«9» من كل «10» أشخاص يواجهون انعدام الأمن الغذائي في السودان السودانية , اخبار السودان
قال رين بولسن، مدير مكتب الطوارئ والصمود لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، إن خطر المجاعة يحوم على السودان، وموسم زراعة الحبوب الرئيسي على بعد عدة أسابيع فقط فيما يواجه عدد كبير من المزارعين صعوبة في الوصول إلى أراضيهم وتواجه المنظمات التي تدعمهم نقصا حادا في التمويل.
الخرطوم ــ وكالات
أثناء زيارته لبوتسودان العاصمة الإدارية الجديدة أقصى شرق السودان تم إجراء الحوار عبر الفيديو مع بولسن الذي كان موجودا في مدينة بورتسودان. و قال بولسن إن الصراع هو “المحرك الرئيسي لأزمة الغذاء”، إلا أنه أشار إلى أن الوضع صعب حتى في المناطق التي تتمتع ببعض الأمان والتي هي على الخطوط الأمامية لتغير المناخ.
في البداية، ماهي أسباب زيارتك للسودان
أتيت إلى السودان للعمل مع مكتب منظمة الأغذية والزراعة هنا كجزء من مساهمة المنظمة في الجهود الجماعية الجارية للوقاية من المجاعة، وكجزء من خطة الاستجابة المشتركة بين الوكالات لأزمة الأمن الغذائي هنا. جئت في هذا الوقت بالذات، لأننا كوكالة أممية متخصصة تركز على الأغذية والزراعة، نركز على الأجزاء الرئيسية من السنة التقويمية التي تتعلق بمواسم المحاصيل. وموسم زراعة الحبوب الرئيسي سيحل في غضون أسابيع قليلة. يجب أن يقوم المزارعون بإعداد الأرض الآن في نيسان /أبريل مايو، ويجب زراعة البذور في يونيو. بالنسبة لنا، هذا التوقيت مهم على وجه الخصوص لتعزيز موسم المحاصيل. لكننا هنا لأن خطر المجاعة حقيقي. إن حالة الأمن الغذائي مثيرة للقلق العميق. لكن لدينا فرصة للاستجابة، وهذا ما نحن مشغولون به في الوقت الحالي.
لقد تحدثت عن خطر المجاعة ومنظومة الأمم المتحدة بأكملها، بما في ذلك منظمة الأغذية والزراعة، قد حذرت من آثار هذا الصراع على الأمن الغذائي. ما الذي يمكن فعله في هذه المرحلة لتفاديها مع وجود 18 مليون سوداني يعانون من انعدام الأمن الغذائي على مستوى الأزمة؟
: هناك عدد من الإجراءات التي يمكن ويجب اتخاذها الآن. فقد أظهر تقييم للمحاصيل والإمدادات الغذائية للعام 2023 انخفاضا بنسبة 46 في المائة على المستوى الوطني من حيث إنتاج المحاصيل الرئيسية، من بينها القمح والذرة والدخن والأرز. ليس من الممكن سد تلك الفجوة من خلال المساعدات الغذائية العينية فقط أو بتوزيعات نقدية.
لا غنى عن دعمنا للمزارعين الضعفاء والمجتمعات الزراعية، إما لإعادة بدء إنتاجهم بأنفسهم أو زيادة تعزيز الزراعة الجارية الآن. لدينا استراتيجية ذات ثلاثة محاور، موسم الحبوب القادم ومن ثم موسم الخضروات الرئيسي، ولكن أيضاً الاهتمام بالثروة الحيوانية. الكثير من أولئك الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد يعتمدون على الثروة الحيوانية. وبالتالي القدرة على دعم تلك الحيوانات بالأعلاف الطارئة واللقاحات الرئيسية، سيساعد على ضمان استمرار الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في الحصول على إنتاج الحليب من الماعز، على سبيل المثال. كل هذا لا غنى عنه لجهود فعالة للوقاية من المجاعة. لدينا نافذة من الفرص، وهذه النافذة هي الآن.
