القدرة الشرائية و”الاحتكار” يقلقان تنظيمات حماية المستهلك في رمضان
ساعات معدودة تفصلنا عن شهر رمضان، الذي يحتلّ رمزيةً خاصة في وجدان المغاربة كانت كفيلة بـ”إخراج” حماة المستهلك إلى العلن لإطلاق تحذيرات متواصلة بشأن “الخروقات” التي تعرفها الأسواق المغربية، نتيجة تنامي المضاربة والاحتكار خلال هذه الفترة من كل سنة، الأمر الذي دفع الجهة المذكورة إلى “المطالبة بتشديد المراقبة ورفع درجتها إلى الحد الأقصى”.
ولم تكتف “جمعيات حماية المستهلك”، التي تواصلت معها هسبريس، بمطلب تشديد المراقبة، بل نادت بـ”ترتيب الجزاءات في حق المخالفين ومصادرة السلع التي تخضع للاحتكار، حتى تستطيع الدولة القضاء على “الجشع”، الذي يعدّ مشكلة رأسمالية “خالصة”، ولكن تحتاج إلى ضبط وإلى تنظيم درءاً لمختلف أشكال التسيب والفوضى التي تعرفها الأسواق”.
مشكلة سنوية
أحمد بيوض، الرئيس المؤسس لجمعية “مع المستهلكين”، قال إن “عمليات المضاربة والاحتكار تزداد سنويا مع اقتراب شهر رمضان، رغم أن القوانين المنظمة تمنع الاحتكار، لكن التسيب الذي يعرفه السوق والطابع الموسمي للمراقبة يؤجلان التصدي لهذه الظواهر”، معتبرا أن “الحل هو الصرامة في المراقبة وتحويلها إلى مهمّة يومية للسلطات طيلة شهر رمضان، وأن تكون بكثافة أكبر قبل وبعد الشهر الفضيل”.
وأوضح بيوض، في تصريح لهسبريس، أن “الأسعار تشتعل تبعاً لمنطق الاحتكار، ولهذا ينبغي على السلطات أن تتوفر لها معطيات مثلا عن المنتوجات الموجودة بكثرة عند محلات بعينها في الوقت الذي تعرف فيه السوق خصاصا، فهذا يدل على احتكارها وتخزينها استعداداً للظرفية”، مؤكدا “ضرورة أن تسعى الجهات الرّسمية إلى البحث الكافي في حيثيات الأسواق لكي نضمن للمستهلك ظروفاً إيجابية”.
ولفت المتحدث عينه الانتباه إلى “ضرورة أن تشهر المحلات التجارية الأثمنة في هذه الفترة، وأن تراقب السلطات سلامة المنتوجات، فالإجراءات موجودة وننوه بها، لكنها ليست كافية لكون المشكلات المرتبطة بالأسواق تعدّ سنويةً ولا ينتهي اللغط بشأنها”، مشيرا إلى “دور المضاربين والوسطاء السلبي أيضاً في هذه السياقات”، وقال: “المنطق السائد يضرب المنافسة الشّريفة في العمق، ويكون الضّحية هو المستهلك”.
تجار الأزمات
عبد الكريم الشافعي، نائب رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك بالمغرب رئيس الفيدرالية الجهوية لحقوق المستهلك بجهة سوسماسة، قال إن “الاحتكار مازال يمثل مشكلة بنيويّة داخل السوق المغربية، وينتعش بشكل ملحوظ في المناسبات الدّينية”، واصفاً الذين يحترفون احتكار السلع بـ”تجار الأزمات، الذين لا يراعون لا القوانين المعمول بها ولا الجانب الديني الذي يمنع هذه الممارسات الخبيثة”.
ووضّح الشافعي، في تصريح لهسبريس، أن “الفورة في الاستهلاك التي تشكل عادةً في سلوك المغاربة، هي بدورها مشكلة حقيقية تمنح الجشعين فرصة لاحتكار بعض السلع إلى غاية الأيام الأخيرة قبل رمضان لعرضها بأثمنة عالية، وهذه العادة نبهنا مرارا إلى أنها غير صالحة، حتى لو اعتبرنا، مبدئيا، أن الاحتكار والزيادة غير الأخلاقية في الأثمان لا مبرّر لهما”، موضحاً أن “هذه الارتفاعات تضر بالقدرة الشرائية للمستهلكين”.
وأشار الفاعل في مجال حماية المستهلك إلى “التنسيق الدائم مع مصالح الداخلية والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية لأجل تشديد الحصار على من يخزنون المنتجات في ظروف غير صحية لطرحها للتداول خلال رمضان”، معتبرا أن “التساهل لم يعد شيئاً ممكناً، بل إن التّطور الذي بلغناه يستدعي أن تكون السلطات حازمة مع أي متلاعب كيفما كان نوعه”.
مجهودات رسمية
مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، أشار إلى أن الحكومة تولي تموين الأسواق خلال شهر رمضان أهمية كبيرة جدا، مؤكدا أنه منذ فاتح يناير إلى غاية 5 مارس الجاري، تمت مراقبة 46 ألفا و361 نقطة بيع بالبلاد، مبرزا أن عملية مراقبة الأسواق أسفرت عن ضبط 2983 مخالفة، منها 554 كانت موضوع إنذارات للمخالفين، و2438 تم إنجاز محاضر بشأنها وإرسالها إلى المحاكم المختصة.
وأضاف بايتاس في اللقاء الصحافي عقب اجتماع المجلس الحكومي، الخميس الماضي، أنه “تم حجز وإتلاف 120 طنا من المنتوجات غير الصالحة للاستهلاك وغير المطابقة للمعايير المعمول بها في هذا الإطار، وذلك منذ بداية العام”، مشددا على حرص الحكومة على متابعة موضوع التموين خلال رمضان.
المصدر: هسبريس