الرئيس السنغالي الجديد ديوماي فاي يكن الود للمغرب و”حساسية” تجاه فرنسا
“من السجن إلى كرسي الرئاسة”؛ هي العبارة التي حملها مداد الصحف السنغالية بعد الإعلان عن فوز باسيرو ديوماي فاي، النقابي المعارض الذي يتطلع لـ”دكار عادلة” ومنعزلة عن نظام ماكي سال الذي جعل السنغال “شريكا موثوقا” للمغرب في الغرب الإفريقي.
ومع هذا الصعود الذي فاجأ حتى السنغاليين، تترقب المنطقة دخول لاعب جديد في المتغيرات الجيوسياسية التي تشهدها، أساسا منظمة “إيكواس”، إذ أكد ديوماي فاي “رغبته بإحداث تغييرات عليها مع الاستمرار في تقويتها”.
وفي الواقع، يعتزم الرئيس السنغالي الجديد أن يحافظ، وفق تصريحاته التي بثت أمس الثلاثاء، على “دكار البلد الصديق والحليف الموثوق به أمام مختلف شركائه الذين يريدون الانخراط في تعاون مثمر ومحترم”.
ويعد ديوماي فاي، ابن قرية ندياجانياو، الذي استمد تعليمه الثانوي والجامعي من المدارس والجامعات السنغالية فقط، رئيسا شابا يقود دولة مركزية في منطقة الساحل، يسعى لجعلها في مرحلة جديدة تحترم شعبها وتحقق له رفاه العيش، بحسب برنامجه الانتخابي.
وعلى المستوى السياسي، تشبع ديوماي بالفكر الاشتراكي، ومنذ انضمامه لحزب “باستيف” المعارض، متأثرا بوالده، شكل حلقة مهمة في تغيير استراتيجيته، وقيادته من المعارضة إلى الحكم.
ومنذ أن أطلق انتقادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لقضاة، بسبب قضية تشهير، قبع ديوماي 11 شهرا في السجن، وبعد خروجه احتاج إلى أيام قليلة ليتربع على كرسي الرئاسة، وهي قصة ملهمة أخرجت مواطنين سنغاليين إلى الشارع للاحتفال.
العلاقات مع المغرب وترقب في فرنسا
حول مستقبل علاقات سنغال ديوماي الجديدة مع المملكة المغربية، قال أحمد صلحي، أستاذ باحث في الشؤون الإفريقية بجامعة ابن طفيل، إن “العلاقات بين البلدين تاريخية وتمتد لتصل إلى الشعوب”.
وأضاف صلحي، ضمن تصريح لهسبريس، أن العلاقات التي تصل إلى الطابع السياسي بين البلدين، من “المستحيل أن تتغير بتغير الأشخاص، وهنا الحديث عن رئيس جديد عن الساحة وتقلد المسؤولية له حس المعارضة”.
ورصد الأستاذ الباحث في الشؤون الإفريقية وجود تشابه بين الرئيسين الجديد والسابق، لأنهما معا جديدان عن الساحة السياسية، بالعودة إلى عمر حزبيهما، مشددا على أن “صعود ديوماي جاء بسبب أخطاء سال في تدبيره الأزمة السياسية”.
واعتبر المتحدث أن الحساسية تجاه فرنسا مطلب شعبي، ينقله الرئيس الجديد في واقع متغير يعيشه الغرب والساحل الإفريقي، موردا أن “فرنسا إذا لم تستجب لمطالب سنغال ديومباي الجديدة، ستواجه بالفعل متاعب كبيرة في نفوذها المتبقي في المنطقة”.
التاريخ يحكم مسار المستقبل
استمرار العلاقات في تميزها بين المغرب والسنغال، هو ما سجله لحسن بوشمامة، محلل سياسي، إذ قال: “العلاقات تاريخية، واليوم توجد مؤشرات تراكمت تجعل العلاقات تستقر في عربة النمو”.
وأضاف بوشمامة، في تصريح لهسبريس، أن “تغير الأفراد والجماعات لا يمكن أن يغير العلاقات التي تبنى على الهاجس الثقافي والديني، حيث الروح الدينية هي عنوان ترابط وثيق”، مشيرا إلى أن “المملكة لها جذرها التيجاني في هذا البلد”.
واعتبر المحلل السياسي عينه أن المملكة لها علاقات لا تعتمد فقط على المصلحة مع دول غرب إفريقيا، بل على الاحترام والتعاون، ما يعني أن البلدين لن يرغبا في تجاوز هذا الوضع مستقبلا.
“صور كأس إفريقيا بكوت ديفوار جسدت الترابط الحقيقي الذي يجمع المملكة المغربية مع عمقها الإفريقي، وهي الصور التي يجب أن نقرأ بها علاقاتنا الحالية والمستقبلة مع السنغال وجل الدول بالمنطقة”، يورد بوشمامة.
وأجمل المتحدث قائلا: “الرئيس الجديد سيعمل على بناء سنغال جديدة، وهو ما يتطلب إرادة قوية، وعزفا جماعيا مع شعبه يرافق ضرورة استحضار طموح تجديد وتطوير العلاقات مع الرباط”.
المصدر: هسبريس