هذه عوامل ضعف التكتلات الإقليمية في إفريقيا لحل المشاكل القارية
رصدت ورقة سياسة حديثة صادرة عن “المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات”، “محدودية” تأثير المنظمات الإقليمية في القارة الإفريقية في تعزيز التكامل الاقتصادي والتعاون السياسي والتنمية الاجتماعية في القارة، على غرار منظمة الاتحاد الإفريقي وتكتل “إكواس” و”اتحاد المغرب العربي” وغيرها من التكتلات الأخرى.
وأوضح المصدر ذاته أن “انتشار المنظمات الإقليمية في إفريقيا يعكس التزام هذه الأخيرة بتعزيز التكامل الإقليمي. ومع ذلك، فإن العدد الهائل لهذه الكيانات يطرح مجموعة من التحديات حتى إن العديد منها تحول إلى اسم فقط بدون أي دور أو وجود كما هو حال الاتحاد المغاربي بسبب الصراعات بين الدول الأعضاء”، في إشارة إلى الصراع بين الرباط والجزائر حول قضية الصحراء المغربية.
وفي تفسيره للعوامل ونقاط الضعف التي تعيق قدرة هذه التكتلات على حل المشاكل القارية، أشار “المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات” إلى أن “مسألة الإرادة السياسية بين الدول الأعضاء في هذه المنظمات تشكل أكبر عائق أمام فعالية هذه الأخيرة”، معتبرا في هذا الصدد أنه على الرغم من إنشاء أطر وسياسات شاملة تهدف إلى معالجة التحديات القارية، إلا أن جهود تحقيق هذه الأهداف كثيرا ما يتم تقويضها بسبب إعطاء الأولوية للمصالح الوطنية على الالتزامات الإقليمية.
في السياق نفسه، لفتت الورقة إلى أن “الإرادة السياسية تضعف بشكل أكبر بفعل المستويات المتفاوتة من الاستقرار السياسي والتنمية وطبيعة هياكل الحكم في الدول الأعضاء”، وشرحت أن “البلدان التي تتمتع باقتصادات قوية أو بيئات سياسية أكثر استقرارا قد تهيمن على عمليات صنع القرار، مما يؤدي إلى سياسات تحابي مصالح القلة بدلا من المصالح الجماعية، وعلى العكس من ذلك، قد تشعر الدول الأضعف بالتهميش أو عدم القدرة على تلبية متطلبات المبادرات الإقليمية، وبالتالي إعاقة التنفيذ الموحد”.
أما العامل الثاني الذي يحد من الفاعلية السياسية والاقتصادية للتكتلات الإقليمية في القارة السمراء، فيتجلى في الاعتمادات المالية، حيث أوضح المصدر ذاته أن اعتماد هذه التكتلات على الجهات المانحة الخارجية في الجزء الأكبر من ميزانياتها يقوض بشكل كبير استقلاليتها، وهذا الاعتماد يحد من قدرتها على القيام بمبادرات مستقلة ويجعلها عرضة لمصالح وأولويات الجهات المانحة لها وليس مصالح وأولويات الدول الأعضاء فيها.
واستمرارا في استعراض مختلف العوامل المفسرة لمحدودية تأثير المنظمات الإقليمية في المجال موضوع الدراسة، لفتت الوثيقة عينها إلى أن “تداخل العضويات بين المنظمات الإقليمية في أفريقيا يطرح تحديات كبيرة في مجال التنسيق وتضاربا محتملا في المصالح، ومن الأمثلة البارزة على ذلك تداخل العضوية بين الاتحاد الأفريقي والجماعات الاقتصادية الإقليمية، مثل الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ومجموعة التنمية للجنوب الأفريقي”.
وأشارت الورقة في هذا الصدد إلى أن “الدول الأعضاء المنتمية إلى كل من الاتحاد الأفريقي وهذه المجموعات الاقتصادية الإقليمية، قد تعطي الأولوية للمصالح الإقليمية على الاهتمامات القارية، مما يؤدي إلى نهج مجزأ في معالجة القضايا الأفريقية”، مبرزة في الوقت ذاته محدودية آليات التنفيذ داخل هذه المنظمات، مما يؤدي إلى “ثغرات في معالجة القضايا القارية”.
وخلص “المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات” إلى أن تحقيق التكتلات الإقليمية في إفريقيا لأهدافها رهين بـ”تكامل الجهود لمعالجة نقاط الضعف، ويتطلب ذلك تعزيز التعاون السياسي وضمان استقرار مالي لتحقيق الأهداف على المدى الطويل”، موصيا الاتحاد الأفريقي بإعادة تقييم استراتيجياته المالية لمواجهة التحديات الناجمة عن الاضطرابات السياسية والانقلابات العسكرية.
.
المصدر: هسبريس