تداعيات وتداخلات حرب السودان ودور القوي الأقليمية والدولية والسيناريو الأسوأ
شريف يسن
من هي الجهة التي اطلقت الرصاصة الأولي باتجاة المدينة الرياضية في سوبا والمستفيدة من اشعال الحرب واحراق البلاد ، واحداث أكبر كارثه انسانيه واسوأ أزمه في العالم وأكثرها تعقيدا وقسوة ومعاناة ادت الي ما يزيد من 15 ألف قتيل وتشريد ونزوح ولجوء أكثر 10 ملايين وتدمير البنيه التحتيه وشبح المجاعه ، اذ يواجه اكثر من 18 مليون ثلث السكان انعدام الأمن الغذائئ الحاد ، و5 ملايين شخص علي حافه المجاعه ، في المناطق المتضررة من النزاع ويعاني 3,5 مليون طفل من سوء التغذيه الحاد والأمم المتحدة تحذر من كارثه وشيكه في السودان ونشر الموت والخراب واحداث دمار هائل في البلاد بهدف قطع الطريق لاتفاق ينهي الأزمه السياسيه ، وينقل السلطه للمدنيين في اطار العمليه السياسيه واستثناء حزب المؤتمر الوطني المحلول، واخراج الجيش والدعم السريع من معادله السياسه والأقتصاد والدمج في جيش قومي ومهني احترافي، والتسريح وفقا للمعايير العالميه ، وقد بذلت قوي الحريه والتغيير جهودا ومساعي لتجنب الصدام بين الجيش والدعم السريع ومخاطرة علي دمار البلاد بالكامل ، في ظل اجواء التوتر والاحتقان وتبادل الاتهامات والتخوين والتعبئه والحشد المتبادل للقوات والمظاهر العسكريه، بالمقابل عمل الأخوان والمؤتمر الوطني والفلول وحلفائهم علي استغلال واستثمار الأزمه وتحريض قيادة الجيش برفض الاتفاق الاطاري واسقاطه وتقويض العمليه السياسيه والانتقال المدني الديمقراطي، وهم الذين هددوا وتوعدوا باشعال الحرب حال توقيعه، بغرض احداث الفوضي الخلاقه والانتقام من قوي الثورة ، واجهاض وتصفيه اهداف وشعارات ثورة ديسمبر المجيدة ومكتسباتها.
من اجل العودة للحكم والشموليه والدكتاتوريه ، للمحافظه علي مصالح القوي الرأسماليه الطفيليه واطماعهم في تحقيق الامتيازات والنفوذ السياسي والاقتصادي والمالي وتراكم الثروات ، وارتباطاتهم الأقليميه والدوليه والافلات من العقاب والمساءله ، والمحاكمه حول جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانيه ، وبعد انقلاب 25 أكتوبر الذي نفذة الجيش والدعم السريع ، عادت كل كوادر وقيادات النظام البائد وسلطه الحركه الاسلاميه في الخدمه المدنيه والقضاء والنيابه العامه والاجهزة الأمنيه والاستخباراتيه وهيئه العمليات ، والتعبئه للحرب كانت علنيه وصريحه وسط التكبير والتهليل واغاني الحماسه ، وتهديدات أنس عمر في افطار كتيبه البراء ، والدعوة للاستعداد والتجهيز للجهاد مؤكدا ان الاطاري لن يوقع الا علي جثثنا، والناجي عبدالله ينشط ويتحرك للتعبئه داخل معسكرات الجيش مذكرا الناس بأن هذا اخر رمضان للافطارات والحشد والمهرجانات والمواكب ، والاتفاق الأطاري لن يطبق الا في المانيا ، خرج علي كرتي عند اندلاع الحرب بأن رمضان شهر رباط وجهاد ، وكتيبه البراء المتواجدة في ميدان القتال عملت علي تنوير منسوبيها بساعه الصفر وكيفيه التبليغ والتواصل اذا انقطع الاتصال للوحدات ، وهم من اطلق الرصاصه الأولي وكانوا وراءها ، واعترافات محمد علي الجزولي الداعشي في التنسيق مع قادة الجيش المختطف ، والتنوير بساعه الصفر ستكون يوم السبت 15 أبريل ، وكانت خطتهم بان تكون حرب خاطفه وسريعه ، يتم حسمها خلال ساعات يضرب معسكرات الدعم السريع وهزيمته وهروب قواته باتجاة دارفور وهذا ما لم يحدث ميدانيه وعمليا علي الأرض ، تم استخدام الجيش من خلال حاضنته من الكيزان وفلول الحركه الاسلاميه الانقلابيه والكتائب الأرهابيه كغطاء لهذة الحرب اللعينه والعبثيه ، حيث ان معظم الضباط لم يتم تنويرهم ولم تكن هنالك خطه موزعه ، والمفتش العام وقع في