اخبار السودان

عن الخوف وأزيز الرصاص في مستشفى ناصر قبل اقتحام الجيش الإسرائيلي له

حرب غزة: عن الخوف وأزيز الرصاص في مستشفى ناصر قبل اقتحام الجيش الإسرائيلي له

عن الخوف وأزيز الرصاص في مستشفى ناصر قبل اقتحام الجيش الإسرائيلي له

قبل شروق الشمس يوم السبت 10 فبراير/شباط، كان أزيز الطلقات النارية بدأ يتردّد في كل مكان.

وكانت الطبيبة أميرة العسولي في مبنى الولادة بمجمع ناصر الطبي، عندما سمعت رجلاً يصرخ بالشهادة، أسفل نافذتها مباشرة.

وبدأ الناس بالصراخ: “هناك رجل مصاب!”.

سارعت بالنزول إليه على الدرج، ووصلت إليه، ولكنه كان قد مات.

خرج إبراهيم سلامة، الذي سمع الصراخ أيضاً، من الخيمة التي كان يقيم فيها ليرى ما يحدث.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة

قصص مقترحة

قصص مقترحة نهاية

ويقول: “فجأة شعرت بشيء ساخن في ساقي وسقطت أرضاً. كنت أنظر إلى ساقي، شعرت بثقل شديد ورأيت الكثير من الدماء”.

مرة أخرى، كانت الطبيبة العسولي هي من عرّضت نفسها لخطر إمكانية إطلاق النار عليها. ويظهر مقطع فيديو صوره أحد المتفرجين وهي تخلع سترتها وتركض نحوه، خافضةً رأسها. وقالت لبي بي سي: “لم أتردّد للحظة”.

ويتذكر إبراهيم سلامة أن الدكتورة العسولي وضعت يدها على صدره وقالت: “إنه حي، إنه حي”.

تحذير: تحتوي هذه المقالة على تفاصيل قد يجدها بعض القراء مزعجة

أمضت بي بي سي عدة أسابيع في التحقق مما حدث في مستشفى ناصر، أحد أكبر المستشفيات في غزة وأكثرها ازدحاماً، حتى اقتحامه من قبل قوات الجيش الإسرائيلي الشهر الماضي.

وكنا كشفنا يوم الثلاثاء، عن شهادات قدمها لنا أفراد من الطاقم الطبي للمستشفى، قالوا إنهم تعرضوا للاحتجاز والضرب والإذلال على يد قوات الجيش الإسرائيلي خلال مداهمتها المجمع الطبي، ما دفع حكومة المملكة المتحدة إلى مطالبة إسرائيل بإجابات. فيما قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن إسرائيل تتحمل “مسؤولية أخلاقية” للتحقيق في التقارير الموثوقة عن انتهاكات وخروقات للقانون الدولي الإنساني.

والآن، من خلال شهادة الشهود وتحليل لقطات الفيديو التي تم التحقق منها، يمكننا أن نظهر كيف تطورت الأحداث خلال الأيام التي سبقت اقتحام الجيش الإسرائيلي للمستشفى.

التعليق على الفيديو،

حرب غزة: طبيبة في غزة تستذكر عملية الإنقاذ أثناء مداهمة المستشفى

ووصف لنا أفراد من الطاقم الطبي والمرضى والمدنيون النازحون الذين كانوا يحتمون خارج المدخل الرئيسي للمستشفى، كيف كانوا محاصرين وكيف كان يتم إطلاق النار على أي شخص يحاول التحرّك.

وتحقّقت بي بي سي من تسجيلات مصورة لـ 21 حادثة إطلاق نار أو ما نتج عنها، تم تصويرها من داخل أرض المجمع خلال تلك الفترة. وقد تحققنا وتأكدنا من إطلاق النار على ثلاثة أشخاص داخل المجمع.

