عصابات وجوع ورئيس وزراء مختفٍ.. ماذا يحدث في هايتي؟
تعيش هايتي أزمة كبيرة، بعد أن سيطرت عصابات مسلحة على أغلب العاصمة بور أو برنس، وأصبحت مقاطع الفيديو الأكثر انتشارا في البلاد عبارة عن لقطات تعذيب تسجلها وتنشرها هذه العصابات، لنشر الرعب وتسريع عمليات دفع الفدية بواسطة الآلاف من ضحايا عمليات اختطاف.
وذكرت شبكة “سي إن إن” الأميركية، أن العصابات تهاجم السكان وتقسم الأحياء فيما بينها إلى مناطق نفوذ، ضمن سلسلة من العذاب اليومي الذي يواجهه سكان هايتي، الدولة التي وصل فيها المواطنون إلى نقطة الانهيار.
وحسب تقديرات أممية، فإن “العصابات تسيطر على نحو 80 بالمئة من العاصمة، وتقاتل من أجل السيطرة على ما تبقى خارج نفوذها”.
اختفاء رئيس الوزراء
وأعلنت الحكومة، الأحد، حالة الطوارئ وحظر التجول الليلي، لإعادة فرض النظام في العاصمة، بعدما فر الآلاف من سجن رئيسي في البلاد، إثر هجوم للعصابات المسلحة أسفر عن مقتل 10 أشخاص.
ووقّع وزير الاقتصاد، باتريك ميشال بوافير، على القرار بصفته رئيسا للوزراء بالوكالة. وكان رئيس الوزراء، أرييل هنري، في كينيا الأسبوع الماضي، حيث وقّع البلدان اتفاقا لإرسال عناصر من الشرطة الكينية إلى هايتي.
ولا يزال مكان رئيس الوزراء هنري غير معلوم حتى الآن، بعد رحلته الأخيرة إلى كينيا.
وتواجه هايتي، البلد الفقير في منطقة الكاريبي، أزمة سياسة وأمنية وإنسانية خطيرة، منذ اغتيال الرئيس، جوفينيل مويز، عام 2021. وتجد القوى الأمنية نفسها عاجزة أمام عنف العصابات، بحسب وكالة فرانس برس.
ومنذ الخميس، تهاجم عصابات مسلحة مواقع استراتيجية، معلنة سعيها لإطاحة رئيس الحكومة الذي يتولى السلطة منذ 2021، وكان من المفترض أن يغادر منصبه في مطلع فبراير.
ونقل تقرير “سي إن إن” تصريحات لأحد زعماء العصابات يدعى جيمي شيريزير، قال فيها: “المعركة التي نخوضها لن تطيح حكومة أرييل فقط، بل معركة ستغير النظام بأكمله”.
وأشارت وكالة رويترز إلى أن شيريزير، ضابط شرطة سابق يرأس تحالفا من العصابات، عطل البلاد عندما أغلق أكبر محطة نفط عام 2022، ويخضع لعقوبات من كل من الأمم المتحدة ووزارة الخزانة الأميركية.
وحينما انتشرت شائعات بوقت سابق هذا الشهر عن إغلاق مركز شرطة محلي، سارع السكان إلى الشوارع وأسقطوا حافلة وأحرقوا إطاراتها وطالبوا برحيل رئيس الوزراء.
وقال أحد المتظاهرين، حسب “سي إن إن”: “على أرييل هنري الرحيل. نعيش في حالة عدم استقرار تام. نعيش على القمامة ومياه الصرف الصحي. لا يمكنني الذهاب إلى العمل، ولا أقدر على إعالة أسرتي أو إرسال أطفالي إلى المدرسة”.
ونقلت الشبكة الأميركية أن العصابات باتت أكثر وحشية بشكل جعل بعض أفرادها يضيقون ذرعا، حيث قال أحدهم (رفض ذكر اسمه حفاظا على سلامته) وهو فتى عمره 14 عاما: “أرى الناس يموتون أمامي يوميا. ما أكرهه هو حينما يقتل (أحد أفراد العصابة الآخرين) شخصا ويطالبونني بحرق جثته”.
وواصل المراهق أن أحد أصدقائه وهو فرد في العصابة، قُتل وأُحرق قبل أيام، وأضاف: “لا أريد أن يحدث ذلك لي”.
آمال معقودة على “الخارج”
كان من المفترض أن تتولى حكومة منتخبة في السابع من فبراير الماضي مقاليد السلطة في هايتي، بموجب اتفاق بين حكومة هنري وائتلاف من الشخصيات المؤثرة من المجتمع المدني وقطاع الأعمال في البلاد.
لكن لم يتم إجراء أي انتخابات، وتحدث هنري في خطاب الشهر الماضي عن “الصبر” حتى انتهاء المهمة الأساسية للحكومة الانتقالية وتهيئة الظروف لتنظيم الانتخابات، بحسب “سي إن إن”.
وكانت تقارير قد أشارت إلى أن هنري وافق بالفعل على مقترح جديد يقضي بإجراء انتخابات عامة في موعد أقصاه 31 أغسطس 2025.
ويضع هنري آماله على حل خارجي لا يملك إلا قدر قليل من السيطرة عليه، وهو قوة “الدعم العسكري” بقيادة كينيا، والتي طالبت حكومته بها في العام الماضي، وحصلت على ضوء أخضر من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ونقلت “سي إن إن” عن مستشار هنري، جان جونيور جوزيف، أن “السبب وراء طلب إصدار قرار من الأمم المتحدة في أكتوبر 2022، هو أن الشرطة والقوات الأمنية الأخرى غير قادرة على مواجهة العصابات”.
وشدد على أن الغضب من الحكومة في أزمة العصابات “ليس في محله”، لأن خياراتها بهذا الشأن “محدودة”، مضيفًا: “الوضع معقد جدا لدرجة أن العصابات تمتلك ذخيرة أكثر منا”.
ولا تحظى فكرة التدخل العسكري الأجنبي بشعبية في هايتي، في وقت لا يتضح فيه حتى الآن طبيعة عمل البعثة التي ستقودها كينيا في البلاد.
وأشارت “سي إن إن” إلى أن تحرك العصابات الأسبوع الماضي تزامنا مع وجود هنري في نيروبي لتوقيع اتفاق يدعم مهمة القوات، يشير إلى أن “القوة المقدرة بحوالي ألف جندي من المتوقع أن تسهم بشكل كبير في مواجهة سيطرة العصابات على مناطق واسعة في العاصمة”.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن تقديرات الخبراء والمطلعين توضح أن الضغوط المتزايدة وأعمال العنف التي لا يمكن تحملها، من المرجح أن “تنفجر” حال عدم بدء القوات عملها في البلاد.
المصدر: صحيفة الراكوبة