“التجويع رهان خاسر”
يؤكد المحلل السياسي الفلسطيني، عبدالله عرقباوي، في هذه الدردشة مع “”، أن رهان الاحتلال على سياسة تجويع وحصار سكان قطاع غزة من أجل تأليبهم على حركة المقاومة الإسلامية حماس، هو رهان خاسر من أساسه، لأن حجم وعمق وحضور وتواجد الحركة داخل المجتمع الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خاصة يفوق توقعات الاحتلال.
وعلّق عرقباوي على الأخبار التي تداولتها الصحافة العبرية بخصوص مفاوضات السلطة الفلسطينية مع الكيان الصهيوني للعب دور في غزة، من خلال تعيين ماجد، رئيس المخابرات في السلطة، لتكوين قوة تسيّر القطاع ما بعد الحرب، داعيا السلطة إلى الالتفاف مع شعبها والاستجابة لمطالب الوحدة بدل الالتصاق في الاحتلال الذي سيكون مصيره الزوال لا محالة.
فبخصوص سياسة التجويع لدفع السكان للانتفاض على حماس، قال المحلل السياسي الفلسطيني، إن “الاحتلال يحاول جاهدا الخروج من مأزق غزة بأسرع وقت ممكن، من حيث العملية العسكرية البرية، فهو يحاول الالتفاف على الحقائق بوضع الأهداف قبل خوض المعارك مثلما حدث في الحروب الأولى والثانية والثالثة، وكان في كل مرة يصل إلى النتيجة التي يحاول في كل مرة أن يتجنّبها، باعتبار أنه لم يحقق الهدف الرئيسي من الحرب وهي القضاء على حماس أو على الأقل إضعاف قدراتها العسكرية”.
وتابع: “فكل ما تحقّق لحد الآن لا يرقى أن يسمى إنجازا مقارنة بالقدرات الضخمة التي يمتلكها جيش نظامي يواجه جماعات مسلحة في حرب مفتوحة بهذا الشكل في منطقة رخوة عسكريا مثل قطاع غزة”. مشيرا “لقد أكدت إحدى القنوات العبرية قبل أيام، أن جيش الاحتلال تمكّن من دفع غواصين مقاومين من حماس بعيدا عن شواطئ مستوطنة زكيم، كما شاهدنا إسقاط المقاومة قذائف بمسيرات في بيت حانون التي سبق لجيش الاحتلال أن أعلنها منطقة عسكرية، بينما الاشتباكات متواصلة على جميع محاور القتال، فكل هذه العمليات النوعية تدلل أن محاولات الكيان للذهاب إلى اليوم التالي من الحرب يصطدم بعقبة اسمها المقاومة”.
وبالنسبة لمحدثنا، “فعكس ما يعتقده الاحتلال، إن حماس متواجدة بشكل أعمق من البعد العسكري، فهي حركة اجتماعية وسياسية ولها امتداد لدى كل العائلات وداخل المدن والقرى، كما لها امتداد عسكري فوق الأرض وتحت الأرض”، مضيفا “صحيح أن سلاح التجويع هو من أساليب الحرب، لكن محاولة الضغط على حماس من خلال التجويع، فلا شك أن ذلك يدفع الناس لدفع الثمن، لكن في اعتقادي الحالة المجتمعية وعمق تواجد المقاومة داخل المجتمع يحول دون أن يكون للتجويع أثر على العلاقة الوطيدة بين حماس والسكان”.
ومضى المحلل السياسي ليعلق على الأخبار التي تداولتها الصحافة العبرية والدولية بخصوص مفاوضات السلطة الفلسطينية مع الكيان، والتي أكدت تعيين رئيس المخابرات، ماجد فرج، لتكوين قوة عسكرية لتسيير القطاع بعد حرب الإبادة الصهيونية الجارية الآن، مؤكدا أن “موقف السلطة كان سلبيا ومتخاذلا في التعاطي مع هذه الظروف الصعبة، إذ تخلت عن شعبها وعن مسؤوليتها خلال هذه الحرب الشعواء على قطاع غزة وعلى الفلسطينيين عموما، بينما كان من الواجب أن يكون لها موقفا نضاليا ومقاوما ووحدويا، والاستجابة لمطالب الوحدة الوطنية والمساهمة في التخفيف عن معاناة أهلنا في غزة، بدل الانخراط في هذه المخططات التي يقودها الاحتلال والولايات المتحدة، فيما يسمى باليوم التالي من الحرب، وكأن حياة أكثر من 32 ألف شهيد لا تعني السلطة الفلسطينية، وكأن حماس ليس فلسطينيا بل فصيل قادم من الخارج”.
وأضاف عرقباوي أن “هذا الموقف المؤسف من السلطة يدفع للشك والريبة بمثل هكذا أخبار، ولا يشجع على نفيها، ولذلك على السلطة الالتفات إلى شعبها، لأن الالتصاق بالاحتلال له مصير معروف، وكل التجارب التي دونّها التاريخ، سواء في الجزائر أو لبنان وفي كل مكان أثبتت أن مصير الاحتلال هو الزوال، وبالتالي من يلتصق بالاحتلال سيزول مع زوال الاحتلال”.