مع الكباشي على الماشي
بسم الله الرحمن الرحيم وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد.
ويستمر مسلسل أحاديث فرقآء اللجنة الأمنية العليا لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) الرمضانية المسلية ، فهاهو الفريق (أركان حرب) شمس الدين كباشي الذي بدأت تبدو عليه مظاهر الصحة والعافية والحيوية يخرج حآئماً يخاطب تخريج دفعة من قوات حركة ”تحرير“ السودان جناح ”القآئد“ أركو منو مناوي في مدينة القضارف في شرق السودان…
وضمن حديثه وصف الفريق كباشي حدث تخريج جنود حركة ”التحرير“ بأنه (نوعي و فريد) و(إضافة نوعية جديدة) ، مما أعاد أذهان الشعوب السودانية إلى أجوآء وأيام فات عليها زمان ، أيام رجعت بالشعوب السودانية الصابرة المكلومة إلى حفلات تخريج ”أشاوس“ الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) من معسكرات كانت تحيط بالعاصمة المثلثة إحاطة السوار بالمعصم…
وقد كادت إستهللات كلمات التخريج أن تتشابه/تتطابق مع أحاديث قادة القوات المسلحة في حفلات تخريج الجنجويد (الدعم السريع) إبان الفترة الإنتقالية من حيث محتوى الخطاب الكيزاني المعهود والتكبير والتهليل وصيحات الحماس وكذلك النظارات الشمسية ذات العلامات التجارية التي تقي عيون القادة العسكريين إشعة شمس بلاد السودان الحارقة المسببة للمياه البيضآء ، ولكن الفارق الملاحظ هذه المارة كان في: إستخدام عبارة (التَّدبِيل) ورفع علم حركة تحرير السودان الذي يطابق علم بلاد السودان ما قبل التغريبة/التعريبة النميرية وحضور القآئد الجنرال (أركانتمرد) المارشال/الكومرد مَنِّي أَركُو مَنَّاوِي الرافض لديمقراطية الشوآذ جنسياً وغياب الفريق (أركانخلا) محمد حمدان دَقَلُو (حِمِيدِتِي)…
في نهايات الخطاب أخبر الفريق كباشي ”الجنود“ المتخرجين من بتاعين الحركات المسلحة ، التي تمردت ورفعت السلاح يوماً ما في وجه السلطة والدولة والقوات المسلحة السودانية بأنهم قد أصبحوا عساكر وطلب منهم أن (يملأوا الأرانيك) تحضيراً للترتيبات الأمنية والإندماج ومنح الرتب والإستحقاقات في وقتٍ لاحقٍ…
وكان الفريق كباشي قد سبق وأحدث في مستمعيه خدراً ووهماً عظيمين وأمل عندما صرح قآئلاً بأن:
(الحرب ما أساس… الأصل هو السلام)
و أن:
(السلام من أسمآء الله سبحانه وتعالى … وأن السلام أخلاقي و رباني)
وقد أسر الفريق كباشي بتلك الجزئية من حديثه بعض/كثير من الحضور والذين من دونهم وجهات خارجية ، وذلك عندما عرج على المقاومة الشعبية والإستنفار وأقر بأنهما في حوجة إلى ضبط وسيطرة ، ثم صرح بأنهم يعملون على إصدار قوانين (شغالين في قانون) تنظم وتضبط العملية ، والغالب أن تغضب هذه الجزئية من الخطاب: كتآئب البرآء بن عازب والظل وأخوات نسيبة والفرقآء من أعضآء اللجنة الأمنية العليا الداعمين للبَل والجَغِم والمَتِك وقيادات في الجماعة والتنظيم وكذلك جداد الغرف الإلكترونية الكيزانية…
وكان الفريق الكباشي قد أعلن محذراً أن الخطر الخطر القادم سوف يكون في المقاومة الشعبية!!! ، ومنعاً للمخاطر ودرءً للفتن طالب الفريق الكباشي بجمع السلاح ممن هم خارج السيطرة والمعسكرات…
وإحساناً بالظن فأن الإعتقاد هو أن الفريق كباشي كان يقصد ويعني جماعات المقاومة الشعبية وكتآئب المستنفرين من حملة الأسلحة الثقيلة بتاعين: البَل والجَغِم والمَتِك والتَّدبِيل ، ولا يعني المقاومة الشعبية بتاعة:
سلمية سلمية… ضد الحرامية…
حرية … سلام وعدالة … مدنية خيار الشعب …
