عريضة طعن أمام محكمة النقض تستهدف إلغاء مرسوم حكومي حذف محكمتين بمكناس
وجه المحاميان بهيئة الرباط، محمد اشماعو وعمر خروج، عريضة طعن إلى الرئيس الأول لمحكمة النقض، لفائدة محمد البوكيلي، نائب رئيس جماعة مكناس، للمطالبة بإلغاء المرسوم رقم 2.23.665 الصادر عن رئيس الحكومة في 10 نونبر 2023 بتحديد الخريطة القضائية للمملكة في شقه المتعلق بحذف المحكمتين الإدارية والتجارية بمكناس من الخريطة القضائية وإحداث المحكمة الابتدائية بالحاجب.
عريضة الطعن التي تتوفر “العمق” على نسخة منها، والموجهة ضد الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط، وزارة العدل في شخص وزيرها بمكاتبه بالرباط، والوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بالرباط، جاء فيها أن “المرسوم الطعين أضر بمصالح موكلي الاقتصادية والإدارية للاعتبارات القانونية والواقعية التي سنوردها عند مناقشة مرتكزات الطعن”.
وحول أسباب ومرتكزات الطعن، أشارت العريضة إلى أن المرسوم يجد سنده القانوني في المادة الثانية من قانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي والذي خص تحديد الخريطة القضائية بمرسوم بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والهيئات المهنية المعنية.
وأضافت أن المنوب عنه باعتباره من ساكنة مدينة مكناس كان يستفيد من الخدمات القضائية التي تقدمها المحكمة التجارية بمكناس والمحدثة بموجب مرسوم عدد 2.97.771 الصادر في 28 أكتوبر 1997، والمحكمة الإدارية بمكناس المحدثة بموجب مرسوم عدد 2.92.59 الصادر في 3 نونبر 1993 كما وقع تتميمه وتعديله.
وبحسب الوثيقة ذاتها، فإن “المحكمتين المذكورتين تم حذفهما من الخريطة القضائية بموجب المرسوم المطعون فيه، في تنكر للإرث القضائي الذي خلفه اجتهاد المحكمتين المتميز على المستوى الوطني مشكلتين بذلك عنصر ارتقاء جودة القضاء المتخصص بالمغرب، كما ان حذف المحكمتين في استصغار للمكانة التاريخية و للوضعية الاقتصادية والاجتماعية و الديموغرافية التي تعرفها مدينة مكناس”.
وسجلت أن “الدائرة القضائية للمحكمتين كانت تغطي 6 أقاليم سكانية بما يقارب 11% من التراب الوطني، وبعدد إجمالي للسكان يقارب 3 ملايين نسمة بما يقارب 8% من ساكنة المغرب وهي المعطيات التي لم يراعيها المرسوم في حذفه للمحكمتين مخالفا بذلك مقتضيات المادة 20 من قانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي الذي دعى إلى مراعاة المعطيات الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية والجغرافية عند تحديد الخريطة القضائية للمملكة”.
وجاء في عريضة الطعن التي تقدم بها البوكيلي، أن “من أهم مرتكزات إصلاح منظومة القضاء هي تقريب الخدمات القضائية للمرتفقين تماشيا مع توجيهات صاحب الجلالة التي أكدها في خطابه التاريخي المخلد لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 2009″، مفيدة بأن الإصلاح الذي دعا إليه الملك يرتكز على فكرة رئيسية مفادها تحقيق نجاعة العدالة من خلال ضمان جودة الخدمات المقدمة للمتقاضين والتي على رأسها تقريب القضاء منهم.
وفي هذا الإطار، أكدت العريضة أن “حذف المحكمتين فيه انتكاسة لمكسب كان يستفيد منه أكثر من 3 ملايين مواطن هم ملزمين اليوم بالتنقل إلى مدينة فاس، وما يقتضيه ذلك من تهجير لعدد من المصالح والمهن القانونية والقضائية بمدينة مكناس، إلى مدينة فاس هذه الأخيرة التي كانت تغطي المحكمتين التجارية والإدارية بها دائرة قضائية من 7 أقاليم بساكنة تفوق 4 ملايين مرتفق، و بعد المرسوم ستضاف لها 6 أقاليم أخرى بساكنة تفوق 3 ملايين مرتفق”.
وبحسب المصدر ذاته، فإن المحكمتين الإدارية والتجارية بفاس من المنتظر أن تستقبلا دعاوي ونزاعات 8 ملايين مواطن تقريبا، وهو رقم كبير لا يعكس التعاطي الايجابي مع مفهوم النجاعة القضائية كما حدد مؤشراتها الملك محمد السادس مما سيؤثر حسما على نجاعة المحكمتين في فض النزاعات على مستوى إطالة أمد التقاضي بسبب كثرة الملفات المعروضة على المحكمتين.
وسجلت العريضة أن المرسوم تعتريه عدة عيوب شكلية وتجعله معرضا للإلغاء بسبب تجاوز السلطة، مشيرة إلى أن المرسوم تضمن إحداث محكمة ابتدائية بالحاجب وحددت لها اختصاصها المكاني يمتد على تراب إقليم الحاجب، ولم يجعلها المرسوم من المحاكم المستثنىات من مقتضياته بموجب المادة السادسة منه، إلى حين تعيين مسؤولين قضائيين.
ومما جاء في عريضة الطعن: “حيث أنه لا وجود لأي محكمة ابتدائية بالحاجب بل يوجد بها مركز قاضي مقيم تابع لنفوذ المحكمة الابتدائية بمكناس، وان البناية التي ستخصص لهذا الغرض لا زالت في طور البناء، ومع ذلك اعتبرها المرسوم محكمة قائمة الذات بولايتها العامة واختصاصها المكاني ومسئوليها القضائيين والإداريين، دون أن يكون لها في الواقع أي وجود”.
وهو ما يطرح عمليا، بحسب الوثيقة ذاتها، “تنازع الاختصاص بين المحكمتين الابتدائية بمكناس التي لا زالت تستقبل النزاعات المرتبطة مكانيا بإقليم الحاجب، وينعقد الاختصاص فيها بحكم المرسوم لمحكمة الحاجب، وهو ما يفرض التصريح بعدم الاختصاص المكاني وإحالة الملفات على المحكمة الابتدائية بالحاجب الموجودة في المرسوم فقط وهو ما يعتبر خطأ جسيم موجب للقول بإلغاء المرسوم”.
المصدر: العمق المغربي