شاركنا مع الجيش الإسرائيلي النتائج التي توصلنا إليها بالتفصيل، إضافة إلى أسئلة حول عمليته في مجمع ناصر الطبي.

واتهمت إسرائيل مراراً مقاتلي حماس باستخدام المستشفيات والمراكز الطبية كأماكن لإخفاء أسلحتهم ومراكز قياداتهم. وتقول أيضاً إن حماس وغيرها من المنظمات الفلسطينية المسلحة، استخدمت مستشفيات غزة لتخبئة الرهائن والأسرى الذين خطفوا من إسرائيل خلال هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وقال الجيش الإسرائيلي لبي بي سي إنه كانت هناك “معارك نشطة في المنطقة” في الأيام التي سبقت دخول قواته إلى المستشفى، وإنه أطلق “أعيرة دقيقة” على “إرهابيين تم التعرف عليهم في المنطقة المجاورة” للمستشفى.

رسم توضيحي للمنطقة التي تم فيها إطلاق النار على مدنيين وأفراد من الطاقم الطبي
التعليق على الصورة،

رسم توضيحي للمنطقة التي تعرض فيها مدنيون وأفراد من الطاقم الطبي لإطلاق نار

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة

يستحق الانتباه

شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك

الحلقات

يستحق الانتباه نهاية

وبعد دخوله المستشفى، قال الجيش الإسرائيلي إنه عثر على أدوية كانت مخصصة للرهائن الإسرائيليين، بالإضافة إلى أسلحة. وكان رهائن تم إطلاق سراحهم خلال هدنة قصيرة في نوفمبر/تشرين الثاني قالوا إنهم كانوا محتجزين في غرف في المستشفى.

ووصفت شارون ألوني كونيو، التي أطلق سراحها، نقلها إلى هناك في سيارة إسعاف وهي متنكرة بملابس عربية تقليدية، بينما تم وضع زوجها، الذي لا يزال في غزة حتى الآن، تحت غطاء، ليبدو وكأنه جثة.

وأضافت أنهما، مع طفليهما الصغيرين ورهائن آخرين، أمضوا أسابيع في غرفة صغيرة بالطابق الأول من المستشفى، حيث كانت الصناديق المكدسة تفصل قسم الرهائن عن الغرف الأخرى.

وقدم آخرون روايات مماثلة، ووصفوا بكاءهم بينما كانوا محبوسين في الغرف هناك، واضطرارهم إلى طرق الباب كي تتم مرافقتهم إلى المرحاض، ورعبهم من عدم معرفة ما سيحدث لهم.

يقول أولئك الذين تحدثنا إليهم في المستشفى، بما في ذلك أفراد من الطواقم الطبية الدولية الذين أقاموا وعملوا هناك منذ بداية الحرب، إنهم لم يشاهدوا ولم يكونوا على علم بأي وجود لمقاتلي حماس في المستشفى.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعتقل نحو 200 من المشتبه بهم بالإرهاب، بما في ذلك بعض الذين “تظاهروا بأنهم من الطاقم الطبي”.

كان الخوف بدأ يتزايد في مجمع ناصر قبل أيام من الاقتحام الإسرائيلي له، وكان جميع من تحدثنا إليهم ممن كانوا في المستشفى في ذلك الوقت، يقولون إن قناصة الجيش الإسرائيلي وطائرات بدون طيار إسرائيلية، كانت تستهدف الأشخاص الذين يتنقلون بين المباني أو يقفون بجوار النوافذ.

وقال الدكتور محمود شمالة، 26 عاماً، وهو جراح متخصص بمنطقة الفم والفك والوجه والجمجمة: “لقد حاصروا المستشفى بالدبابات والجرافات والطائرات الرباعية في السماء، وكان القناصة في كل مكان”.

وأضاف: “لم يكن بإمكاننا الوقوف بجانب النافذة لأننا إذا وقفنا بجانب النافذة سيتم إطلاق النار على رؤوسنا أو حتى صدورنا أو حتى أكتافنا. كما أن القصف كان في كل مكان… لقد كانت أوقاتاً صعبة للغاية، خصوصاً في الأيام القليلة الأخيرة”.

