العملة الرقمية ! هل جاء وقتها؟
• العملة الرقمية ، ستشهد تحولا كبيرا وسيتم تداولها عبر منصة شبكة التواصل العالمية بين البنوك. اسوفتSWIFT.
• هل سيواكب بنك السودان العالم ، باصدار عملته الرقمية؟
• ليتخلص من تكاليف الطباعة وتزوير العملة.
اسماعيل ادم محمد زين
يبدو مفهوم العملة الرقمية ، كأمر يستعصي فهمه! خاصة مع جهلنا باسرار العملة الورقية! وآلية عملها كوسيط للتعامل واكتسابها لقيمتها بحركتها الدؤوبة بين الايدي وحبسها في خزائن البنوك ، والقيمة الكامنة فيها. علاقة العملة بالعمل والثروة ، اذ العمل يصنع الثروة ، ولا عمل الا بما يقابله من مال ، كثير يجلب الرضا او قليل يصبح مدعاة للسخرة.
عندما يدعو بعض الناس لتغيير العملة وطباعة عملة جديدة ، لا يري فيهم البعض الا ناقمين علي اصحاب الثروة ليسلبوها ، وهو امر تبنته الانقاذ خلال مسيرتها غير الميمونة ، حينما صرح حمدي ومساعده صلاح كرار عند اقدام الانقاذ علي تغيير العملة في عام1991م ، عندما اعلن عن اهدافه في تغيير العملة ، فقد رصد ، اللصوص والمهربين كاهداف لاخذ اموالهم في زمن يصعب جدا التمييز بين اللص والمهرب والتاجر الصدوق. اذ يسعي الجميع وراء المال وبكافة الوسائل.
حينما يزعم البعض بان طباعة العملة ، ادت للتضخم وارتفاع الاسعار ، بينما يجهلون حجم العملة الذي يحدث حركة وجلبة في الانتاج وتحريكا للاسواق ويحقق رضا المواطن! تري ما هي المعادلة التي يمكن للبنوك المركزية ان تحدد بها حجم العملة؟
علي كل حال وقبل ان نفهم التعامل المثالي مع العملة الورقية ، بدأ ادخال العملة الافتراضية او العملة الرقمية ومن المدهش يتم تداول العملة الرقمية منذ سنوات ومن قبل رواد أعمال ، قاموا بادخالها بما يشبه السندات او الاسهم. عرف الناس السندات منذ سنوات قليلة ، حينما تم ادخال ما عرف بشهامة ولم يكتب له النجاح ، ولم يحقق الاهداف المنشودة. وعند اشتداد ازمة نظام الانقاذ بدأ الحديث عن سند اطلقوا عليه كلمة رنين وقد وعدوا بان يتم ربطه بالذهب ضمانا لنجاحه ! ولكن لم يسعف الزمن حكومة الانقاذ الاخيرة. ولم نسمع رنين الذهب! .
لقد مارس اهل السودان نظاما او مفهوما يمكن ان نطلق عليه كلمة عملة افتراضية وذلك عندما لجأ الناس الي ارسال الاموال عن طريق الموبايل! وقبلها حينما بدأ شراء الرصيد لشحن الموبايلات ! حينها ادرك الناس امكانية تداول النقود في شكل كروت الشحن والتي كانت جميلة وجذابة ومكلفة ، ومن بعد اصبحت تباع في قطعة ورق ومن بعد في شكل رسالة توضح حجم المال الذي دفعته . والذي يمكنك ان تعيد ارساله الي اي شخص في اي مكان تصله شبكة الاتصالات! وهي في حقيقة الامر عبارة عن عملة رقمية! اذ تتم معرفتها وحمايتها برقم خاص لا يتكرر وهو الكود. ولا ينقصها الا تصميم مماثل للقطع النقدية! اذن ما تقوم به شركات الاتصالات ما هو الا طباعة للعملة في شكل جديد! ولكل شركة رسالتها المعروفة لتحويل الرصيد. لقد سبق المواطن الدولة في ادخال العملة الافتراضية بتداوله لمبالغ تحويل الرصيد وبدأ الناس في قبولها للتسوق او فيما بينهم. وجاء تدخل بنك السودان ليحدد سقفا لحجم التداول ، وسرعان ما بدأ يزيد في حجم المبالغ المتداولة! اذ لم يدرك مسؤوليه فائدة هذا التعامل! فهو يغني عن طباعة العملة ويوفر في تكاليف الطباعة بالحد من تلف العملة المتداولة في شكل ورقي! كما يحقق هذا التعامل احد الاهداف التي كان يسعي اليها بنك السودان! وهو ادخال العملة الي النظام المصرفي! وهو امر يتحقق هنا جزئيا ، عندما يتم ايداع الاموال من قبل شركات الاتصالات او الافراد في حساباتهم المصرفية.
