التخويف من تحديث مدونة الأسرة ينبني على معطيات غير دقيقة
انتقد المفكر والكاتب المغربي مليم العروسي الخطاب الذي يتبناه “التيار المحافظ” في المجتمع المغربي بشأن تعديل مقتضيات مدونة الأسرة، معتبرا أن تحذير هذا التيار من أن “تحديث” المدونة سيُفضي إلى انهيار منظومة القيم التي تؤطر المجتمع المغربي مبني على استنتاجات غير دقيقة.
وفي تحليله للخطاب الرائج في سياق تعديل مدونة الأسرة اعتبر العروسي، وهو من أبرز المشتغلين على الخطاب الثقافي، في دردشة بثتها المنصة الثقافية “إعلام ومواطنة”، أنه كلما ظهر موضوع المرأة “هناك تيارات محددة تحاول أن تعارض التجديد، وتعارض تغيير بعض مضامين المدونة، بتخويف الناس من المستقبل، ومن انهيار المجتمع، وانهيار المنظومة القيمية”.
وبينما تلجأ “التيارات المحافظة” إلى التحذير من أن إدخال مزيد من الإصلاحات ذات المضمون الحداثي على مدونة الأسرة، التي رفعت اللجنة المكلفة بمراجعتها تقريرها النهائي إلى الملك للبتّ فيه، سيُفضي إلى انهيار مؤسسة الأسرة، وانهيار القيم، كما حدث في الغرب، أورد العروسي أن “الغرب لم تنْهرْ فيه القيم، فمازالت هناك قيمة الأسرة”، مردفا: “طبعا هناك احترام للفرد، لكن الفرد عندما تحترمه فهو يتشبث أكثر بعائلته وبثقافته وبهويته”.
وذهب المتحدث ذاته إلى القول إن الذين يتحدثون عن انهيار القيم في المجتمعات الغربية “لا يعرفون الغرب ولا يعرفون ما هي القيم الأساسية التي تأسس عليها، والتي هي في المُجمل الحرية والعدل والتضامن والمساواة، وبالتالي فهم يخوّفون الناس من أن المستقبل سيكون مظلما إذا حاولنا أن نغيّر نص مدونة الأسرة، الذي أصبح بالنسبة لهذا التيار شبه مقدس”.
واعتبر الكاتب المغربي أن نص مدونة الأسرة “أُسّس في بداية الاستقلال (مدونة الأحوال الشخصية سابقا)، وتم تغييره، وسيخضع للتغيير باستمرار، ولا داعي لتخويف الناس بأشياء هي ربما غير دقيقة”.
ويرى العروسي أن “وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تتوزع على اتجاهين، الأول يبحث عن ‘الترند’ و’اللايكات’، ولهذا يبسّط وربما يذهب في بعض الأحيان إلى الابتذال والبذاءة أيضا، وهذا يخلق دينامية تقصي كل فكر دقيق وجدّي، وكل فكر يريد أن يبني؛ والاتجاه الثاني متمترس داخل قلعة تقليدانية تحاول أن تتشبث لمصلحةٍ ما لا نعرف ما هي”.
وأردف المتحدث بأن “النقاشات في مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تُظهر لنا كيفية تشكيل توجهات المغاربة وتعاملهم مع قيمهم وسلوكياتهم كمواطنين، بالإضافة إلى قدرة الثقافة على التأثير وتحويل المجتمع من خلال المشاركات الفكرية والنقدية، التي تخاطب المستقبل، وليست تلك التي تحاول أن تفرمل المجتمع”.
وشدد المفكر ذاته على أن “دور وسائل الإعلام في الثقافة، أو دور الثقافة في وسائل الإعلام، يجب أن يؤخذ بشيء من الجدية والدقة، لأن دور وسائل الإعلام الثقافية، من تلفزيون وسينما ومسرح وشبكات التواصل… في المجتمع هو تفكيك الصور النمطية والتجاوزات والرسائل الخفية التي تنقلها هذه التمثلات بوعي أو غير وعي، وتأثير ذلك على إدراك الانتماء والمواطنة في المجتمع، من قبيل سؤال المساواة بين الجنسين، والاعتراف بالآخر، أيا كان توجهه العقدي والفكري والجنسي…”.
المصدر: هسبريس