الدعاء .. السبيل الوحيد لتخليص الكرة من “الوباء”
..وكأننا نعيد مشاهدة الحلقة الأخيرة نفسها من حلقات مسلسل بطولة كل المساوئ، حتى أن “الحُبكة” التي شدّت الجمهور الرياضي في الزمن الغابر، على حين غفلة، واعتقد بسذاجة، بأنها وقائع حقيقية، بأحداث بطولية، فإنه استفاق في النهاية وقد أدرك بأن الأمر لا يعدو أن تكون تمثيلية صالحة لكل زمان ومكان.
وقد جاءت المواسم في البطولة الجزائرية متشابهة في القصة والسيناريو والحوار والأدوار، تكون فيها بداية الموسم بتسويق صورة وردية عن الأهداف، لذر الرماد في عيون المشجعين حيال الصفقات الخيالية التي منها لا ينتفع اللاعب والمدرب فقط، على أن تقترح حلقات منتصف البطولة تمهيد طريق تبرير الفشل بانتقاد الحكام والهيئات والبرمجة واستحضار العجز المالي لاستمالة السلطات، لتنتهي القصة بـ”معركة” بين مسؤولي الأندية وربما بين لاعبيهم ومدربيهم، تغذيها حرب البيانات بـ”أقبح” العبارات.
بطولة المليارات التي فرضت علينا نفس “الممثلين”، هي في حقيقة الأمر “رهينة” مع سبق الإصرار والترصد، وقد رفض كتاب السيناريو الذي يجتر نفس الأحداث والوقائع، أن يكون للصحفي دوره الأساسي والمنطقي في النقد، فجعلت من هذا الإعلام، أمام مسعاه لتنوير الرأي العام وكشف عورات “الإنتاج والإخراج”، عدوا وخائنا، واجتهدت “قوى الشر” في منظومة الكرة لـ”قتل” ضمير المجتمع، وحرصت كل الأندية مجتمعة سوى في عدائها للإعلام الرياضي، وفي كل حلقة وفي كل موسم من مواسم “مسلسل العار” أن تجعل منه أفضل شماعة تُعلق عليها “فشلا مبرمجا” وبأثقل فاتورة على الإطلاق.
ويأتي هذا المسلسل “الدامي” في تداعياته على المنظومة الكروية، بنهاية مدروسة بدقة تضمن للجمهور أن يحيد قسرا عن “الحقيقة المغيّبة” خلال كل الحلقات، وهي نهاية “مفتوحة” تجعل من إعادة نفس “الحكاية” مع كل “بداية” أفضل رواية لتجديد “الولاية”، وتدور بذلك عجلة الكرة بثبات الانتفاع من المنظومة إلى ما لا نهاية.
حرب البيانات، ونحن في الأنفاس الأخيرة من البطولة، هي مجرّد مناورة يفرضها واقع ترتيب الأندية لتنويم الجماهير الغاضبة، وقد تضاربت مصالح “الإخوة الأعداء” في خط النهاية، وفرض ذلك “الخروج عن النص”، اتهامات وانتقادات وشتائم متبادلة تندرج على الجانب الآخر، مما ترتكز عليه الرياضة من أخلاق ومبادئ وقِيم نبيلة التي داست عليها كل الأقدام.
حقيقة الكرة في الجزائر واضحة ولا ينكرها إلا المنتفعون من هواة الترويج لـ”نظرية المؤامرة”، ممن يبيعون ويشترون.. يشتمون ويتعاركون.. يُخوّنون ويتهمون.. إنهم “جماعة الأشرار” التي تصنع كل النماذج السيئة بأثقل الفاتورات، وقد أحكمت قبضتها على عقول ونفوس عشاق الساحرة بخطابات جوفاء وتحريضية، ولم يبق من سبيل لتخليص كرة القدم في الجزائر من هذا “الوباء” إلا الدعاء.