بعد “أحداث أولاد زيان”.. حقوقيون يرفضون ترحيل المهاجرين نحو مدن بديلة
أعادت عملية الإخلاء التي قامت بها سلطات مدينة الدار البيضاء في حق المهاجرين المنحدرين من جنوب الصحراء، الذين كانوا يقطنون بطريقة غير قانونية قرب محيط المحطة الطرقية أولاد زيان، النقاش حول ظاهرة “إغراق المدن الداخلية”.
وحذر مجموعة من الحقوقيين من نهج هاته المقاربة التي تؤثر على ساكنة المدن الداخلية، مجددين الدعوة إلى “بناء مراكز للإيواء في المدن الكبرى” وإيجاد حل جذري لهاته الإشكالية.
وتغيب، إلى حدود اللحظة، أي تأكيدات رسمية حول قيام سلطات الدار البيضاء بترحيل المهاجرين من محيط المحطة الطرقية أولاد زيان إلى مدن في الجهة الشرقية، وأخرى في الجنوب الشرقي.
ويبقى مصير هؤلاء المهاجرين “مجهولا”؛ فيما يفسر خبراء هاته المقاربة بأنها “تجسيد واضح على تحمل المغرب مسؤولية هؤلاء المهاجرين، وذلك بطرق مؤقتة، تجنب بلادنا ظواهر الترحيل نحو الخارج التي تعرفها العديد من الدول المجاورة”.
بين التحذير والتبرير
محمد لعمير، عضو بفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء، قال إن السلطات “تتحمل مسؤولية هؤلاء المهاجرين، ويجب أن تجد مقاربة جديدة لحل وضعيتهم، عوض اللجوء مثلا إلى توزيعهم في مدن مختلفة”.
وأضاف لعمير، ضمن تصريح لهسبريس، أن السلطات يجب أن تلتزم بما وقّع عليه المغرب في العديد من الاتفاقيات الدولية، مشيرا إلى “غياب أي قانون أو صلاحية تخول للسلطات عملية ترحيل المهاجرين في وضعية غير قانونية إلى مدن داخلية”.
وشدد الحقوقي ذاته على أن رصد حالات للإجرام في صفوف هؤلاء المهاجرين في مدن كبرى، ثم بعدها ترحيلهم نحو مدن داخلية، تكون السلطات لم تحل المشكل على الإطلاق؛ بل فقط نقلته من مكان إلى آخر.
واعتبر العضو بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن مقاربة توزيع “الحراكة” على المدن الداخلية هي مقاربة قديمة، وجب التخلي عنها في الوقت الحالي والمستقبلي”، مبينا أن “السلطات تعي بأن تشديد المراقبة على الحدود أمر ضروري لمنع دخول المهاجرين إلى التراب الوطني”.
من جانبه، سجل عبد الفتاح الزين، منسق الشبكة الإفريقية للهجرة والتنمية، أن مقاربة توزيع المهاجرين نحو المدن الداخلية “هي حل المغرب، الذي يبقى أفضل من الترحيل نحو الخارج”.
واعتبر الزين، ضمن تصريح لهسبريس، أن الترحيل هو “شر لا بد منه”، خاصة أن مقاربات الدول تجاه الهجرة منقسمة، والمغرب يحرص على تحمل المسؤولية عوض التهرب منها.
وأورد قائلا: “المغرب يقوم بالترحيل داخل التراب الوطني، على خلاف دول مجاورة كالجزائر وتونس”، مؤكدا أن “هذا الترحيل يعبر عن تحمل المغرب للمسؤولية، في إطار سياسة الهجرة الجديدة التي انطلقت منذ سنة 2011، ويتم كل سنة تقييمها وفق مؤهلات البلاد”.
وحول تأثير هذا الترحيل على ساكنة المدن الداخلية، أردف الزين أن “لا أحد ينكر أن هنالك تداعيات، والمغرب يتحملها سياسيا، ويحاول حاليا حلها في إطار إفريقي”.
وفي هذا الشق، أوضح منسق الشبكة الإفريقية للهجرة والتنمية أن “مقاربة الترحيل داخل التراب الوطني هي مؤقتة، في إطار إيجاد بديل في سياق منطقة التبادل الحر الإفريقية”، وفق تعبيره.
صورة المغرب
وعودة إلى الجانب الحقوقي، قال إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إن “مسألة ترحيل المهاجرين نحو مدن الجنوب هي متواجدة؛ لكنها غير مؤكدة في واقعة أولاد زيان”.
وأضاف السدراوي لهسبريس أن السلطات تتحمل حاليا مسؤولية هؤلاء المهاجرين، كما أن مقاربة الترحيل نحو المدن الداخلية لا تستجيب للعصر الحالي وأيضا لالتزامات المغرب في هذا المجال.
واستطرد المتحدث قائلا: “هاته المقاربة لها تداعيات كبيرة، وتلبس الثوب الأمني فقط، ولا تنفع صورة المغرب سواء قاريا أو أوروبيا”، مشددا على “ضرورة إيجاد حلول مثل استغلال الشراكة مع أوروبا لبناء مراكز للإيواء”.
المصدر: هسبريس