تسلم الرباط إدارة الأجواء في الصحراء المغربية يدفع البوليساريو إلى التخبط
بعدما سبق أن عبرت عن رفضها القاطع لتسليم السلطات الإسبانية المجال الجوي في الصحراء إلى المملكة المغربية، لوحت جبهة البوليساريو، على لسان المسمى “أبو بشرايا البشير”، الذي يلقب بـ”ممثلها في سويسرا ولدى الأمم المتحدة”، باللجوء إلى القضاء الدولي والأوروبي، بما في ذلك محكمة العدل الأوروبية، في حال أقدمت الحكومة المركزية في مدريد على تسليم إدارة هذا المجال إلى الرباط.
تهديد البوليساريو باللجوء إلى المحاكم الدولية والأوروبية سبقه تهديد مماثل أطلقه “ممثلها” في مدريد، قائلا في تصريحات صحافية إن “إسبانيا ستجدنا أمامها في حال أقدمت على هذه الخطوة”، فيما يرى مهتمون أن الكيان الوهمي يفتقد لأهلية التقاضي أمام القضاء الدولي بالنظر لافتقاره لعناصر الدولة وأركانها، مؤكدين أن تلويحه باللجوء إلى المحاكم لا يعدو كونه مجرد مناورات سياسية.
تعليقا على ذلك، قال محمد عصام العروسي، مدير مركز منظورات للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية، إن “الكيانات السياسات التي تقف في موقع المُطالب في ما يتعلق بالخلافات المتعلقة بالحدود سواء البرية منها أو البحرية أو الجوية، يجب أولا وقبل كل شيء أن تكون دولا ذات سيادة وفق الأركان التي حددها القانون الدولي، عكس ما هو عليه الحال في هذه الحالة؛ ذلك أننا أمام ميليشيا انفصالية ليس لها الحق في أي مطالبات قانونية في هذا الصدد”.
وأضاف العروسي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “اتفاق إدارة المجال الجوي كان في الأصل مع بلد مستعمر سابقا، هو إسبانيا التي انخرطت في دينامية جديدة مع المغرب قوامها الدعم الكامل لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية”، موضحا أن “تهديدات الجبهة الانفصالية في هذا الصدد، هي تهديدات وتلويحات سياسية وليس قانونية”.
وأوضح المتحدث أن “تهديد البوليساريو باللجوء إلى القضاء الدولي لا ينبني على أي أساس قانوني، إذ تنتفي في هذا الكيان شروط التقاضي أمام المحاكم الدولية. أما على مستوى القضاء الأوروبي، فستُطرح مسألة الاختصاص، حيث إن مبدأ إقليمية القوانين هو الذي سيطبق في هذه الحالة، أي إن المجال موضوع الدعوى يقع خارج دائرة اختصاص المحاكم الأوروبية”.
وخلص العروسي إلى أن “القضاء الأوروبي حتى وإن قبل طلب الطعن الذي تهدد به البوليساريو إسبانيا باعتبارها عضوا في الاتحاد الأوروبي، فإن الأمر سيكون انطلاقا من قراءة سياسية وليست قانونية، وما على المملكة المغربية في هذه الحالة إلا الدفع بعدم اختصاص المحاكم الأوروبية للنظر في الدعوى المُفترضة”.
في سياق مماثل، أوضح عباس الوردي، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخمس بالرباط، أن “هذه التهديدات لا تأثير لها أبدا على مسار تصفية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية الذي تسير فيه الرباط بخطوات متسارعة”، مشيرا إلى أن “ملف إدارة المجال الجوي بالصحراء مرتبط بآلية من آليات التعاون المغربي الإسباني الذي يسير في اتجاه تمنيع العلاقات بين البلدين وتسوية النقاط الخلافية والعالقة في إطار من الحوار والتفاوض”.
وأضاف الوردي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الحديث عن قرب تسليم مدريد إدارة المجال الجوي في الصحراء أثار فزع الانفصاليين ومعهم الجزائر، على اعتبار أن هذه الخطوة تكرس سيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية وتُجهض الأحلام الانفصالية في الأراضي المغربية”، موضحا أن “تدبير ملف المجال الجوي في الصحراء مكفول لكل من الرباط ومدريد في إطار ما تمليه الشرعية الدولية”.
واعتبر الأستاذ الجامعي ذاته أن “تلويح الكيان الوهمي باللجوء إلى القضاء الدولي أو الأوروبي ضد إسبانيا، هو دليل واضح على نجاح العلاقات الثنائية والشراكات النموذجية التي تربط هذه الأخيرة بالمملكة المغربية”، مبينا أن “البوليساريو كان المفترض بها أن تقاضي الجزائر أولا التي تنكر لساكنة تندوف أبسط الحقوق التي يكلفها القانون الدولي للاجئين، ثم مقاضاة البوليساريو نفسها ومعها صانعوها حول الانتهاكات الجسيمة التي ترتكب بشكل شبه يومي في المخيمات”.
المصدر: هسبريس