على إستحياء !! السودانية , اخبار السودان
صباح محمد الحسن
طيف أول:
جنرالان بعزلتهم تركونا في هذا الفضاء الخام المُتّسِع تؤلمنا منعطفات الحياة، لم يدركوا أمنياتهم.. ولم يتركوا بطل أحلامنا، وقرروا أن يوأدوا دوره وأجادوا دور العدو المطلق.. لكن سهامهم لم تصب سوى وطن!!
والدكتورة أماني الطويل مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية تحمل خوف الحكومة المصرية وقلقها من أفعال وتصرفات الحركات والجماعات التي تقاتل تحت راية الجيش، تخشى المساس بسمعة المؤسسة العسكرية، وحرصت الطويل على أن تدمغ هذه الجماعات بتهمة الانتهاكات التي تمت في الحرب، والتي تسببت في دخول الجيش دائرة الاتهام لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، على الرغم من أن أنها كانت تظن أو تريد أن ترى أن ما تم ارتكابه من أفعال وسلوك تدمغ به الميليشيا، ولا يليق بمؤسسة جيش ولكن.
وكشفت الطويل التي تحدثت في ندوة (الوضع الإنساني في السودان بعد عام من الحرب) والتي نظمها مركز “دام” ومنصة “360” بمصر، وبثتها منصة محامو الطوارئ على صفحتها الرسمية بالفيس بوك
كشفت بقصد أو دونه من وراء حديثها حرص مصر على الحفاظ على المؤسسة العسكرية وتخليها عن حليفها العسكري الجنرال الفريق عبد الفتاح البرهان، وقالت لأول مرة صراحة أمام الكاميرا، دون أن تستخدم العبارات السياسية الفضفاضة، إن البرهان رجل ضعيف؛ لأنه ترك أمر المؤسسة لهذه المجموعات، وهذا ما يؤكد أن مصر تحتاج إلى مؤسسة عسكرية متماسكة ليس من الضروري أن يقودها الجنرال البرهان
ومعلوم أن مصر التي انتقلت من دائرة الحرب والاتهام إلى دائرة التفاوض والسلام، أصبح همها هو الشكل الإطاري لمؤسسة الجيش السوداني أي إنها مع عملية إصلاح الجيش السوداني، وليست مع تكوين جيش جديد، فالأخيرة ربما تضرب علاقاتها المتجذرة مع بعض القيادات العسكرية، المستمرة لسنوات
والطويل تعلم يقينا أن المرحلة القادمة التي ترسمها الوساطة بعد وقف إطلاق النار، والتي تعمل على إعادة الحكم المدني في السودان، والتي تدفعها الجهود المبذولة من القوى المدنية لا ترسم طريقا للحكم يلقي أو يسقط دور الجيش في حماية الدولة المدنية، وهذا أمر لا يخطر ببال عاقل بسيط ناهيك أن يشغل عقلية سياسية عميقة مثل الطويل.
ولكن، رغم ذلك حاولت الباحثة في الشأن السوداني أن تتحدث عن أهمية الجيش لحماية الدولة المدنية درساً تعلم أنه معلوم بالفطرة، ولاتحتاح الذاكرة فيه النصح بعدم النسيان، لكن مخاوف الدولة المصرية التي تريد أن يطمئن قلبها على أن ما هو آت لا يسمح بصعود قوات الدعم السريع إلى مسرح القيادة العسكرية وهو (قلق حميد.
والطويل (معها حق) أن تستحي من سلسلة الجرائم التي ارتكبها الجيش ضد مواطنيه فهي كانت تريد أن تستمع لرصد يكشف عن جرائم قوات الدعم السريع بصفتها قوات غير نظامية ليس بغريب عليها ارتكاب هذه الجرائم، ولكنها استحت من الرصد الشفاف الذي قدم على الطاولة جرائم الطرفين في الحرب، الأمر الذي جعلها تبحث لمبررات تدفع بها الاتهام عن المؤسسة العسكرية، لكن الوقائع الصادمة للأحداث الموثقة حالت دون رغبتها، فحملت هذه الجرائم للحركات والجماعات التي تقاتل في صفوف الجيش، ولكنها ما كانت تريد أن يتم ذلك تحت رايته وعلمه ودرايته.
وندوة عن الوضع الإنساني وما تم فيها من رصد عمل يصب في مصلحة دور مصر في ملف العمل الإنساني، وفي ذات الوقت يكشف عن اتجاه مصر نحو قبلة التفاوض لطالما أنها أصبحت تشاطر القوى السياسية المدنية الفاعلة في عملية التغيير الرغبة في ضرورة إصلاح المؤسسة العسكرية، فالذي يجاهر بحالة الضعف لحليفه في قيادة أو إدارة ما، يعبر قطعا عن نيته في دعم استبداله بطريقة مباشرة.
ولا بديل للانقلاب إلا حكومة مدنية. ولا بديل للحرب إلا السلام..
طيف أخير:
رحلة (النزوح الرسمي) من بورتسودان ما زالت مستمرة والمسيرات المجهولة كما ذكرنا لن تتوقف رحلاتها وروسيا لو وطأت أقدامها البلاد ستعجل بالقرار الأمريكي الذي سيسبق خطة أحلامها والبحر الأحمر سيكشف أنه صالح للتفاوض مالح للأطماع الطالحة.
نقلا عن صحيفة الجريدة
المصدر: صحيفة التغيير