جريمة المقابر الجماعية وثيقة إبادة
30 أبريل 2024آخر تحديث :
_ الكاتب عمر الغول – تاريخ الحركة الصهيونية وعصاباتها الإرهابية ومنها “الهاجاناة” و”شتيرن” و”الارغون” و”ليحي” ودولتها إسرائيل وجيشها، المكون من تلك العصابات، هو تاريخ المذبحة والمجزرة والابادة الجماعية لأبناء الشعب الفلسطيني، ولم تتوقف يوما طيلة 76 عاما عن ارتكاب أبشع وأفظع المجازر، والتي تجاوزت الـ 100 مذبحة، منها دير ياسين والطنطورة والدوايمة وكفر قاسم، وهي شاهد حي على وحشيتها وتاريخها الأسود واللاإنساني والمنافي لأبسط معايير القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي والمعاهدات الدولية وخاصة معاهدة جنيف الرابعة، وتؤكد أنها أقيمت لإبادة وتهجير الفلسطينيين من ارض وطنهم الأم فلسطين لتكرس شعارها الفاشي والناظم لنهجها الدموي “أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض”، وتعيث فسادا وتخريبا وقتلا وتدميرا ضد شعوب الأمة العربية جمعاء.
وفي حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا، أميط اللثام عن وجهها الفاشي السافر مع كل يوم من أيام حرب الإبادة المتواصلة لليوم الـ 206، حيث تم اكتشاف مقابر جماعية جديدة في خان يونس بعد اليوم الـ200، وبعد إعادة تموضع قوات جيشها ومرتزقتها خارج المدينة ومحيطها، وحتى اعداد هذا المقال تم إخراج نحو 400 جثة لشهداء قامت قوات الموت الإسرائيلية بإعدامهم وهم أحياء، وسلخ جلودهم، وقطع رؤوسهم وأيديهم وأرجلهم، ونزع اعضائهم للاتجار بها.
وتشير المعلومات الفلسطينية الى ان هناك نحو 700 مواطن مفقود من سكان خان يونس والنازحين اليها من محافظات شمال غزة. مع ان قواعد القانون الدولي الإنساني تؤكد على احترام جثث الموتى، وضرورة دفنهم في مقابر فردية، الا إذا حالت الظروف القاهرة دون ذلك، إضافة لاحترام المقابر وصيانتها وتمييزها بالكيفية المناسبة، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي اللاأخلاقي واللاإنساني لم يراع أيا من تلك القواعد، واتسم تاريخ تعامله بالوحشية والقسوة، بدءا من مقابر الأرقام السرية التي يحتجز فيها رفات عشرات الشهداء، وصولا لانتهاكاتها المروعة ضد الشعب الفلسطيني منذ ما قبل النكبة عام 1948 وحتى حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وما أشبه اليوم بالبارحة في مدينة خان يونس نفسها، عندما قام جيش الاحتلال الإسرائيلي في 12 نوفمبر 1956 بارتكاب مجزرة بشعة ووحشية ذهب ضحيتها أكثر من 250 شهيدا آنذاك، وهي امتداد لسلسلة المذابح اللاإنسانية ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
هذا التاريخ الأسود والظلامي الطويل في عمليات الإعدام الميداني ودفن الشهداء في مقابر جماعية، ليس شكلا من اشكال الصراع، وانما هو انعكاس لعقلية فاشية ولتاريخ طويل من البطش المنهجي، والسلوك المتأصل في الوعي الجمعي الصهيوني، والسعي الدؤوب والمتواصل لسحق الفلسطينيين، وتجريدهم من انسانيتهم بأبشع وأفظع الطرق والأساليب الهمجية، وفق تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” في يناير 2024.
وكان آفي ديختر كشف بعد شهر من حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، بأن مخطط دولته الفاشية يقوم على استحضار نكبة عام 1948 بنكبة جديدة عام 2023. لتذكر وتكرس تاريخها الطويل من الاضطهاد والعدوانية المنفلتة من عقال القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، الذي ارتكبته ومارسته إسرائيل بحق الفلسطينيين، عبر الامتهان الجهنمي لكرامتهم، وتجاهل حقوقهم الأساسية، وأهمها الحق في الحياة بهدف هلاك المجتمع الفلسطيني بكافة الوسائل والأساليب وعلى المستويين المادي والمعنوي.
اكتشاف المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس وفي مستشفى الشفاء في مدينة غزة وقبلها في احدى مدارس بيت لاهيا، وما سيكشف عنه لاحقا، هي وثائق تؤكد أن إسرائيل وجيشها ارتكبوا جرائم حرب وابادة جماعية، الامر الذي يفرض على محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنائية الدولية: أولا اصدار مذكرات جلب لقادة إسرائيل السياسيين والعسكريين على حد سواء لمحاكمتهم كمجرمي حرب؛ ثانيا الإسراع في اصدار الحكم بالدعوى القضائية التي رفعتها جنوب افريقيا في نهاية ديسمبر 2023، وأصدرت أحكامها وتدابيرها الأولية في 26 يناير الماضي بشكل نهائي، لأن القرائن والوثائق الدامغة تسمح لها بالبت الفوري ضد إسرائيل باعتبارها دولة إبادة جماعية؛ ثالثا البت أيضا بدعوى نيكاراغوا ضد ألمانيا والولايات المتحدة وكل الدول الغربية الرأسمالية التي شاركت ودعمت إسرائيل في حربها الوحشية على الشعب الفلسطيني؛ رابعا مطالبة مجلس الامن الدولي باتخاذ قرار ملزم ووفقا للفصل السابع بوقف حرب الإبادة فورا وبشكل دائم؛ خامسا تحميل إسرائيل كامل المسؤولية عن عمليات الإبادة الجماعية التي ادت حتى الآن إلى استشهاد ما يقارب الـ 35 ألف شهيد و78 ألف جريح، وكل عمليات التدمير غير المسبوقة، والزامها بدفع التعويضات المالية لذوي الشهداء ولأسر الجرحى وتمويل ما دمرته حربها المروعة والفظيعة، وغيرها من الإجراءات القانونية والسياسية ذات الصلة.