اخبار المغرب

صرف الدعم الاجتماعي المباشر يسائل إمكانية القضاء على ظاهرة التسول

بالرغم من الرفض المجتمعي الواسع، تواصل ظاهرة “التسول المهني” الاستفحال في المجتمع المغربي واتخاذ أشكال أكثر خطورة، لاسيما انخراط العديد من ممتهنيه في شبكات إجرامية تعمد إلى استغلال الأطفال والاحتيال على المواطنين بادعاء مختلف الأمراض.

وبالرّغم من أن الكثيرين يعتبرون أن من بين المتسولين من تدفعهم الحاجة إلى هذه الممارسة، فإن أغلب المغاربة يؤيدون منع الظاهرة، الأمر الذي تؤكده نتائج استشارة مواطنة أنجزها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والتي أظهرت تأييد 70 في المائة من المشاركين فيها منع التسول.

ويمكن ملاحظة تزايد الدعوات لمنع التسول في الآونة الأخيرة، لاسيما بعد إطلاق الحكومة الدعم الاجتماعي المباشر المستهدف للفئات المعوزة، الأمر الذي يراه الكثيرون مبرراً لتشديد الخناق على المتسولين.

ويرى مراد زبوح، محام بهيئة وجدة، أن نسبة كبيرة من المتسولين يتّخذون التسول “مهنة توفر مدخولا يوازي أو يتعدى الأجر الشهري لعدد من الموظفين في قطاعات حكومية، فضلا عن أنه صار عادة اجتماعية، تفاقُمها لا يعكس بالضرورة الوضع الاقتصادي بقدر ما يعكس قبول المجتمع بها واحتضانها والتسامح معها”.

ونبّه زبوح، في تصريح لهسبريس، إلى أن المغرب “يتصدّر الدول العربية من حيث عدد المتسولين، بناء على أرقام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2019، وتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب 2007، بالرغم من تصدّي المشرّع لهذه الظاهرة من خلال فصول القانون الجنائي 326 و327 و328”.

وأضاف أن الدعم الاجتماعي المباشر وحده “لا يمكن أن يوقف أو على الأقل يقلل ظاهرة التسول في المغرب “، معتبراً أن “هذا الدعم حلقة من حلقات مترابطة قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي فيها توصياته المهمة، والتي يجب على الحكومة التفاعل معها بما يكفي من الجدية والصرامة، لاسيما أن بلادنا ستكون قبلة للعالم خلال نهائيات كأس العالم لكرة القدم”.

من جانبه، يعتبر إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية لحقوق الإنسان، أنه “بالنظر إلى أن فئة واسعة من المتسولين هم من الفئات الهشة، فإن الدعم الحكومي المباشر غير قادر على إعالة أسرة مكونة من 3 أو 4 أفراد، وتبقى المبالغ المقدمة غير كافية”.

وأضاف السدراوي، في تصريح لهسبريس، أن “مقاربة معالجة ظاهرة التسول يجب أن تستند أولا على التعويض عن الفقر بشكل منصف وعادل وموازٍ للحد الأدنى للأجور”، مشيراً إلى أنه في “هذه الحالة يمكن أن نوازي هذا الدعم بتشديد العقوبات على ممارسة التسول”.

وبالرغم من أنه لا يتّفق مع اتخاذ الكثيرين التسولَ مهنةً مدرة للربح، يرى الفاعل الحقوقي ذاته أن معالجة ظاهرة التسول “تقتضي معالجة الفقر والهشاشة ودعم الفئات المعوزة لمواجهة ظروف الحياة، التي أصبحت صعبة حتى على الفئات المتوسطة”، داعياً إلى “فتح حوار مجتمعي حول ظاهرتي الفقر والتسول وغياب العدالة الاجتماعية وما يترتّب عن ذلك من ظواهر مجتمعة مسيئة للبلد”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *