انتصارات الإذاعة الدلالة والمعاني السودانية , اخبار السودان
الرأي اليوم
صلاح جلال
* لنعترف بالانتصار المعنوي والعسكري للقوات المسلحة في الإذاعة والتلفاز صباح اليوم الثاني من رمضان كإحدى حقائق الحرب الدائرة منذ عام مضى الطبيعي فيها تبادل النصر والهزائم بين طرفيها، ويجب أن لا نغفل المشهد الكلي مع نشوة النصر، حرب ١٥ إبريل من العام الماضي تدخل شهرها الثاني عشر، وقد شملت ٨٠٪ من البلاد بشكل مباشر و٢٠٪ بشكل غير مباشر، لقد سفكت الدماء، وهدمت البنيات التحتية، وشردت ما بين النزوح واللجوء ما يقدر ب ١٥ مليوناً، ووضعت البلاد على حافة مجاعة تهدد ٢٥ مليون نسمة من السكان، أخرجت الحرب العبثية ٧٠٪ من المشافي عن الخدمة و١٩ مليون طفل عن مسيرة التعليم، وخلقت حالة من انسداد الأفق وغياب الأمل لكل بنات وأبناء الشعب، وتآكلت الدولة حتى أصبحت جزر معزولة بلا هوية دولة وبلا وظيفة رعاية لمواطنيها وهم يقومون لرعاية أنفسهم، ويأكلون من خشاش الأرض، هذا هو المشهد المفزع على الواقع اليوم الثاني من رمضان في المشهد الكلي للحرب أمام المشهد الاحتفالي في أحد الأجزاء من أمدرمان.
* ما حدث من استرداد لإذاعة أمدرمان والمنطقة حولها في الملازمين انتصار معنوي كبير للقوات المسلحة بعد تراجعات كبيرة على مستوى القطر خلال العام المنصرم وانتصار لجبهة البلابسة السياسية نهنئكم عليه، ويجب على قوات الدعم السريع الاعتراف بشرف الهزيمة في هذه المعركة كما كانوا يعلنون ويحتفلون بإنتصارتهم حلوة المذاق الآن مٌرها وقوة هكذا هي الحرب لا تبقى على حال، ما تم صباح اليوم من نصر ليست نهاية الحرب، مازال النصر النهائي بعيداً وبعيداً جدا بالحسابات الواقعية، وإن كان ممكناً سيكون بكلفة كبيرة أشك في توفرها في زمن قريب، عليه أتطلع أن تستغل قيادة القوات المسلحة هذا النصر الكبير معنويا بما يمثله مبنى الإذاعة والتلفاز من رمزية سيادية للدولة والمحدود عسكرياً بالمقارنة بخريطة الحرب الراهنة في العاصمة وبقية الأقاليم، وعلى القيادة العسكرية توظيف هذا الدفق المعنوي الذي تحقق صباح اليوم والدخول في مفاوضات جادة لوقف هذه الحرب بشروط موضوعية وواقعية على الطرفين، وأن لا تفوت هذه الفرصة التاريخية بالانفتاح على مزيد من الحرب هذه مغامرة غير مأمونة العواقب تحت تأثير نشوة زائفة، مما يعمق الجراح، ويفتح أبواب تبادل النصر والهزيمة بين طرفي الحرب.
* ما زال طريق الحسم الحربي طويل جداً وبعيداً ومكلف، الطريق الأقصر للخروج من هذا المأزق الوجودي هو التفاوض لوقف القتال وإنهاء هذا الفصل الدامي من تاريخ البلاد، وهي تواجه تحديات هشاشة الدولة وضعف تماسك المجتمع ونفاد الموارد هذه هي صورة الحقائق الواقعية وليست المتخيلة.
* قلنا وما زلنا نكرر هذه الحرب لن يكون فيها منتصر ومهزوم على أسنة الرماح مهما تطاولت بالأدوات العسكرية ستجدد الحرب نفسها، وتنفتح على نسخ متعددة لأنواع الحروب الأهلية، ولديها من المؤهلات للاستمرار المكلف لعشرات السنين قادمة.
مما يقضي على الأخضر واليابس في جسد مٌُنهك ومُسخن بالغبائن، على القائد الشجاع اتخاذ القرار التاريخي الصحيح في اللحظات الحاسمة، والتوجه لتحقيق سلام الشجعان من خلال تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي (٢٧٢٤) القاضي بتحقيق هدنة إنسانية في شهر رمضان المعظم، والانفتاح على مفاوضات جادة لوقف دائم للعدائيات لوقف الحرب والدخول في عملية سياسية مدنية تستعيد مسار الانتقال المدني الديمقراطي الذي قطعه الانقلاب.
** ختامة
نداء لطرفي الحرب في رمزية الفريق البرهان والفريق حميدتي، لا نمل من تكرار أبيات شعر للبرغوتى، حتى يبقى الغافل والناسي فهيم.
بعضُ المعاركِ في خُسرانِها شرفٌ
من عاد منتصرًا من مثلِها انهزَما؟
المصدر: صحيفة التغيير