الأسر وهو متوجه الي وحدته العسكريه ولم يكن لديه علم ، وعندما فشل مخطط الكيزان في انهاء الحرب في ايام معدودة سارع اعلامهم المضلل الذي أعد وسائله وآلياته لتغبيش الحقائق والهجوم علي الحريه والتغيير وتحميلها مسوؤليه اشعال الحرب ، حيث ظل المجلس المركزي علي اتصال مباشر مع قيادة الجيش والدعم السريع وعقد اجتماعين منفصلين معهما ، وتشكيل لجنه مشتركه للتهدئه ونزع فتيل الأزمه والتوتر الذي نشب في منطقه مروي علي ان يتم بعدها سحب القوات من العاصمه ، ثم تواصلت الجهود مع المجتمع الدولي وقيام منبر جدة والتمسك بشعار لا للحرب ، تظل الأوضاع الانسانيه والأمنيه بالغه الخطورة لدي المدنيين في الاحياء السكنيه والمحاصرة والقتال يدور ولأول مرة داخل العاصمه والمدن والشوارع والدعم السريع يتواجد في المواقع الحساسه ، وانتقال الحرب من الدفاع الي الهجوم وباستخدام اسلحه غير تقليديه ، مع تكافؤ القوي القتاليه للطرفين الذي يجعل الحسم العسكري بعيدا والتكلفه أكبر وتوازن الضعف في الميزان العسكري يؤدي الي اطاله الحرب رغم حديث الجيش الذي يسيطر علي قرارة الاسلاميين عن حرب الكرامه والقضاء علي الدعم السريع والحرب الوجوديه والاصرار والتعنت في مواصله الحرب ورفض اي مبادرات لايقافها وقيام سلطه الأمرالواقع في الولايات التي تقع تحت سيطرة الفلول ، بحل لجان الحريه والتغير ولجان المقاومه والخدمات في الولايات وايواء النازجين وبحملات واسعه لاعتقال السياسيين والناشطين والاعلاميين والصحفيين وصدرت بحقهم احكام واودعوا السجون والمعتقلات مع أسري الحرب ، وصدور مذكرات الاعتقال بحق حمدوك والقادة السياسيين والمدنيين ، لذلك يجب ان لا تكون هذة الحرب مكأفأة للاسلاميين والتاريخ لن يعود الي الوراء ، تطاول انتهكات وجرائم الدعم السريع اكثر مليشيات النظام البائد عنفا ودمويه بالقتل والنهب والسرقه والترويع والفظائع والأغتصاب ، والاعتداء الجنسي في الجزيرة ودارفور وقبلها في العاصمه ومدن ومناطق مختلفه ، وتزايد وتضاعف معاناة المواطنيين مع توقف الانتاج الزراعي والصناعي والتعليم وتدمير المستشفيات والمرافق الحيويه ، والاسواق والمصانع والبنوك والخدمات الاجتماعيه والبحث عن الخبز وانعدام الغذاء والدواء ومصادر الدخل وانقطاع خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات ، والنت وانتشار الكوليرا وحمي الضنك والحصبه والملاريا.
الصراع والحرب في السودان تدفعه وتغذيه اطراف محليه وأقليميه ودوليه ، من خلال دعمها لطرفي الحرب لزعزعه أمن واستقرار السودان ، والاستيلاء علي الموارد والثروات والأراضي والمؤاني، والموقع الجيواستراتيجي الذي يطل علي البحر الأحمر ويعبر الي القرن الأفريقي وشرق افريقيا وقناة السويس وباب المندب ، قوات فاغنر الروسيه تدعم الدعم السريع وتقوم بتدريب قواته والمشاركه في العمليات العسكريه وتهريب ذهب السودان ، وأكرانيا تدعم الجبش بالسلاح والمسيرات والجنود ، والدور الأيراني والتركي الذي يقف مع الجيش ويدعمه بالاسلحه المتطورة والمسيرات، وهنالك اطراف اقليميه تدعم الجبش وايضا الدعم السريع ، وتسهل تشاد وافريقيا الوسطي وليبيا مرور السلاح والعتاد والذخائر مع تجنيد المرتزقه للدعم السريع والوقود من جنوب السودان وفق خبراء الأمم المتحدة ، كما ان الدخول علي الخط الايراني في ظل التوتر والصراع في البحر الحمر ، وابعادة الأقليميه والدوليه وتشابكات الجماعات المواليه لايران علي خلفيه حرب غزة ، يمكن ان تقود السودان الي مواجهه مع الغرب وأمريكا ، باعتبار البحر الأحمر أهم ممر بحري ورابط لأوربا مع آسيا والمحيط الهادي والتجارة العالميه وموقع مهم في ظل المنافسه العالميه ، والحرب المفتوحه