مهنيو الدواجن يسوغون ارتفاع الأسعار.. و”المستهلك” تطلب تكثيف المراقبة
تمُر سلسلة إنتاج الدواجن (اللحوم البيضاء) في الآونة الأخيرة بفترة “اضطراب في الأسعار”، سواء بالنسبة لتكاليف الإنتاج التي يشتكي المهنيون من “استمرار ارتفاعها بالمغرب رغم انخفاض المواد الأولية عالمياً”، أو بالنسبة لسعر دجاج اللحم لدى المستهلك النهائي لهذه المادة الحيوية التي يزداد عليها إقبال المغاربة، خصوصا في شهر رمضان.
ووفقًا لمصادر مهنية استقت رأيَها جريدة هسبريس الإلكترونية في اتصالات مختلفة، تم تداول دجاج اللحم بسعر تراوح بين 17 درهما و18.50 درهماً للكيلوغرام الواحد بالنسبة للدجاج الحي في المزرعة والضيعات مع بداية هذا الأسبوع (يوم 19 فبراير)؛ قبل أن تصل إلى المستهلك النهائي بـ”سعر ضمن نطاق 20 إلى 23 درهمًا للكيلوغرام”.
وفضلا عن “تضخم أسعار الأعلاف المركَّبة” الذي رافق المواد الأولية منذ الحرب الروسية الأوكرانية قبل عامين، يبرز سبب “الزيادة الكبيرة في الطلب”، دون “إغفال إشكالية ندرة الماء”، ما فاقَم معاناة المنتجين أصحاب ضيعات تربية الدواجن بالمغرب؛ حسب ما أفاد به مصطفى المنتصر، رئيس الجمعية الوطنية لمنتجي لحوم الدواجن (APV)، خالصا إلى أن “كل هذه العوامل مجتمعة” أفضت مباشرة إلى ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء في السوق الوطنية خلال الأيام القليلة الماضية.
تفسيرات مهنية
ارتفاع أثمان لحوم الدجاج، الذي لمسَه عدد من المواطنين، مَرَدُّه، حسب تقدير المنتصر، إلى “عامليْن حاسميْن” في تحديد السعر النهائي، أولهما استمرار “غلاء ثمن الأعلاف المركبة بمختلف أنواعها التي تتكون أساسا من الذرة والصوجا”، مفيدا بأن “الأعلاف تضاعف ثمنها بنسبة زيادة بـ80 إلى 75 في المائة”، ما يجعل تربية الدواجن من عدد من المنتجين “مجازفة كبيرة”، وفق وصفه.
كما أثار المهني ذاته، في حديثه لجريدة هسبريس، “الانخفاض العالمي التدريجي في أثمان الأعلاف الذي لم يواكبْه انخفاضٌ كبير على مستوى المغرب، ما يجعل الانخفاض بنسبة 19 في المائة”، فضلا عن تأكيده أن مهنيي تربية لحوم الدواجن لمسوا “ارتفاع أسعار التبن من 15 درهما إلى 55 درهما للحزمة الواحدة”.
كما لفت رئيس جمعية منتجي لحوم الدواجن إلى “أثر إيقاف القروض البنكية وتسهيل التمويلات لفائدة المربين والمنتجين”، معتبرا أن “ضُعف الإنتاجية التي نقَصت بـ 20 في المائة وخروج بعض الضيعات من الدورة الإنتاجية بسبب قلة المياه”، سببان مفسران إضافيان للوضع الحالي.
ومازالت الفعاليات المهنية ترفع “مطلب التدخل لحماية “الكسّاب/المربّي الصغير”، خاصة في ظل “عدم استقرار الفارق في درجات الحرارة ليلا ونهاراً، ما ساهم في نفوق العديد من الكتاكيت، ما يعني تراجع وفرة العرض في ظل ارتفاع خسائر المنتجين المربّين”.
“في اليومين الأخيرين رصدْنا تحسّن الإنتاجية تدريجياً، إلا أننا نؤكد أنه بحلول الأسبوع الثاني من شهر رمضان ستحدُث وفرة في المعروض أكثر”، يخلص مصطفى المنتصر في تصريحه لهسبريس.
“علاقة مترابطة”
من جانبه أكد سعيد جناح، الأمين العام لـ”الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم”، أن “سعر الدجاج داخل الضيعة تراوح بين 16 و17 درهما”، مبرزا أن “ارتفاع التكلفة على المربّين وسط استمرار معاناتهم من نزيف التكاليف المرتفعة، وتوالي نفوق أمهات الكتاكيت، من أبرز العوامل المفسرة لدينامية الأسعار النهائية؛ فالأمر يتعلق بعلاقة مترابطة بين أسواق الإنتاج والجملة ثم البيع بالتقسيط”.
ودعا المهني ذاته، في إفادات لهسبريس، إلى “تدخل مستعجل من طرف الدولة قصدَ خفض تكاليف الإنتاج، والانتباه إلى الاتجار بالكتاكيت عبر رفع هامش سعرها بحوالي 3 دراهم دفعة واحدة، ما يستدعي تكثيف عمليات المراقبة في الضيعات وكذا أسواق الدواجن بالجملة المتواجدة بالرباط والدار البيضاء ومكناس”.
ونبّه جناح في هذا الصدد إلى “انخفاض كبير في المعروض من دجاج اللحم من 10 ملايين إلى 7.5 ملايين وحدة أسبوعياً”، مثيرا أيضا إشكالية “جودة معايير وظروف الإنتاج”، ومرجحاً أن “الحديث عن انخفاض الأسعار في رمضان يظل مجرد توقعات محتملة غير مؤكدة من طرف دينامية السوق”.
“المستهلك”: مزيد من المراقبة المكثفة
نقطة “تعزيز وتكثيف دوريات المراقبة في الضيعات كما المحلات” استرعت انتباه بوجمعة موجي، نائب رئيس جمعيات حماية المستهلك بالدار البيضاء “uniconso”، الذي قال في حديثه للجريدة: “إننا دوما نظل حبيسِي الإشكال نفسه”، وزاد: “المستهلك النهائي يجد نفسه مكتوياً بـلهيب الأسعار، وهذه الأخيرة محكومة بحرية الأسعار المقررة قانونياً في قطاعات معينة”.
ونبه الفاعل في جمعيات حماية المستهلك بالمغرب إلى “مسألة السلامة الصحية ومدى جودة المنتجات النهائية في مجال سلسلة الدواجن واللحوم البيضاء التي تلقى إقبالا كبيرا من المستهلكين المغاربة، الذين لن يستطيعوا في ظل ارتفاع سعر الكيلوغرام الواحد تلبية حاجياتهم المعتادة، خاصة مع اقتراب رمضان”.
وختم موجي بأن “تعدد الفاعلين في سلسلة الإنتاج ثم التوزيع قبل البيع بالتقسيط يستدعي من الفاعل العمومي المسؤول تعزيزَ عمليات المراقبة طيلة مراحل سلسلة التوزيع والإنتاج (من الضيعات إلى المحلات)، مع دوريات للتحسيس بخطر التغير المناخي (موجات البرد والصقيع أو الحر الشديد) على دينامية السوق”.
المصدر: هسبريس