إنقاذ “قوارب الموت” قرب سواحل الداخلة يبرز تحولات في مسارات الهجرة
تكررت في الآونة الأخيرة تدخلات البحرية الملكية لإنقاذ من يحاولون الهجرة عبر قوارب الموت بالقرب من مدينة الداخلة قادمين من الجنوب، وبالضبط من السواحل الموريتانية في اتجاه جزر الكناري، وهو ما ينبئ بأن اتجاهات الهجرة باتت تتغير ولم تعد تنطلق من الشمال بل من الجنوب.
وكان آخر تدخلات البحرية الملكية أول أمس الأحد، حينما قدمت وحدة كانت تقوم بدورية بحرية على بعد 274 كيلومترا جنوب غرب الداخلة، المساعدة لقارب كان يواجه صعوبات وعلى متنه 141 مرشحا للهجرة غير النظامية، ينحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء، وذلك على إثر معلومات توصل بها المركز الوطني لتنسيق الإنقاذ البحري.
في هذا الإطار، قال محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، إنه “يمكن اعتبار عملية الإنقاذ الأخيرة التي قامت بها البحرية الملكية مؤشرا جديدا على تحول في مسارات الهجرة غير النظامية بعدما تم تشديد الخناق على شبكات التهجير بالشواطئ المغربية بشكل عام، والجنوبية بالخصوص، وتفكيك العديد منها”.
وأضاف بنعيسى، ضمن تصريح لهسبريس، أن “انطلاق قوارب الموت من السواحل الموريتانية يعرض حياة المهاجرين غير النظاميين للخطر، ويطرح كذلك مسألة التنسيق الأمني الثلاثي بين المغرب وموريتانيا وإسبانيا من أجل تفكيك شبكات التهجير والحد من نشاطاتها”.
من جانبه، ذكر حسن بلوان، أستاذ باحث في العلاقات الدولية، أنها ليست المرة الأولى التي تتدخل فيها وحدات تابعة للبحرية الملكية المغربية لإنقاذ مهاجرين أفارقة غير نظاميين في المحيط الأطلسي المقابل للصحراء المغربية.
وقال بلوان، ضمن تصريح لهسبريس، إن “ما حدث من إنقاذ أزيد من 140 مرشحا للهجرة نحو جزر الكناري، بينهم نساء وأطفال، يؤكد مرة أخرى أن ظاهرة الهجرة المنطلقة من السواحل الموريتانية ستكون لها تبعات أمنية وسياسية واقتصادية على المملكة المغربية في الجنوب الأطلسي بعدما نجحت السلطات المغربية في تطويقها شمالا داخل الفضاء المتوسطي”.
وأردف الأستاذ الباحث: “مهما بالغنا في تحديد تكلفة الهجرة السرية بين موريتانيا وجزر الكناري عبر المياه الاقليمية المغربية، فإن المملكة واعية بأدوارها الإقليمية في التصدي لظاهرة الهجرة، وتقوم بما يلزم لحماية مصالحها الأمنية والسياسية والدبلوماسية في إطار احترام مبادئ القانون الدولي وجميع اتفاقيات حقوق المهاجرين بتنسيق مع الدول الإقليمية المعنية”.
ونبه بلوان إلى أن “انخراط المغرب وقواته المسلحة في عمليات إنقاذ المهاجرين والتصدي في الوقت نفسه للجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، لا يمكن تفسيره بتحول المملكة إلى دركي لإسبانيا وأوروبا في منطقة الصحراء والواجهة الأطلسية”، مشددا على أن “الجانب الإسباني مطالب بتنسيق الجهود وتيسير الدعم الأوروبي وتوسيع دائرة التشاور الثلاثي (إسبانياالمغربموريتانيا) في أفق معالجة الظاهرة بشكل شمولي يراعي مصالح دولتي الانطلاق والعبور، ويضمن في الآن نفسه حقوق المهاجرين الفارين من مناطق النزاعات الإفريقية في الساحل والصحراء”.
وتحدث الخبير في العلاقات الدولية أيضا عن “نجاعة عملية الإنقاذ التي قامت بها وحدات البحرية الملكية يوم أمس رغم سوء الأحوال الجوية”، قائلا: “رغم أنها عملية روتينية من بين عشرات العمليات التي تنخرط فيها البحرية الملكية، إلا أنها تحمل مجموعة من الرسائل والإشارات تريد المملكة المغربية إيصالها إلى الدول المعنية، خاصة في الاتحاد الأوروبي”.
وبحسب بلوان، فإن أول هذه الرسائل هي كون “المغرب ملتزم ومنخرط بشكل مسؤول في الجهود الإقليمية والدولية لمحاربة الهجرة والاتجار بالبشر، ثم إنه يحكم سيطرته على مياهه الإقليمية في منطقة الصحراء المغربية، ومن مصلحة إسبانيا التسريع بترسيم الحدود البحرية في المحيط الأطلسي”.
ثالث هذه الرسائل، يورد بلوان، هي كون “المغرب ملتزم بالتعاون مع إسبانيا في مجال محاربة الهجرة وفق مقاربة شمولية، لكن دون التحول إلى دركي إقليمي في الجنوب كما يشتهي ذلك الاتحاد الأوروبي”.
المصدر: هسبريس