صناعة الموت! حرب المسيرات
ما حدث من هجوم بالمسيرة على افطار كتيبة البراء بن مالك، إيذانا بان الحرب اللئيمة، دخلت مرحلة جديدة في استخدام المسيرات لتصفية الحسابات الخاصة بين الفصائل المتحاربة، وهي نوع من المعارك التي لا ينجو من سوء حصادها العسكريون او المدنيون، في جو تعددت فيه الكتائب التي لا تخضع لخطط الجيش.. وفي ذات الوقت تظهر بيانات ومخاطبات عامة تبرز صراع القادة العسكريين حول شأن إدارة المعارك، ودعم تلك المليشيات واخضاعها للنظم العسكرية، وقد انقسم رأيهم حول هل تظل هذه المليشيات في حياض الجيش، او تكون مستقله عنه فتصبح هي الخطر القادم! فبحسب تصريحات الفريق ياسر العطا ومساعد القائد العام شمس الدين الكباشي، التي تبتعد عما سمي بمعركة الكرامة، لتتحول الى صراعات عسكر معلنة ستجني منها البلاد التمزق وضياع الوطن.. أنها حرب المليشيات جهادية، التي تجذب المحاربين الأجانب الذين تستهويهم الشعارات الجهادية الاستشهادية، ويستهويهم أيضا استخدام أنواع المسيرات الانتحارية، التي تصيب الهدف وتنفجر فيه، وهي بدورها تحصد تلك الجماعات المستنفرة البريئة والمضللة باسم الدفاع عن الوطن.
ولقد تحولت شعارات تلك الكتائب لتكون ليس حرباً على الدعم السريع، بل توسعت لتشمل جميع المدنيين الذين لا يحملون سلاح في المعركة، من قوي الحرية والتغيير، وجبهة (تقدم) وجميع المواطنين الرافضين للحرب، حتي ان النائب العام الفاتح طيفور في حكومة علي كرتي الفلولية، اصدر بلاغاً ضد قيادات (تقدم) تنسيقية القوي الديموقراطية والمدنية، وامر وكيل النيابة الأعلى، بالقبض على رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك وخمسة عشر من قادتها. يرمونهم بتهم التسبب في تبعات حرب عجز الجيش الذي يتولى زمام الحكومة منفرداً منذ انقلاب البرهان 25 اكتوبر 2021 من حسمها في سويعات، أو أسبوع او أسبوعين، بحسب تصريحاتهم.
فالكتيبة التابعة للحركة الإسلامية صارت لواء، تم تعميد صاحبها المصباح أبو زيد من الجنرال البرهان ومن قادة الجيش، لتقاتل الدعم السريع! الذين يقوضون اركان الدولة فعلياً بطبيعة تكوينها. فبدلا من تواجدها في المعارك في الجزيرة حيث التهجير القسري، والترويع، والقتل للأبرياء والانتهاكات الإنسانية، والدمار الشامل بواسطة تلك القوات التي بلا وازع أخلاقي، ولا قيمي يضبطها، ولا قيادة راشدة تحاسبها، انفلات لا شبيه له، يقع على كاهل أناس لم يعرفوا طوال تاريخهم سوي صناعة الحياة البسيطة الخيرة، والرضا بعطائها.
لقد هرب قائد الكتيبة من الجزيرة، ثم شوهد في صالة (الخلود) بعطبرة يرتدي سترة واقية من الرصاص، يحتفل بصناعة الموت واستمرار الحرب (لواء البراء بن مالك الذكري السنوية لمعركة الكرامة) إفطار فخم الطعام، بإزاء طعام جنود الجيش وصغار العسكر! وجميع الناس بطول البلاد وعرضها يتضورون من الجوع، وبأزمة لا مثيل لها عالمياً، إفطار حصاده قتل 12 شخص واصابة 30 بجروح حين خرج قايد اللواء امنا بعد مغادرته الموقع! الشاهد هي مليشيات تعددت الويتها تنتحل أسماء الصحابة الاجلاء، لاستغلال قلوب المحبين للدين للانضمام لركابها، ثم هي عجزت طوال عام حربها عن صد هجوم او كسب معركة؟
ان الذي يدور في البلاد هو مواصلة لتجارب اخوانية في تمديد صناعة مليشيات خارجة من رحم الجيش تملك السلاح والعتاد والتمويل الخارجي، بعون من مليشيا الجيش التي كثفت حملات حرب المسيرات التي حصدت أرواح المواطنين في دارفور والخرطوم، ثم أوقف العديد من القنوات الإخبارية مثل الحدث وسكاي نيوز عربية، بحسب ماورد عن نقابة الصحفيين السودانيين 3 ابريل 2024 التي اكدت علي ان هذه الإجراءات سوف تزيد وتيرة الكراهية والعنف وهي نفس أساليب حكومة الاخوان المسلمين السابقة في التغطية علي جرائمها ضد المدنيين العزل ، كما اعتادت علي قطع خدمات الانترنت ابان التظاهرات السلمية في ثورة ديسمبر ومذبحة القيادة العامة.
ان الحرب في البلاد فريدة في أصلها من حيث ان القوتين المتصارعتين، الجيش والدعم السريع، عجزتا عن فتح ممرات إنسانية لتوصيل المساعدات للجوعى والمرضي والمحاصرين، وتمدد عجزها في تحقيق نصر يصد تفتيت البلاد الي دويلات مهان انسانها ومستباحة مواردها. ثم لا يحل مشكلة السودان الا السودانيين أنفسهم.
المصدر: صحيفة الراكوبة