من العملات الرقمية او الافتراضية ما عرف بالبت كوين.Bit coin كلمة بت Bit في لغة الكمبيوتر معروفة ومنها أشتق الاسم. تبلغ قيمتها حاليا اكثر من 60000 دولار للقطعة الواحدة. وهي قطعة جميلة لا يمكنك حملها بين اصابعك! تراها علي شاشة الكمبوتر او الموبايل. وتتعرض قيمتها للهبوط والصعود بشكل متقلب وسريع ، كما يصعب التنبؤ به!نجد الآن من يتداولون هذه العملة ويصنعون ثروة او قد يخسرونها! نتيجة لذلك الارتفاع او الانخفاض! وعلي كل حال تجد العملة الرقمية قبولا ، مما دعا البنك المركزي الدولي للمقاصة BIS للنظر في تنظيم التداول في العملة الرقمية. في بعض دول الجوار ، مثل السعودية ، تم تحقيق ارباح فاقت الثلاثمائة 300 مليون دولار!
كما تجري اسوفت SWIFT تجارب ، امتدت لستة شهور ، شملت 38 عضوا من البنوك المركزية والمؤسسات المالية للتأكد من ان عملات الدول الرقمية المختلفة يمكن استخدامها معا ، حتي لو تضمنت تكنولوجيا او بروتوكولات بما يحد من تكلفة مخاطر الدفعيات او التبادل. كما وضحت امكانية استخدامها في عمليات التجارة المعقدة او التحويلات والدفعيات الاجنبية وبما يمكن من اتمتتها ، اي جعلها الية فيما يتعلق بالسرعة وتقليل تكلفة العمليات.
ومن المتوقع خلال العام او العامين المقبلين ان يعمل نظام الرسائل العالمي بين البنوك اسوفت SWIFT لربط العملات الرقمية التي يجري تطويرها بالنظام المستخدم حاليا. بما يدفع العملة الرقمية الي الامام. حيث تقوم حوالي 90 دولة باصدار عملتها الرقمية. وهي لا تريد ان تترك في الخلف! لقد ادخلت بعض الدول عملاتها الرقمية ، مثل نيجيريا ، البهاما ، وجامايكا. ينما تقدمت الصين كثيرا في تجارب عملة اليوان الرقمي! كما يسعي البنك المركزي الاوروبي الي ادخال اليورو. لذلك الأمل ان يواكب بنك السودان هذه الثورة. لقد تأخرت البلاد كثيرا في فنون التداول في العملة الورقية كما تخلفت في نظم السندات المالية والمشتقات المصرفية. علينا ان ندرك اهميتها ، فهي كما ذكرت لا تكلف في الطباعة او تداولها. ولعل المواطن لمس وادرك اهمية التعامل بالعملة عبر الموبايل. خلال هذه الحرب. لقد اعتمدنا علي الموبايل في تحويل الجنيهات. ايضا دعوة لربط البلاد بشبكة استار لينك Star link للمساعدة في تعزيز الاتصالات في كافة انحاء البلاد وباقل تكلفة ، وذلك بالتعاقد مباشرة مع شركة اسبيس اكس، مثلما فعلت اسبانيا. علينا ان نسرع في هذا المجال ايضا وننظر لمصلحة البلاد العليا ولمصلحة المواطن. المستقبل للتواصل عبر الاقمار الصناعية. علي الدولة الا تتخلف وراء المواطن ، اذ الناس حاليا يستخدمون استار لينك وقد فهم الدعم السريع في مناطق سيطرته هذا الأمر وترك نهب الموبايلات الذكية ، ليحصل علي الاموال من الرسوم التي يتحصلها. من المفارقات قيام برهان بتوزيع بعض اجهزة استار لينك في ام درمان! بدلا من السعي للتواصل مع الشركة لربط كافة انحاء البلاد. وعلي السلطة الابتعاد عن التجارة والا تنظر لمصالح شركات الاتصالات او منسوبيها. اذ نجد العقيد الفاتح عروة علي راس شركة زين! بينما المقدم عبدالباسط يسيطر علي ام تي ان.MTN ويجلس في مجالس ادارات شركات اخري! . نحتاج الي قيادة رشيدة وحكم ديموقراطي ، ان اردنا نهضة البلاد.
المصدر: صحيفة الراكوبة