في اجتماعاتك مع الأطراف، هل تلقيت أي ضمانات بأنهم سيفعلون ما في وسعهم لتجنب المزيد من التدهور في وضع الأمن الغذائي؟
: أتيحت لي الفرصة خلال هذه الزيارة للقاء السلطات هنا في بورتسودان. لدينا بالطبع علاقة طويلة الأمد على مدى سنوات وعقود عديدة مع السودان شعبا وحكومة. لذا سارت المناقشات التي أجريناها بشكل جيد للغاية. لدينا تعاون تقني قوي. وأتوقع أن يستمر هذا التعاون. نحن نعمل على عدد من المجالات الفنية المختلفة مع السلطات، بما في ذلك على سبيل المثال، الأنشطة المتعلقة بمكافحة الجراد الصحراوي والوقاية منه، وهو أمر آخر نظرت فيه خلال زيارتي. في الواقع، هناك أخبار سارة للغاية في هذا السياق على عكس التحديات. ستعلن الحكومة في الأيام أو الأسابيع المقبلة، أن عمليات مكافحة الجراد الصحراوي كانت ناجحة تماما.
تحدثنا عن أولويات الاستجابة للوضع الآن، وقد تمت مشاركة خططنا مع جميع أصحاب المصلحة. وتم توضيحها بجلاء في خطة الوقاية من المجاعة المشتركة بين الوكالات. ونأمل أن نحصل على كل الدعم المطلوب حتى نتمكن من الاستجابة.
هناك مجموعتان رئيسيتان من التحديات التي تواجه منظمة الأغذية والزراعة، هما التمويل والوصول. يجب معالجة هذين الأمرين حتى نتمكن من منع المجاعة. ويجب أن أقول في جانب التمويل، إن الفاو تحتاج حالياً 104 مليون دولار لدعم ما يزيد قليلاً عن 10 ملايين سوداني في عام 2024، إلا أن تمويلنا حتى الآن بلغ أقل من عشرة في المائة من المبلغ المطلوب. إن قضية التمويل تمثل تحدياً حقيقيا. غالباً ما نتحدث عن ذلك، لكن لدينا تمويل أقل هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وحالة انعدام الأمن الغذائي أسوأ هذا العام مقارنة بالعام الماضي. لذا فإن هذين المسارين يسيران في اتجاهات خاطئة.
يسمع الناس عن أعداد النازحين والأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأعداد القتلى والجرحى، لكنني لا أعتقد أن الكثير من متابعينا يمكنهم تخيل الحياة في السودان اليوم. من الأشخاص الذين قابلتهم، هل يمكنك أن تخبرنا كيف هو وضع شخص سوداني عادي يعيش في منطقة ريفية اليوم؟
: أتيحت لي الفرصة هذا الأسبوع لزيارة بعض المجتمعات الزراعية التي دعمناها العام الماضي. تمكنت من القدوم إلى بورتسودان وزيارة بعض المناطق في ولاية البحر الأحمر، وهي منطقة لها وضع معين. هناك احتياجات كبيرة في جميع أنحاء البلاد، ونعلم أن الصراع هو المحرك الرئيسي لأزمة الغذاء. لم يكن هذا هو الحال مع العائلات التي التقينا بها، فهم يواجهون تحديات تتعلق المناخ.
رأينا في الحقول المحاصيل التي تم حصادها، لكننا كنا رأينا أيضاً السدود الترابية التي جرفت في وقت سابق من هذا العام نتيجة الفيضانات. وبالتالي هناك واقع محفوف بالمخاطر للأسر الزراعية الضعيفة التي تحتاج إلى الاهتمام. أعتقد أنه من المهم حقاً أن نفهم أن وضع أولئك الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد دقيق ومختلف حسب الموقع والمكان. بالنسبة لي، كانت الفائدة الرئيسية من المشاركة في هذه المجتمعات هي أنني رأيت الإنتاج على أرض الواقع. لقد رأينا الطماطم الناضجة يتم حصادها وتجهيزها للحصاد وهي تذهب إلى الأسواق المحلية. وهذا تذكير آخر بأنه من الممكن القيام بأعمال مؤثرة ومغيرة ومنقذة للحياة، حتى في الأوضاع الصعبة.
الجميع يعلم أن أرض السودان خصبة جداً. وكما قلت للتو، هناك الكثير من الإمكانات لإنتاج الغذاء. ولكن من الواضح أن هناك أسباباً تمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم. هل يمكنك أن تعطينا بعض هذه الأسباب الرئيسية؟
إذا نظرنا بشكل خاص إلى الوضع خلال العام الماضي، فمن الواضح أن الصراع هو المحرك الرئيسي عندما يتعلق الأمر بأزمة الجوع الحالية وانعدام الأمن الغذائي. تسعة من كل عشرة أشخاص يواجهون انعدام الأمن الغذائي على مستوى الطوارئ يعيشون في بؤر النزاع الساخنة، بما في ذلك في دارفور وكردفان، في الخرطوم ومؤخراً في ولاية الجزيرة، التي غالباً ما توصف بأنها سلة الغذاء للسودان من حيث الإنتاج على المستوى الوطني.
