ندوة دولية بالرباط تناقش الترجمة كجسر لتحقيق المعرفة وصنع الحضارة
نظمت أكاديمية المملكة المغربية، اليوم الأربعاء، ندوة دولية حول موضوع: “جسور المعرفة: تأويل الغيريّة في الفكر والترجمة”، بالتعاون مع جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، وجامعة فريدريش ألكسندر إرلنغن نورمبرغ ألمانيا.
وتأتي هذه في إطار الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة التابعة لأكاديمية المملكة المغربية، وعيا منها بأهمية الترجمة في تحقيق تواصل حضاري بين المجتمعات باعتبارها أداة فعالة لنقل المعرفة والانفتاح على الفكر البشري في مختلف الثقافات والحضارات.
وحسب القائمين على شؤون هذا الحدث، فإن الترجمة تسعى لتأسيس معرفة إنسانية مشتركة بغض النظر عن تنوع واختلاف الثقافات بغية توليد حركة فكرية قادرة على التجدد.
الندوة الدولية التي تمتد إلى غاية يوم غد الخميس، ستعرف مشاركة أساتذة جامعيون وخبراء في الترجمة، من المغرب ومصر وتونس وقطر والكويت والسعودية والإمارات وفرنسا وألمانيا، كما سيقدمون بحوث ومقاربات رفيعة المستوى حول ترجمة الثقافة الفلسفية، “التأصيل والتحديث وآفاق التنوير”.
وستناقش الندوة الازدواجية اللغوية والازدواجية الثقافية، “هل تصح المعادلة، وكيف؟” مع تسليط الضوء على أوجُه نقل اللغة الشعرية الأدبية وأسئلة التجذر الثقافي للاستعارة، مع نقد الترجمات في تحليل أنساق وطرائق الترجمة.
وأوضح أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، عبد الجليل لحجمري، في كلمته الافتتاحية، أن قضايا الترجمة تساهم في توطيد سبل الحوار في كل المجتمعات ومختلف المجالات ما يجعلها مساهم رئيسي في صنع الحضارة الإنسانية، فالترجمة تسهل سبل المعرفة.
واعتبر المتدخل أن الندوة ذات أبعاد فكرية وتنظر إلى الترجمة كونها تأمل لسؤال الغيرية، ومدى مساهمتها في بناء المعرفة الهادفة إلى تجاوز الفجوات الثقافية، وتحقيق التماسك والانسجام والفهم الأعمق للآخر.
وأضاف لحجمري، أن بناء جسور المعرفة يتطلب الإدراك العميق لمجموعة من اللغات، مشددا على أن الترجمة لا تخص كتابة نفس الشئ أو الترجمة الحرفية لنص معين، وإنما تعنى بترجمة خطاب بكل حملاته الثقافية والاجتماعية.
وأكد المتحدث أن الندوة ستثير العديد من القضايا المعاصرة، كما ستقدم فرصة من أجل نقد مجموعة من المسلمات المتعلقة بمجال الترجمة.
وحث على وجوب الاهتمام بتجديد تدريس الترجمة داخل المعاهد المتخصصة في هذا المجال، عن طريق إعادة النظر في المقررات، مشيرا إلى أن إدراج الترجمة داخل مقررات التعليم الثانوي يكتسي أهمية كبرى.
وتابع قائلا: “التجديد يفرضه زمن عولمي منفتح، خاصة وأن مجال الترجمة لا يقل أهمية عن باقي المجالات الأخرى”.
من جانب آخر، اعتبر لبيب نحاس، المدير التنفيذي لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، أن حضور الجائزة في المغرب ليس محض الصدفة، مشيرا إلى قوة العلاقات التي تجمع المملكة المغربية، وجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي.
وأكد لبيب في مداخلته أن الفائزين بالجائزة في مختلف اللغات كانوا من المغرب، كما أن العديد من المغاربة ساهموا في دفع الجائزة نحو الأمام.
ويرى المتدخل أن حضور الجائزة يدخل ضمن استراتيجيتها القائمة على بناء علاقات قوية مع مختلف الشركاء المهتمين بهذا المجال، مضيفا أن الجائزة وبالإضافة إلى أكاديمية المملكة المغربية، تجمعها علاقات بمجموعة من المؤسسات الأخرى وعلى رأسها معهد فهد الدولي للترجمة.
وأضاف أن الجائزة تسعى إلى تحويل الترجمة إلى أداة مهمة في مجال المثاقفة بين مختلف اللغات والثقافات، بحيث أنه في كل سنة يتم اعتماد لغة جديدة. علاوة على ذلك فإن الجائزة تعنى بكل ما له علاقة بالتفاهم الدولي، ما يجعلها تعمل من أجل تقريب مختلف وجهات النظر.
وفي ختام حديثه، أشار لبيب نحاس، أن الترجمة تسعى دائما إلى تقليص الحواجز الفكرية بين الشعوب، وخاصة وأن الأخيرة تلعب دورا محوريا في تقريب الهويات الثقافية.
وفي نفس هذا السياق، شدد ماتياس روح، عميد كلية جامعة فريدريش ألكسندر إرلنغن نورمبرغ ألمانيا، على أن الترجمة تستدعي الفهم المشترك وهو ما يتعدى الترجمة بحد ذاتها.
وأشار إلى أن الحديث عن الترجمة يضعنا أمام إشكال الفهم الدقيق والعميق للرسالة الموجهة، مؤكدا أن كل لغة تتضمن جزء من الحكمة العالمية، وبالتالي معرفة كل اللغات يمكننا من امتلاك جزء من معرفة حكمة العالم.
جدير بالذكر أن الجلسة الأولى تخللتها مداخلات لمجموعة من الأكاديميين من مختلف الدول، ناقشوا خلالها مفهوم الترجمة كلغة العالم، والفلسفة اليونانية في الكتابات العربية بيت الترجمة والتهجين الفكري، مع تسليط الضوء على المشكلات المتعلقة بالترجمة من اللغة العربية إلى الألمانية، وغيرها من المواضيع.
المصدر: العمق المغربي