لم يكن لدى الناس في الباحة الأمامية للمستشفى الكثير مما يحميهم من إطلاق النار.

وقال محمود حرارة، وهو طبيب آخر في مجمع ناصر: “كان الكثير من النازحين الذين يعيشون في المجمع يتجولون بشكل طبيعي وتم استهدافهم”.

وأضاف: “لقد وصل الأمر إلى حد أننا لم نتمكن من الوصول إلى هؤلاء المصابين. إذا كنت تريد الذهاب لإحضار شخص مصاب إلى الداخل، فكان ذلك بمثابة التضحية بنفسك أو تعريض نفسك للخطر. حاول الكثير من الناس الذهاب لإنقاذ إخوانهم وأقاربهم وأي شخص ممن علموا أنه قد أصيب، وتم استهدافهم بشكل مباشر عندما حاولوا الوصول إليهم”.

وعندما سُئل عن تقارير إطلاقه النار على أشخاص داخل مجمع ناصر، أجاب الجيش الإسرائيلي بأنه أطلق فقط “طلقات دقيقة على الإرهابيين” الذين تم تحديد تواجدهم حول المجمع الطبي.

يوم 8 فبراير/شباط، أصيب الممرض حازم أبو عمر بالرصاص وهو داخل قسم العمليات.

وأشار العديد من الأشخاص الذين تحدثت إليهم بي بي سي إلى الحادث، بما في ذلك طبيبان قالا إنهما كانا معه في الغرفة في تلك اللحظة.

تُظهر اللقطات التي شاركها أحد أطباء مستشفى ناصر على الإنترنت، الممرض المصاب أثناء نقله إلى غرفة العمليات سيراً على الأقدام، ويبدو في مرحلة ما وكأنه بدأ يفقد وعيه بينما يكافح زملاؤه لقطع ملابسه المُضَرَّجَة بالدماء.

لا يمكن تحديد من أطلق النار، ولم يستجب الجيش الإسرائيلي لطلبات التعليق على الحادثة.

في اليوم نفسه الذي تم فيه إطلاق النار على حازم، يُظهر مقطع فيديو أشخاصاً بثياب مدنية، وهم يستخدمون نظام بكرة صنعوه بأنفسهم، لتوصيل المياه لمجموعة من الأشخاص على الجانب الآخر من طريق الظهرة بجوار المجمع.

وعندما يحاول أحد الرجال عبور الشارع، يسمع صوت طلقة نارية بوضوح. لم تصبه الطلقة النارية، لكن تقييم بي بي سي للصوت يشير إلى أنها أطلقت نحو مكان قريب من حيث كان يتم تصوير الفيديو، أي من البوابة الشمالية للمستشفى.

وفي مقاطع فيديو أخرى تم نشرها في ذلك اليوم، يمكن سماع صوت الطائرات بدون طيار في السماء، بينما يتحرك الناس على أرض المجمع بخوف شديد.

أصيب إبراهيم سلامة بطلق ناري في كلا ساقيه عندما خرج من داخل مبنى المستشفى يوم 10 فبراير/شباط ليرى من كان يصرخ. وقال لبي بي سي إن الألم الذي نتج عن إصابته لا يمكن تصوره.

وبينما كان يستلقي في إحدى الخيام المؤقتة وهو مغطى بدمائه، يتذكر سلامة أن أحد الأطباء كان خائفاً جداً من الاقتراب منه وكان يطلب منه مواصلة الحديث، محاولاً التأكد من ألا يفقد وعيه. فيما وقف آخرون متجمدين، يصورون مقاطع فيديو ويلتقطون صوراً بهواتفهم.

وعندما وصلت الدكتورة العسولي، كان إبراهيم ينزف منذ حوالي ساعة. وضعته هي ومسعفون آخرون على حمالة وأسرعوا به إلى داخل المستشفى.