وبالتالي من الواضح أن الوضع في هذا السياق يشكل مصدر قلق حقيقي لنا. لقد سمعنا ونسمع تقارير مقلقة من المزارعين حول عدم القدرة على الوصول إلى أراضيهم. بالنسبة لنا، كوكالة فنية متخصصة، لا يتعلق الأمر فقط بتقديم المدخلات للمزارعين، نحن نقدم أيضاً المساعدة الفنية، لكن من الواضح أنهم بحاجة إلى الوصول إلى أراضيهم لإعدادها وزراعتها ومراقبة المحاصيل، ومن ثم ليتمكنوا من حصاد ما زرعوه. وبالتالي فإن مسألة القدرة على الوصول إلى الأراضي الزراعية هي محورية والأولوية الرئيسية.
تحدثت عن أهمية الدعم الزراعي للتخفيف من أزمة انعدام الأمن الغذائي. هل يمكن أن يكون ذلك حتى مع احتدام الصراع؟
: تمكنا من إثبات، بصفتنا منظمة الأغذية والزراعة، أنه من الممكن تقديم الدعم على نطاق واسع، حتى في ظروف صعبة للغاية. في العام الماضي فقط، منذ اندلاع القتال، دعمت المنظمة أكثر من 5 ملايين سوداني بمساعدات زراعية طارئة. قدمنا لأكثر من مليون أسرة زراعية، ما مجموعه أكثر من عشرة آلاف طن متري من البذور الرئيسية، بما في ذلك الذرة والدخن، وكذلك البامية. وفعلنا ذلك عبر 15 ولاية، ولم نواجه تحديات في مجال التسليم إلا في غرب ووسط دارفور في العام الماضي. إذا، من الممكن التسليم على نطاق واسع، ومن حيث الوصول، ومن الممكن العمل. من الواضح أن الوضع ديناميكي للغاية ونواصل العمل مع جميع الجهات الفاعلة وأصحاب المصلحة، ويجب أن أقر بالدور والدعم الذي قدمه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من حيث المساعدة على تسهيل الوصول والتفاوض بشأن الوصول العام الماضي كجزء من برنامج التوزيع.
خطتنا لهذا العام هي لدعم أكثر من 10 ملايين سوداني بمساعدة زراعية طارئة 10.1 مليون شخص. إن الخطة طموحة ولكنها مبررة تماماً بما يتماشى مع الوضع المتطور. وهنا أيضا، أود أن أقول إنه بالنسبة لمنظمة الأغذية والزراعة ولجميع المنظمات على حد علمي التمويل يمثل تحديا حقيقيا. نحن بحاجة إلى الاسترشاد بالأدلة والتركيز على تلك السياقات والحالات التي لدينا فيها مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. يجب أن يكون هناك تمويل يتناسب مع مستوى الاحتياجات الموجودة. ونشعر بقوة أن السودان يستحق الكثير من الاهتمام، أكثر مما يتلقاه حاليا.
السؤالي الأخير بعد أن رأيت هذه الآثار المروعة للصراع على الشعب السوداني بشكل مباشر، ماذا يمكنك أن تقول للمجتمع الدولي لمساعدته على التعامل مع هذه الأزمة؟
رين بولسن: تُظهر الأدلة أن خطر المجاعة موجود حقا، ولدينا فرصة لمنع ذلك. هذه الفرصة السانحة عندما يتعلق الأمر بالمساعدة الزراعية الطارئة هي الآن. يبدأ موسم الزراعة الرئيسي في غضون بضعة أسابيع قصيرة، ولكن من الممكن العمل طوال السنة التقويمية للاستجابة للوضع. نحن بحاجة إلى استجابة متعددة القطاعات لوضع خطة فعالة والوقاية من المجاعة. ومن الواضح، بالنسبة لمنظمة الأغذية والزراعة، أنني أتحدث عن العمل الزراعي الطارئ الذي يجب القيام به، ولكن من المهم بنفس القدر أن تحصل تلك الكيانات المتخصصة التي تعمل على القضايا الصحية، وقضايا التغذية، وقضايا المياه، على الدعم لوضع استراتيجية فعالة للوقاية من المجاعة. نعلم أننا نستطيع النجاح في القيام بذلك على نطاق واسع. لقد حققنا ذلك على نطاق واسع في الماضي، لكننا بحاجة إلى الدعم حتى نتمكن من القيام بالمثل في الأشهر المقبلة.
نقلا عن موقع أخبار الأمم المتحدة
المصدر: صحيفة التغيير