خبراء يتوقعون تراجعا مضطردا في المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل
ما زالت العملية العسكرية، التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة المحاصر منذ أكتوبر، تلقي بظلالها على المبادلات الاقتصادية بين الرباط وتل أبيب، على المستوى الرسمي وأيضا المقاولات الحرة، خصوصا في الوقت الذي يحافظ فيه المغرب على موقف ثابت يعبّر عنه في كل المناسبات بأنه ما زال داعما لحق الفلسطينيين في بناء دولتهم المستقلة ووقف عملية الإبادة الجماعية التي تحدث في القطاع المحاصر.
في هذا الصدد، أوردت تقارير اقتصادية عبرية، تناقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن “المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل عرفت خلال الشهور الأخيرة تراجعا بنحو 60 في المائة، لا سيما في ما يخص التبادل التجاري الذي يتعلق بالبضائع، وما رافقه من إيقاف للرحلات الجوية بين البلدين”؛ لكن ثلة من الأكاديميين المغاربة الذين تواصلوا مع هسبريس عدوا “التراجع طبيعيا في سياق سياسي يصرح فيه المغرب والمغاربة بضرورة وقف الحرب”.
الانهيار حل
عمر الكتاني، أكاديمي وباحث في الاقتصاد، قال إن “العلاقات التبادلية بين المغرب والكيان الإسرائيلي يتعين أن تواصل التراجع إلى أن تنهار، وتتراجع بنسبة 100 في المائة، لأجل الضغط على الجانب الإسرائيلي لوقف الإبادة الجماعية المنفّذة في قطاع غزة”، معتبرا أن “المدخل الاقتصادي ضروري جدا لفرض مسار آخر للحرب غير المتكافئة؛ فنحن أمام قتل مقصود للمدنيين والأطفال والنساء، وتهجيرهم بلا أيّ رحمة”.
ورفض الكتاني “مصافحة تجارية مع يد ملطّخة بدماء الأبرياء”، متوقعا “المزيد من التراجع في المبادلات”، لافتا إلى “أن تجار الحشيش يتضامنون مع فلسطين، كما أشارت تقارير إلى ذلك؛ لأن المنطق السليم يكشف أن الورقة المتبقية لكي تتوقف إسرائيل هي إنهاكها اقتصاديا، والمغرب لديه مواقف سياسية تنصر فلسطين، لكن المرور إلى فعل أكثر حزما يجب أن يُفعّل من خلال تحجيم العلاقات الاقتصادية وإنهاء التطبيع”.
وشدد المتحدث عينه على “نمو الشعور بفداحة ما يحصل لدى المغاربة، وبالتالي ليست هناك قابلية كبيرة لاستهلاك منتوجات قادمة من إسرائيل؛ وماركات مغربية قررت وقف التصدير نحو تل أبيب، وكانت هناك مقاطعة حتى للشركات المتضامنة معها”، مؤكدا على “دور المغرب الأساسي في القضية الفلسطينية، لكن المغرب وحده لن يكون مؤثرا، بما أن الأمر يمس العلاقة بين العالم الإسلامي والعربي وإسرائيل”.
“سياسة راسخة”
عبد الحق التهامي، أكاديمي محلل اقتصادي، قال إن “الجانب السياسي لاعب أساسي في عملية التراجع الاقتصادية التي يبدو أنها أصبحت حقيقة بحكم البيانات المتواصلة حول الموضوع”، مشيرا إلى “عدم قدرة الاقتصادي أن يتغلب على السياسي في هذا الملف الجيوسياسي، والإنساني، بما أن الأمر يرتبط بحرب يكشف المغرب عن موقف ثابت بخصوصها”.
ولم يستبعد التهامي، في تصريحه لهسبريس، أن “تهوى العلاقة التبادلية إلى درجات دنيا إذا استمرت الحرب، خصوصا أن المغرب ما زال يتمسك بمطالب وقف الحرب”، مشيرا إلى “إمكانية أن يكون التراجع الاقتصادي ظرفيا؛ وذلك ليس فقط لكون المغرب لم يستورد أو لم يصدر من أو إلى إسرائيل، بل وصول السلع إلى تل أبيب سيعرف صعوبة، لا سيما في ما يتعلق بالمنتوجات القادمة من جنوب إفريقيا”.
وأضاف المتحدث عينه أن “النسبة التي تبلغ 40 في المائة، والتي لم تبرز التقارير التي تحدّثت عن الموضوع طبيعتها، يمكن أن تنخفض أيضا، فلا شيء واضح، خصوصا إذا تواصل العدوان الإسرائيلي وظل ثبات المغرب على الموقف السياسي”، مشيرا إلى “عدم مغامرة العديد من المقاولات الوطنية للخروج عن الموقف الرسمي السياسي للمغرب والمناصر لفلسطين. علاقة المغاربة بالقضية الفلسطينية قوية، وكلها محددات لمستقبل التعاون الاقتصادي بين البلدين”.
المصدر: هسبريس