ثم أمتدت تحذيرات الفريق كباشي لتشمل السياسيين مذكراً أياهم والحضور والذين من دونهم أن المقاومة الشعبية/الإستنفار يجب أن لا تكون عرضة للإستغلال السياسي وأنها ليست بازاراً أو سوقاً سياسياً ، وأن السياسة يجب أن تمارس خارج معسكرات الجيش!!!…
وعندما يسمع المرء المحايد القادم من كوكب زحل مثل هذه الفقرة الرصينة من حديث الفريق كباشي عن (السياسة بعيداً عن معسكرات الجيش) فسوف يعتقد إعتقاداً جازماً أن المتحدث ليس هو ذات الضابط الصغير والكادر المتأسلم المنظم في صفوف الجماعة الذي ظهر في أول صور جماعة الإنقلاب الإنقاذي الكيزاني مصطفاً خلف قآئد الإنقلاب السياسي العميد ركن عمر حسن أحمد البشير ، وأنه لا ينتمي إلى الجيش الذي إعترف رئيس هيئة أركانه الفريق هاشم عبدالمطلب بأنه كادر متأسلم منظم يأتمر بأمر أمير الجماعة (الكيزان) ، أو أنه الجيش الذي تحقق مع قياداته العليا المتأسلمة السفيرة (أخت نسيبة) سنآء حمد العوض!!!…
بعد ذلك طالب الفريق كباشي بعدم دخول الكاميرات إلى المعسكرات ، وذَكَّرَ الجميع أنه (ممنوع التصوير) عند الإقتراب من الأماكن العسكرية ، والمنع تقليد/قانون عسكري قديم نسفته نسفاً الهواتف الذكية الجوالة ذات: الكاميرات والبِكسِلَات pixels المتعددة والمسميات والخآصيات والتطبيقات ، والمتصلة إتصالاً مباشراً بأسافير الشبكة العنكبوتية ، والمحمولة في جيوب الجند المحمولين أرضاً على ظهور المدرعات والتاتشرات والمجروسات والموتورسيكلات ، والذين يحرصون حرصاً عظيماً على القيام بدورهم الجديد كمراسلين عسكريين ميدانيين متخصصين في إنتاج اللايفات والبودكاست التي توثق جميع أحاديث وحركات وسكنات القادة والمتحركات والمعارك والإنتصارات وأدق تفاصيل عمليات: البَل والجَغِم والمَتِك والتَّدبِيل وكذلك الشَّفشَفَة…
وقد ذكر الفريق كباشي الحضور والمراقبين والذين من دونهم أن على الطرف الآخر في الحرب (المتمرد) الإلتزام بمخرجات إتفاق جدة بحذافيرها ، وأن المسألة ليست في من الذي أطلق الرصاصة الأولى في الحرب ، ولكن من هو الذي سعى وخطط ودبر لها!!!…
وكأن الفريق كباشي قد إشتم ما هو قادم في مقبل الأيام من التحقيقات والمحاسبات والمحاكمات التي تجعل المرء يتحسس رقبته وأماكن دخول وخروج النفس ، وكيف أن كثير من النزلآء قد تحدثوا عن الذباب والناموس والفئران في سجون: كوبر ودَبَك وشَالَا وزَالِنجِي وعن سخانة سجن بورتسودان…
والملفت للنظر هو إعلان الفريق كباشي في خطابه الحماسي وفي لغة لا لبس فيها إلى أنه:
(لا عملية سياسية قبل قفل الملف العسكري)
مما يوحي بأن هنالك من أعضآء اللجنة الأمنية العليا ممن لا يمانعون من (العمليات السياسية) في مقبل الأيام ، لكن الفريق لم يوضح لنا:
كيف ومتى وأين تقفل هذه الملفات؟…
وما هي الجهات التي تقوم/تشرف/تشارك/تراقب عمليات قفل الملف العسكري؟…
وما هي الجهات التي سوف تَدعِي وتلك التي تُدعَىَٰ إلى العملية السياسية؟…
خصوصاً إذا علمنا أن أعضآء آخرين في اللجنة الأمنية منقسمون ما بين الشك في وطنية سياسيين ناشطين في الشأن السوداني وساعين/جادين إلى تخوينهم ووصمهم بالعمالة والإرتهان للأجنبي وبين عدم الثقة فيهم وإنعدام الرغبة في الإتفاق معهم وأن لا جدوى من إجرآء حوارات معهم أو إشراكهم في (العملية السياسية) ، بحسبان أن الأزمة السودانية شأن سوداني خالص يخص فقط السودانيين المقيمين داخل السودان الجغرافي وتحديدا المنتمين إلى النظام (الكيزان) والقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والموازية وربما بعض من الحركات المُصَلَّحَة وجماعات: الموالين والأرزقية والطفيلية والسواقط والفواقد والمُتَشَعلِقِين (جماعات الموز)!!!..
