور، وفق المادة 82″.
وأبرز أن العقوبات السالبة للحرية “أضحت أكثر تشددا في هذا المشروع”، بحيث إن المشرع دعا إلى “معاقبة كل من كسر نصبا أو سياجا كأقل فعل من الأفعال الماسة بالتجهيزات التابعة للملك الغابوي بعقوبة قد تصل إلى سنة و10 آلاف درهم، وفق المادة 103 منه، ورفع عقوبة حرث أو زرع أو غرس قطعة تابعة للملك الغابوي من سنة إلى سنتين وغرامة تصل إلى 150 ألف درهم، ثم بعقوبة تصل إلى 3 سنوات لكل من قطع أو قلع شجرة تفوق دائرتها 20 سنتمتر أو أغصانها أو جذورها أو قام بتقشيرها”.
وخلص الخبير القانوني ذاته إلى أن “هذا القانون يعد بحق خطوة مهمة نحو القطع مع كل أشكال الاعتداء الغابوي، غير أنه يحتاج من الوزارة الوصية التعريف به حال المصادقة عليه في البرلمان لضمان التنفيذ السليم له”.
المصدر: هسبريس