ويظهر مقطع فيديو سجل لاحقاً، رجلاً يزحف على الأرض محاولاً الوصول إلى شخص مصاب أو ميت، ملقى على بعد بضعة أقدام من أرض المستشفى. ويمكن رؤية نفس الجثة وهي لا تزال ملقاة في المكان نفسه، في مقطع فيديو نشر في اليوم التالي، مما يشير إلى أن أحداً لم يشعر أنه بأمان بما يكفي كي يخرج إلى ذلك الشارع لسحب الجثة.

وقال الدكتور محمد المغربي في مقطع فيديو نُشر على تطبيق إنستغرام في ذلك اليوم: “لا يمكننا التنقل من مبنى إلى آخر. سيطلق القناصون النار على أي شخص يتحرك في باحة المستشفى. لا أحد يستطيع التحرك خارج المباني”.

في 11 فبراير/شباط، ظهر تسجيلا فيديو مختلفان لجثة ملقاة على الأرض بين المبنى الرئيسي للمستشفى والبوابة المؤدية إلى طريق الظهرة.

وقال الدكتور حرارة، إن الجثث كانت تبقى على الأرض في الخارج، لمدة أربعة أو خمسة أيام، وكانت القطط والكلاب “تأكل لحمها”.

وتحققت بي بي سي من لقطات لجثث متروكة لتتعفن على الأرض، بالقرب من البوابة المؤدية إلى طريق الظهرة. ويمكن رؤية القطط وهي تزحف فوق الجثث.

صور لجثث أمام بوابة المستشفى مع رسم توضيحي
التعليق على الصورة،

صور لجثث أمام بوابة المستشفى مع رسم توضيحي لمكان تواجدها

في 13 فبراير/شباط، تعاظم مستوى الفوضى والارتباك في مستشفى ناصر عندما دخل رجل مقيد اليدين يرتدي بذلة بيضاء مع قطعة من القماش الأصفر مربوطة حول رأسه إلى المجمع ونقل للناس أوامر بالمغادرة.

وعرّف عنه أشخاص في المستشفى لبي بي سي على أنه جمال أبو العلا، وهو فلسطيني من نزلاء المستشفى وكان قد اختفى في اليوم السابق. والملابس التي كان يرتديها هي الملابس نفسها التي كان يرتديها رجال آخرون اعتقلهم الجيش الإسرائيلي.

وقال شهود عيان إنه دخل المستشفى ثلاث مرات في ذلك اليوم، متبعاً طريقاً محدداً، ومع طائرة بدون طيار تحلق فوقه.

وفي المرة الثانية، كان هناك في وجهه ما يبدو أنه جرح.

وقال الطبيب حرارة لبي بي سي: “كان يتحدث بطريقة غير طبيعية. لقد كان خائفاً للغاية من كل ما كانوا يقولونه له [الجيش الإسرائيلي]”.

وأضاف: “كانت والدته هناك وقالت له: من فضلك تعال وابق معنا، لا تعد إليهم”. وقال لها: “عليّ العودة، لا أستطيع البقاء”. ويتابع الطبيب إن الشاب قال “إنه إذا لم يعد إليهم، سيدخلون المستشفى ويقتلونه ويعدمون عائلته”.

وفي المرة الثالثة، قال شهود عيان إنه قتل بالرصاص أثناء خروجه من المستشفى.

وقال أحد النازحين المقيمين في المستشفى لبي بي سي: ” لقد أعدم أمام أعيننا. أمام أعين النازحين وأمام والدته”.

ولم يعرف أي شخص تحدثت معه بي بي سي من أين أتت الرصاصة. ولم يرد الجيش الإسرائيلي على أسئلة بي بي سي حول مقتل جمال، لكنه قال في وقت سابق إن “هذه الحادثة” قيد المراجعة.