وكان الفريق كباشي قد أكد للحضور والذين من دونهم في جزء آخر من الخطاب أنهم (شغالين في قانون) وأنهم عملياً قد بدأوا عمليات الدمج والإستيعاب والترتيبات الأمنية ، وأنهم قد (وزعوا الأرانيك) كما تم الإشارة إليه أعلاه ، وقرآءة الفقرات والأحاديث أعلاه تفيد أن الأمر في هذه المرحلة بيد العسكر وحدهم وأن السياسيين والملكية يمتنعون…
ويبدوا أن هذا هو ما يرمي إليه الفريق كباشي في حديثه ، وذلك لأنه وعلى طريقة (حدس ما حدس) الدرامية المسرحية أكد أنهم ، وأظنه يعني العسكر:
(ما جزء من السلطة القادمة … لكن جزء من الحوار السياسي … لأننا عندنا قضايا عسكرية وقضايا أمنية كبيرة جداً… ولكن لسنا متفرجين … وعلى كل القوى والكتل السياسية والمجتمعية والمدنية أن يتفقوا على وثيقة للحكم…)
ولسنا متفرجين (عدم الفرجة) قد يعني ويتضمن المشاركة وربما التحكم والسيطرة ، والأخيرين هو ما دلت عليه وأكدته النغمة الآمرة/التنفيذية/الأبوية/الوصية:
(على كل القوى والكتل السياسية والمجتمعية والمدنية أن يتفقوا على وثيقة للحكم)
وكأن الفريق كباشي لا يدري أن الأحزاب ما سميت أحزاباً إلى لتحزبها لمواقفها والكتل لتكتلها في مجموعات متباينة والفرق لتفرقها في الأرآء والأشيآء ، وأن الله سبحانه وتعالى لو شآء لخلقنا أمةً واحدةً نقوم ونقع ذي بعض!!!…
وقبل الختام ذكر الفريق كباشي الحضور الكريم والذين من دونهم أنه هنالك (سودان واحد) ، وأنهم لن يسمحوا بالتقسيم ، و أن (حكومة مدني وهم)…
والشق الأول كلام ذي العجب ، والتاني فيه لَكنَّ وإنَّ حتى ولو كان الحكم فيدرالياً ، وذلك لأن الراعي الجنجويدي غير مؤتمن وكَتَّال كُتَلَة مثله مثل جماعات: البَل والجَغِم والمَتِك والتَّدبِيل والشَّفشَفَة…
الختام:
وحتى وإن أَحسَنَّا الظن بجزئيات من أحاديث فرقآء اللجنة الأمنية العليا لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) وحرصهم على: أمن ووحدة بلاد السودان و”الحفاظ على الأرض والعرض“ وزهدهم في الحكم ورغبتهم في تسليم السلطة للتكنوقراط ثم المدنيين من بعد ذلك عبر صندوق الإنتخابات ، إلا أن الغريزة والبصيرة والتجربة والتربية تجبرنا على تذكر وعود وخيبات الفترة الإنتقالية ، وأن نستدعي قصص الثعلب الذي برز يوماً في ثياب الواعظين والراعي محمود وهجوم النمر المزعوم ، وأن نُذَكِّرَ القوى السياسية المتناطحة وأنفسنا بقصة إحتكام القطين المتخاصمين على قطعةِ جبنٍ إلى قردٍ ماكرٍ أكل كل الجبن وخَلَّا خَشُم المتخاصمين ملح ملح ، وأخيراً نذكر أعضآء اللجنة الأمنية العليا بحكاية القرد الأعمش الذي لم يحسن التعامل مع النظارة الطبية والإستفادة من ميزاتها ، وقام بإتلافها لجهله وعدم درايته…
والحمدلله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد.
المصدر: صحيفة الراكوبة