في السودان ودخول أطراف أقليميه ودوليه يمكن ان تحولها الي حرب أهليه شامله ، وساحه للاحتراب والفوضي وانتهاكات القانون الدولي والانساني واستممرارها الي ستوات عديدة ، واحتضان السودان الي بؤر الارهاب والجماعات المتطرفه والأسلحه والهجرة غير الشرعيه والاتجار بالبشر والجريمه العابرة للحدود ، وتجارة المخدرات وكافه النشاطات غير المشروعه بين منطقه الساحلل وشمال افريقيا وجنوب الصحراء الكبري ، والعالم مشغول بحرب أوكرانيا وغزة والمناوشات بين اسرائيل وايران والتوتر والتصعيد في البحر الاحمر ، المبعوث الامريكي توم بيريلو أكد علي ضرورة مشاركه الأمارات ومصر والايغاد والاتحاد الافريقي ، في جوله المباحثات المرتقبه بين الجيش والدعم السريع في السعوديه ، خلال الاسابيع القادمه كما اعلن ، بناء علي البنود التي احرز فيها الطرفان تقدما والتي تواجه صعوبات وتحفظات من جانب الجيش في الظرف الحالي ولاعتقادة بتحقيق تقدم علي الأرض ، وهذا ما يتعارض مع انهاء الحرب وحل الأزمه ما لم تشارك فيها كافه الأطراف ذات الصله بالصراع بجديه وفعاليه، قبل تحولها الي حرب أقليميه متعددة الأطراف ونزاع وصراع اقليمي ، بالرغم من مؤتمر باريس الذي كسر الصمت حول السودان ودفعه الي الواجهه اما المجتمع الدولي ، وقام بتوفير ما يعادل 2 مليون دولار لتوفير الاحتياجات الانسانيه ، بحضور 20 دوله من المحيط الأقليمي والدولي وتوقيع اعلان مبادي لايقاف الحرب في السودان وكلمه الرئيس ماكرون كانت مؤثرة ومعبرة ((جوهر هذه الحرب هي أنها حرب ضد الثورة وقواها ومشروع الانتقال المدني الديمقراطي في السودان ، ومفتاح الوصول لسلام مستدام هو بناء دولة مدنية ديمقراطية تعبر عن كل مكوناتها بعدالة ولا تستخدم فيها البنادق كوسيلة للوصول للسلطة أو الثروة)) ما يجري في السودان يشكل مشكله استراتيجيه وفقا لموقعه علي الساحل ، مؤكدا وجود مباحثات غير رسميه جاريه والمصلحه المشتركه في الاستفادة من وجود سودان ديمقراطي في ظل انتقال مدني شامل وقبل ان يخرج الوضع عن السيطرة ويتحول الي سيناريو أسوأ ، مسار منبر جدة مسار مختلف أكد علي ضرورة ايقاف الحرب وعدم مشاركه طرفي الحرب في المرحله الانتقاليه، ومحاسبه طرفي الحرب علي الجرائم والانتهاكات التي قاموا بها ، بالاضافه الي العودة الي المسار المدني الديمقراطي والانتقال الدستوري المواقف والجهود الأقليميه الدوليه متباينه وغير متفقه من أطراف في معادله الصراع حول الملف السوداني ، ووضع حد للقتال في ظل التسابق والتنافس علي المصالح والنفوذ وهذا الانقسام لا يعزز من استخدام البند السابع لحمايه المدنيين ووقف العنف والأعمال القتاليه ، بالاضافه لغياب ادوات ووسائل آليات الضغط والترغيب والقدرة علي فرض الشروط علي الطرفين باستخدام الملاحقه القانونيه وعدم الافلات من العقاب والانتهاكات، والكوارث الانسانيه وجرائم الحرب والتطهير العرقي ، ومسؤوليه طرفي الحرب في الانقلاب واجهاض التحول الديمقراطي، وانهيار الوضع الأمني عبر المزيد من استخدام وسائل الحرب للتمدد العسكري ، ومخاوف الانقسام والتفكك وتطاول الحرب في السودان وتداعياتها الاقليميه والدوليه وعلي المنطقه ، ادانه الانتهاكات والتجاوزات وجرائم الحرب المروعه التي ارتكبها مجرمي الحرب ، وكشف وفضح هذه الممارسات الوحشيه ووقف الحرب ، في اطار قواعد واسعه وعريضه وصلدة ، بتراص صفوفها وتوحيد ارادتها النضاليه وتطوير مواثيقها والتوافق حولها ، واسنهاض حركه الجماهير وشحذ همتها وارادتها ، بابتداع كافه الوسائل والاشكال للعمل المدني السلمي لوقف الحرب واسترداد الثورة وقيام الحكم المدني الديمقراطي.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة