شركات نشيطة في الشحن البحري صوب المغرب تعتزم زيادة رسوم الخدمات
تعتزم بعض الشركات النشيطة في مجال الشحن البحري من الموانئ الفرنسية تجاه موانئ دول شمال إفريقيا، بما فيها تونس والمغرب والجزائر، الرفع من رسوم خدماتها؛ وذلك بفعل ما عزته إلى التغير الطارئ في أسعار المواد الطاقية على مستوى السوق العالمية.
وحسب ما ذكرته المجلة الأمريكية للنقل، فإن من بين الشركات المعنية بالأمر شركة “CMA CGM” الفرنسية الرائدة في مجال النقل البحري، التي أوضحت أنها تعتزم تعديل بنك الرسوم الخاص بعمليات الشحن من وإلى دول المغرب وتونس والجزائر، ابتداء من فاتح ماي المقبل.
ووفقا لجدول الأثمنة الذي كشفت عنه الشركة بنفسها، من المرتقب أن يطرأ تغيير على رسوم الشحن لفائدة مختلف الأصناف، حيث يُنتظر أن تتراوح الرسوم الجديدة ما بين 35 و646 أورو؛ وهو التغيير الذي يهم كذلك الشحن صوب تونس والجزائر.
وأمام سياق جيوسياسي متسم بالتعقد خلال الفترة الحالية، يُذكّر هذا التغيير في الرسوم بالأزمة التي عاشها العالم بعد نهاية فترة الجائحة، حيث تضاعفت وقتها هذه الرسوم أربع مرات؛ وهو ما تهدد بالعودة إليه التقلباتُ الأخيرة، خصوصا على مستوى البحر الأحمر، والذي دفع شركات الشحن إلى الرفع من الرسوم بعد ارتفاع تكاليف التأمين.
في هذا الإطار، قال ياسين اعليا، خبير اقتصادي، إن “ارتفاع كلفة النقل والشحن البحريين قد يعيدنا إلى السيناريو الذي عشناه خلال أزمة كورونا؛ ولو أن الارتفاع الحالي المرتقب لن يكون بنفس الحدة التي كان عليها بداية سنة 2020 وما بعدها نتيجة اختلاف الظروف والعوامل الاقتصادية وكذا الجيوسياسية التي تتحكم في تحديد التكاليف على هذا المستوى”.
وأضاف أعليا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “ارتفاع هذه التكاليف قد يصاحبه على الأغلب ارتفاع في أسعار العديد من المواد في الأسواق الوطنية، خاصة المواد التي لا يتم إنتاجها محليا”، مسجلا أن “أي رفع من كلفة النقل والشحن سيؤثر سلبا على معدل التضخم في المملكة؛ وهو ما سيتحمله المواطن المغربي من موقعه كمستهلك أخير”.
وأورد الخبير الاقتصادي ذاته أن “ارتفاع كلفة النقل البحري مرتبط أساسا بارتفاع كلفة التأمين التي تؤديها الشركات لعبور الممرات والمعابر البحرية”، مستبعدا في الوقت ذاته “تأثر أسعار الطاقة بهذا التحول على مستوى الكلفة، حيث إن التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط على غرار الهجوم الإيراني على إسرائيل وإن كان متوقعا أن تساهم في ارتفاع أسعار النفط الخام، إلا أن ذلك لم يحدث مطلقا واستمر سعر الخام في الاستقرار في الأسواق النفطية العالمية”.
من جهته، قلّل إدريس العيساوي، محلل اقتصادي، من تداعيات قرار رفع رسوم الشحن، حيث أوضح أن “الزيادات المرتقبة في تكاليف الشحن من الموانئ الفرنسية إلى دول شمال إفريقيا، بما فيها المغرب، لن يكون بالحدة التي شهدناها خلال الفترة التي تلت موسم كورونا بعد أن تضاعفت تكلفة الشحن لأربع مرات، إذ نظل هنا أمام اختلاف السياقات”.
ولفت العيساوي، في تصريح لهسبريس، إلى أن “المسافة بين المغرب وفرنسا ليست بالطويلة كالمسافة بين المملكة والصين؛ وبالتالي يصعب الوصول إلى السيناريو الماضي، على الرغم من كل القلاقل والتغيرات الجيوسياسية التي فرضت نفسها خلال الآونة الأخيرة، خصوصا بمنطقة الشرق الأوسط”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “المغرب يعتمد بشكل كبير على الشحن البحري، سواء في واردته من الخارج أو صادرتها إلى الدول الأخرى؛ وهو ما عززه ميناء طنجة المتوسط الذي يعد بوابة المغرب البحرية نحو العالم”، موردا أن “تأثير التطور المرتقب في الرسوم سيكون محدودا بالنسبة لدول المنطقة، لأن الوصول إلى درجة التأثير الكبرى تستوجب وجود مجموعة من العوامل التي كانت سائدة في وقت سابق”.
المصدر: هسبريس