أبلغ الأطباء في مستشفى ناصر عن وقوع المزيد من حوادث إطلاق النار داخل المستشفى في ذلك اليوم.

وكتب الطبيب خالد السر في منشور على تطبيق إنستغرام، أن صبيين أصيبا بالرصاص أثناء اللعب، وقال في رسالة صوتية شاركها مع بي بي سي، إن ثلاثة مدنيين أصيبوا بالرصاص أمام بوابات المستشفى. وقال: “أحدهم مصاب برصاصة في بطنه”.

وتتطابق صور كل من الصبيين اللذين قال الدكتور السر إنهما قُتلا عندما كانا يلعبان، مع مقطع فيديو نشره في اليوم نفسه صحفي كان في المجمع في ذلك الوقت وتحققت بي بي سي من صحته. ولا يمكننا التأكد بشكل مستقل من ملابسات حادثة إطلاق النار.

وفي اليوم نفسه، دمرت دبابة جزءاً من الجدار المحيط بمجمع ناصر الطبي. وتم إصدار أوامر للناس بالمغادرة عبر مكبرات الصوت الخاصة بالمركبات العسكرية الإسرائيلية.

وجاء في الرسالة: “اخرجوا فوراً… من لن يخرج يخاطر بحياته. كل من داخل المستشفى، فليخرج فوراً”.

يوم 14 فبراير/شباط، حلقت طائرة بدون طيار فوق مجمع ناصر. وصدح صوت يأمر الجميع بالمغادرة. كانت عملية الاقتحام الإسرائيلية على وشك البدء.

غادر إبراهيم على عكازين. ويصف رؤية “جثث الناس في كل مكان”، وبعضها “تأكلها القطط”. وأثناء مغادرته عبر نقطة تفتيش إسرائيلية، قال إنه شهد على احتجاز العديد من الأشخاص من حوله.

مستشفى ناصر قبل وبعد الاقتحام
التعليق على الصورة،

مستشفى ناصر قبل وبعد اقتحام الجيش الإسرائيلي له

وبينما كان إبراهيم يهرب، كانت الأوضاع في مجمع ناصر تزداد خطورة.

في الساعات الأولى من يوم 15 فبراير/شباط، أصابت قذيفة قسم العظام، مما أدى إلى مقتل شخص واحد، وفقاً للمدير العام للمستشفى، عاطف الحوت.

وفي إشارة إلى عمليته في مجمع ناصر، قال الجيش الإسرائيلي إن “قذيفة طائشة” أطلقها باتجاه هدف عسكري قريب، أصابت عن طريق الخطأ أحد مباني المستشفى. لكنه لم يحدد المبنى الذي كان يشير إليه.

ويظهر مقطع فيديو، أفراداً من الطاقم الطبي الذين بقوا في المستشفى وهم يقومون بسحب المصابين من غرفة تحولت إلى رماد.

وبالنسبة لأولئك الذين اختاروا مغادرة المستشفى، فلم يكن طريقهم آمناً.

تحققت بي بي سي من لقطات تظهر تعرض الدكتور حرارة ومجموعة من الأشخاص لإطلاق النار، أثناء توجههم من خان يونس باتجاه مدينة رفح الجنوبية يوم 15 فبراير/شباط.

يظهر وهو يصرخ طالباً المساعدة وهو يلف برباط ساق امرأة مصابة.

وفي جزء لاحق من الفيديو، يمكن رؤية السيدة المصابة وهي مستلقية في الجزء الخلفي من إحدى السيارات، لتنقل بعيداً عن مكان الحادث، بينما يُسمع دوي كبير آخر.

وفي مقطع فيديو آخر، تضطر مجموعة من الرجال، بعضهم يرتدي ملابس طبية، إلى الفرار، ويتعرض أحدهم لإطلاق نار، بعد نزوله إلى الشارع.

