واشنطن تسعى لتسوية القضية السودانية عن طريق حلفائها وتضغط لمنع عودة الإسلاميين للسلطة
نشرت وكالة رويترز الأمريكية الصيف الماضي شهادات لثلاثة مصادر عسكرية ومصدر في المخابرات، تتحدث عن وجود الآلاف من الذين عملوا في جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني في عهد الرئيس السابق، عمر البشير، ولديهم صلات بالتيار الإسلامي الذي ينتمي إليه، ممن يقاتلون إلى جانب الجيش في الصراع السوداني، وهذا ما يعقد جهود إنهاء إراقة الدماء حسب وجهة نظر الوكالة الأمريكية.
الولايات المتحدة الأمريكية تروج دائمًا للديمقراطية وحرية الشعوب ضد الديكتاتوريات المختلفة، ولذلك دعمت واشنطن السودان بعد سقوط نظام عمر البشير الديكتاتوري، ودعمت تشكيل حكومة مدنية تحت قيادة الدكتور عبدالله حمدوك، ثم إتخذت موقف معادي للإنقلاب الذي نفذه عبد الفتاح البرهان على الحكومة المدنية، وتسعى حتى اليوم مع احتدام الصراع الدموي بين الجيش وقوات الدعم السريع، الى وضع حد لهذه الأزمات.
يرى الخبراء أن واشنطن مؤخرًا أصبحت متأكدة من ضرورة إستبعاد البرهان بأي شكل من الأشكال من السلطة في السودان، وذلك لأنه لا يخدم التحول الديمقراطي في البلاد، بالإضافة الى العلاقات القوية التي تجمعه بالإسلاميين، حتى أن الإعتقاد السائد الأن عند البعض هو أن الإسلاميين هم الذين يديرون الحرب في السودان ولديهم سلطة على الجيش والبرهان نفسه.
واشنطن لا تريد تكرار التجارب الفاشلة من التحول الديمقراطي في الدول المجاورة، حيث دعمت الإدارة الأمريكية الثورات العربية وما يسمى بالربيع العربي في كل المنطقة، ولكن في بعض الدول فشلت محاولات تطبيق الديمقراطية الأمريكية وتحولت هذه البلاد مرة اخرى الى الحكم الديكتاتوري العسكري.
وما يقلق الولايات المتحدة الأمريكية أكثر، هو التحرض الذيس يستعمله “فلول” النظام السابق ضد الأحزاب المدنية بمباركة من الجيش وقيادته.
صرح مؤخرًا القيادي الإسلامي والوزير المعروف في فترة حكم عمر البشير، محجوب حسن سعد، بأنّ كل الأحزاب السياسية التي اعتلت سدة الحكم في السودان فشلت، ولذلك يجب إبعادها، وفق صحيفة (التغيير).
وتحدث بهذا الصدد رئيس المقاومة الشعبية بشندي في ولاية نهر النيل قائلًا: “نتطلع عبر المقاومة الشعبية لوضع خارطة طريق جديدة للبلاد يكون فيها الولاء لله والوطن”، مضيفًا خلال كلمة له باستاد (شندي) أنّ المقاومة الشعبية التي تم تكوينها على مستوى الوحدات الإدارية والمحليات جاءت من أجل تغيير السودان، مؤكداً رفضهم لأيّ تفاوض أو مساومات في وحدة البلاد.
وفي ظل الحرب المستعرة في السودان، ترفض الجماعة الإسلامية وقف الحرب تحت أي ظرف، وفي الأونة الأخيرة أصبحن قيادات النظام السابق تصرح بشكل علني عن عد نيتهم وقف الحرب أو التفاوض مع قوات الدعم السريع.
حيث أعلن الأمين العام للحركة الإسلامية في السودان علي أحمد كرتي، رفضه القاطع أي هدنة مع قوات الدعم السريع، متهماً إياها بمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة جراء الحرب المستعرة في السودان منذ قرابة العام.
ورأى كرتي في تصريحات لصحيفة تلشرق الأوسط، أن الشعب السوداني لن يقبل بأي هدنة مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي، وذلك لأنه: “تحالف مع الأجنبي على انتهاك سيادة البلاد، لتدمير جيشها ومؤسساتها الأمنية والعدلية والقانونية”، وفق قوله.
الولايات المتحدة الأمريكية تسعى الأن لتطبيق تسوية سياسية في السودان، تهدف أولًا لوقف إطلاق النار والتعامل مع الأزمة السياسية، وتبحث الإدارة الأمريكية مع جمهورية مصر العربية الشخصيات المرشحة لقيادة المرحلة الإنتقالية قبل تنظيم إنتخابات رئاسية.
المصدر: صحيفة الراكوبة