عقود تمويل “كاب أكسيس” تضع المقاولات المغربية تحت مقصلة البنوك
يبدو أن المقاولات ماضية تحت مقصلة البنوك في سياق العرض التمويلي المبتكر “الديون الثانوية”، الذي أعلن عنه صندوق محمد السادس للاستثمار، بشراكة مع الشركة الوطنية للضمان ولتمويل المقاولة “تمويلكم”، والمجموعة المهنية لبنوك المغرب، باعتبار غموض الصيغة التعاقدية للحصول على قروض “كاب أكسيس” (CapAccess)، والمعايير التي ستعتمدها المؤسسات الائتمانية، بصفتها الشباك الوحيد في هذه العملية، من أجل معالجة وقبول ملفات الطلبات الواردة عليها من المقاولات.
وشرعت البنوك في تسويق منتج “الديون الثانوية” في السوق، فيما سجلت مجموعة “بنك أفريقيا” السبق في هذا الشأن، على أساس توالي العروض خلال الفترة المقبلة؛ إلا أن العرض المعلن عنه حتى الآن لم يتضمن مجموعة من المعطيات حول تفاصيل التعاقد بين المقاولة والبنك، خصوصا ما يتعلق بمعدل الفائدة على القرض، في ظل تحديد صندوق محمد السادس للاستثمار معدل فائدة لا يتجاوز5.5 في المائة على حصته من التمويل.
وتستهدف “الديون الثانوية” دعم المقاولات المغربية ذات المشاريع الاستثمارية الناجعة، التي لا تتوفر على القدر الكافي من رأس المال الذاتي الذي تفرضه البنوك على طالبي القروض. كما يمثل المنتج التمويلي الجديد مصدرا جديدا للتمويل إلى جانب القرض البنكي. ويتعلق الأمر بثلث عبارة عن “دين ثانوي”، إلى جانب ثلثين من القروض البنكية الكلاسيكية.
فائدة غير تنافسية
اعتبر سليم شهابي، مستشار مالي وبنكي، أن معدل الفائدة المطبق على “الديون الثانوية” في حدود 5.5 في المائة يظل غير تنافسي، في ظل غموض معدلات الفائدة التي تعتزم البنوك إقرارها بالنسبة إلى ثلثي التمويل المتبقيين، باعتبار أن الأمر يتعلق بقروض بنكية كلاسيكية، مشددا على أن مؤسسات تمويلية على غرار البنك الأوربي لإعادة الإعمار والتنمية تعرض معدلات فائدة أقل في السوق المغربية.
وأضاف شهابي أن التبريرات التي سردها محمد بنشعبون، مدير عام صندوق محمد السادس للاستثمار، على هامش حفل توقيع اتفاقيات طرح “الديون الثانوية”، “تخالف المنطق وتعزز مخاوف المقاولات من تحصيل قروض بكلفة عالية”، موضحا أن المسؤول اعتبر أن المنتج المقدم، الذي يمثل ثلث التمويل، مدعوم وعالي المخاطر، وبالتالي يجب أن يتاح بمعدل فائدة في حدود 5.5 في المائة، إلى جانب معدلات فائدة أخرى “تنافسية” ستتبناها البنوك بالنسبة إلى باقي مبلغ التمويل.
ومعلوم أن “الديون الثانوية” تتوجه إلى المقاولات التي يتراوح رقم معاملاتها بين 10 ملايين درهم و500 مليون، مع أقدمية لا تقل عن 3 سنوات من النشاط في السوق؛ فيما حدد سقف 30 مليون درهم بالنسبة إلى المنتج التمويلي الجديد، وذلك حسب الأصول الصافية للمقاولة التي ستستفيد من فترة سماح قبل الشروع في استرداد القرض، تضاعف تلك المعروضة من قبل البنوك، ولن تتجاوز 5 سنوات.
انتقاء على المقاس
بالنسبة إلى عمر زودين، خبير في الهندسة المالية وتسيير المقاولات، فالشروط المعلنة تتخطى بكثير قدرات المقاولات الصغرى، متوقعا أن يتم التركيز في تسويق “الديون الثانوية” على المقاولات المتوسطة وما فوق المتوسطة، على اعتبار معايير الانتقاء المحددة على مقاس هذه الفئة من الزبائن من قبل البنوك، في سعيها إلى تدبير مخاطر عدم الأداء، والمحافظة على مكاسبها التجارية.
وأوضح زويدن أنه رغم تعبئة صندوق محمد السادس للاستثمار مبلغ 4 ملايير درهم لفائدة المنتج التمويلي الجديد، أي حوالي 12 مليار درهم بإضافة ثلثي مبلغ التمويل من البنوك، فإن معايير الانتقاء الصارمة التي تركت بين أيدي المؤسسات الائتمانية، بصفتها الشباك الوحيد لتلقي ومعالجة طلبات القروض الجديدة، يرتقب أن تحرم عددا كبيرا من المقاولات، خصوصا الصغرى، من التمويل.
وبهذا الخصوص ستهم المعايير الجديدة التوفر على مساهمة ذاتية مهمة، تؤكد انخراط والتزام المقاولة في المشروع المرغوب في تمويله، فيما يشترط أن يهم التمويل المشاريع الاستثمارية للمقاولات دون غيرها، إضافة إلى وجوب التزام المقاولة بالشروط البيئية والمجتمعية التي جرى تحديدها بالتنسيق مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب.
يشار إلى أن مجموعة من مجالات الأنشطة الاقتصادية استبعدت من قبل البنوك عند دراسة ملفات طلبات الحصول على منتج “كاب أكسيس”. ويتعلق الأمر بالمقاولات الفاعلة في الإنعاش العقاري والصيد في أعالي البحار، وإنتاج الأسلحة، وكذا ألعاب الحظ والرهان، وإنتاج وتصنيع التبغ والمشروبات الكحولية، إضافة إلى قطاعات أخرى.
المصدر: هسبريس