فضيلة الاستغفار في رمضان
أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “رَغِمَ أنف رجل ذُكِرتُ عنده فلم يُصلِّ عليَّ، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان فانسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنّة”.
شهر رمضان ليس شهر الصيام والقيام فحسب، ولكنه كذلك شهر طلب المغفرة من الله عز وجل: “رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ ولم يغفر له”، فقد كثرت في هذا الشهر الكريم أسباب المغفرة، كما قال عليه الصلاة والسلام: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفِر له ما تقدم من ذنبه”، وقال: “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفِر له ما تقدم من ذنبه”، والمغفرة: هي ستر الذّنوب مع محو عقوبتها، أي أن الله عز وجل يستر على العبد فلا يفضحه في الدنيا، ولا في عرصات القيامة، ويمحو عنه عقوبة هذه الذنوب.
وقد أكثر الله تعالى من ذكر الاستغفار في كتابه، فتارة يمدح أهله، كما قال في وصف المحسنين: {والمستغفرين بالأسحار}، وتارة يأمر به: {واستغفروا الله إن الله غفور رحيم}، وتارة يخبر الله تعالى أنه يغفر لمن استغفره: {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما}.
وأفضل الاستغفار ما بدئ بحمد الله عز وجل وتمجيده، واعتراف العبد بذنوبه، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلم: “سيّد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدُك، وأنا على عهدِك ووعدِك ما استطعتُ، أبوءُ بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”. فهذا كان سيد الاستغفار، لأنه يشتمل على الاعتراف بنعم الله تعالى على العبد، وكذلك اعتراف العبد بذنوبه: “أبوء لك بنِعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي”، أي وأعترف بذنبي.
ويعود الاستغفار على المسلم في شهر رمضان بما هو خير، ويضاعف له الأجر والثواب، فللاستغفار فضل وأثر كبير، ومن فضائله أنه من أعظم الأسباب التي تعتق المسلم من النار، وأنه بمثابة الدعاء، ودعاء الصائم مستجاب في حال صيامه وعند إفطاره، فقد قال الله في كتابه الكريم: {فقلتُ استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا}، وأن الله سبحانه وتعالى نفى العذاب عن عباده الصالحين المستغفرين، فقال سبحانه: {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}، وأن الاستغفار سبيل الفرج والخروج من الضيق، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيقٍ مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب”، وأنه يقوم بمسح الذنوب ويبعد المستغفر عن العقاب فلا يفضحه لا في الدنيا ولا في الآخرة.
فينبغي للعبد أن يُكثِر من استغفار الله سبحانه وتعالى، يقول النبي صلّى الله عليه وسلم: “إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة”، فهذا النبي صلّى الله عليه وسلم المعصوم الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر الله عز وجل في اليوم مائة مرة، وكان يقول: “توبوا إلى الله واستغفروه، فوالله إني لأتوب إليه وأستغفره، في اليوم أكثر من سبعين مرة.