وبالعودة إلى مستشفى ناصر، يمكن سماع دوي إطلاق نار في تسجيل فيديو، قبل أن يزحف رجل مصاب ويدخل باب مبنى الطوارئ. يجرّ بعدها إلى عمق الغرفة، بينما يسيل دمه على الأرض تحته وهو يتأوه من الألم.

ومن بين الذين بقوا في المستشفى مرضى لا يستطيعون الحركة، ونازحون ليس لديهم مكان يذهبون إليه، وأفراد من الطاقم الطبي شعروا بأنهم ملزمون أخلاقياً بالبقاء.

وقالت إحدى السيدات لبي بي سي: “أين يمكنني الإخلاء مع زوج مصاب بالسكري ويحتاج إلى حمام بجانبه، وهو يستخدم مشاية طبية للتحرك. لا أستطيع العيش في خيمة أو على الرمل، لذلك بقيت”.

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي تظهر قواته في مستشفى ناصر

صدر الصورة، الجيش الإسرائيلي

التعليق على الصورة،

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي تظهر قواته في مستشفى ناصر

ويصف من بقوا في المستشفى أثناء سيطرة إسرائيل عليه، أنهم كانوا يعيشون على كميات محدودة من الطعام والماء، وأنهم كانوا يتوضؤون باستخدام مياه المحلول الملحي، ويعيشون في ظروف غير صحية وازدحام شديد، بعد نقلهم إلى مبنى واحد. كانوا يخشون التعرض لإطلاق النار إذا عادوا إلى باحة المستشفى.

وقال الجيش الإسرائيلي إن عملياته في مستشفى ناصر تمت “بطريقة دقيقة ومركزة، مما أدى إلى الحد الأدنى من الأضرار التي لحقت بنشاط المستشفى الذي لا زال مستمراً، ومن دون الإضرار بالمرضى أو الطاقم الطبي”.

وفي 16 فبراير/شباط، أُجبر أفراد من الطاقم الطبي في المستشفى على خلع ملابسهم والركوع ووضع أيديهم خلف رؤوسهم أمام الخيمة المؤقتة التي أصيب فيها إبراهيم بالرصاص قبل أسبوع تقريباً. وبعدها تم اعتقال العديد منهم.

وبعد يومين من ذلك، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن مستشفى ناصر خرج عن العمل.

أنهى الجيش الإسرائيلي عمليته هناك في 25 فبراير/شباط.

وقال إن قوات الجيش الإسرائيلي زودت “المستشفى بمئات الحصص الغذائية وبمولد كهربائي بديل مكنه من مواصلة العمل وعلاج المرضى داخله”.

وبعد انتهاء العملية الإسرائيلية في المجمع، قال الأطباء الذين بقوا في مستشفى ناصر، إن سكان غزة نهبوا ما تبقى من المستشفى.

وقال الطبيب حاتم ربعة: “لقد أخذوا كل شيء: الطعام والماء والدواء والبطاريات. إنهم جائعون. إنهم بحاجة إلى أي شيء [يمكنهم الحصول عليه]”.

عندما زارت بي بي سي المستشفى هذا الأسبوع، كانت الأقسام التي كانت تعج بالمرضى قبل مدة قصيرة، فارغة. لم يكن هناك سوى عدد قليل من النازحين.

وقال رجل مسن لبي بي سي: “أنا رجل مريض وأعاني من مرض في القلب ومن ارتفاع في ضغط الدم ومن السكري، ولا أستطيع المغادرة”.

وأضاف: “أنا باقٍ هنا وأنتظر رحمة الله، سواء عشت أو مت”.

من داخل مستشفى ناصر بعد انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية فيه
التعليق على الصورة،

من داخل مستشفى ناصر بعد انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية فيه

شارك في التغطية: معاذ الخطيب ومن بي بي سي نيوز عربي: سهى ابراهيم

ومن فريق الصحافة المرئية والتصميم: غيري فليتشر وليلي هيون وزوي بارثولوميو

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *