خلفيات الإنفاق العسكري بالمغرب والجزائر .. مخططات التجديد و”طبول الحرب”
رغم أن المغرب والجزائر حازا نسبة 82 في المائة من الإنفاق العسكري في منطقة شمال إفريقيا عام 2023 إلا أن تقريراً حديثاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) يؤكد تراجعاً في الإنفاق العسكري المغربي للعام الثاني على التوالي، في مقابل زيادة سنوية هي الأكبر منذ 1974 بالنسبة للجزائر.
وخفّض المغرب إنفاقه في “سباق التسلّح”، وفق التقرير الصادر الإثنين، بنسبة 2.5 في المائة بـ5.2 مليار دولار عام 2023، بينما رصدت الجارة الشرقية خلال العام ذاته 18.3 مليار دولار للغرض ذاته، بزيادة بنسبة 76 في المائة.
تحديث مبكر
الانخفاض في الإنفاق العسكري بالنسبة للمغرب خلال السنتين الأخيرتين مقارنة بارتفاع الإنفاق العسكري الجزائري يمكن تفسيره، حسب الخبير العسكري محمد شقير، بعدة عوامل أهمها أن “المغرب سبق الجزائر في تحديث ترسانته العسكرية منذ أكثر من عقدين، إذ عمل الملك محمد السادس منذ تقلده الحكم على مباشرة تحديث ترسانة الجيش المغربي بالموازاة مع تجديد نخبه العسكرية وأطره الحربية”.
وأشار شقير، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن “المغرب عمل على استيراد أحدث العتاد العسكري، خاصة ما يتعلق بالطيران الحربي، مثل طائرات إف 16 وغيرها، وآليات الاستشعار، من رادارات للمراقبة والتجسس؛ مع مدرعات متطورة كدبابات أبرامز، وصواريخ همارس الأمريكية والدرونات الحربية”.
ونبّه الخبير ذاته إلى أن المغرب في تحديثه ترسانته العسكرية “عادة ما ينوع من شركائه، إذ يقتني الأسلحة حسب حاجياته العسكرية، ثم تبعا لانخفاض التكاليف المالية لأسلحة ذات جودة عالية، مستفيداً من حرية تعامله مع عدة شركاء وانفتاحه على عدة موردين، فضلا عن خضوع صفقاته العسكرية لمراقبة مالية خاصة تستبعد أي منطق للعمولة التي عادة ما ترفع من التكاليف في دول أخرى”.
وأضاف المتحدث ذاته: “في حين أن ارتهان الجزائر إلى مورد وحيد يتمثل في روسيا ساهم بلا شك في تأخير تحديث الترسانة العسكرية التي تأكد مؤخرا ضعف جودتها وفعاليتها القتالية وتعرّض بعضها لأعطاب كما وقع لطائرات ميغ 25، ما دفع السلطات الجزائرية إلى تخصيص 23 مليار دولار في سباقها نحو التسلح ومظاهر التوتر السياسي مع المغرب، وذلك برسم ميزانية الدفاع لسنة 2023، ما رفع من حجم إنفاقها العسكري وجعلها من الدول الأولى في القارة الإفريقية إنفاقا على السلاح”.
تزايد حجم الإنفاق العسكري الجزائري يفسّر أيضا، حسب محمد شقير، بـ”عدم تنويع الجزائر شركاءها، إذ تجد صعوبة في اقتناء السلاح الأمريكي المتطور، ما يجعلها ترضخ لأسعار روسيا الباهظة”، مشيراً إلى “إمكانية رفع العمولات التي يتقاضاها جنرالات الجيش تحت الطاولة ونظراؤهم في روسيا من الفاتورة العسكرية الجزائرية”.
طبول الحرب
قدّم بوسلهام عيسات، الباحث في الدراسات السياسية والدولية، أربع فرضيات لارتفاع الإنفاق العسكري الجزائري، تتعلّق الأولى بـ”تزايد الطلب على الغاز الجزائري من قبل أوروبا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، ما يدفع النظام العسكري الجزائري إلى استثمار عائداته في المجال العسكري بدل النهوض بالبنية التحتية وتقوية وتجويد الخدمات الموجهة للمواطنين”.
أما الفرضية الثانية التي قدّمها عيسات، في حديث لهسبريس، فمرتبطة بـ”وقف الإمداد أو الدعم العسكري الروسي للجزائر جراء الحرب الروسيةالأوكرانية، ما جعلها تسعى إلى دعم روسيا كحليف تقليدي في حربها ضد أوكرانيا بالعتاد بطرق غير قانونية، لاسيما في ظل وجود تقارير تفيد باستعمال روسيا صواريخ مصنعة في كوريا الشمالية، ما يجعل هذا الافتراض أقرب في هذه الحالة”.
“الدعم الجزائري لجبهة البوليساريو الإرهابية”، وفق الباحث ذاته، عامل آخر يمكن أن يرفع من حجم الإنفاق الجزائري، “خصوصا بعد إعلان الجبهة الانفصالية انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار من جانب واحد ودخولها في حالة حرب وهجومها على مواطنين ومدن مغربية، أمام تأمين الجيش المغربي حدوده الترابية بعمليات دقيقة (المسيرات)، الأمر الذي دفع النظام العسكري الجزائري إلى التفكير في تقوية دعمه العسكري اللامشروط للانفصاليين”.
ويخلص بوسلهام عيسات، في هذا السياق، إلى فرضية رابعة يربطها بـ”مخطط جزائري إيراني يقوم فيه النظام الجزائري بتسليح الجماعات المتطرفة بالوكالة ودعم المد الإيرانيالشيعي والتطرف العنيف بمنطقة الساحل والصحراء وغيرها من بؤر التوتر، في ظل التقارب الجزائريالإيراني الأخير”.
المصدر: هسبريس