«هارون» على رأس القائمة.. ضغط أمريكي لملاحقة مشعلي حرب السودان من الإسلاميين
مرت 17 عاما كاملة على صدور مذكرة الاعتقال في مواجهة أحمد محمد هارون من محكمة الجنايات الدولية، والتي تتهمه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية؛ قبل أن تعلن الخارجية الأمريكية، نهاية يناير الماضي، عن جائزة تصل حتى 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه.
التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن
على الرغم من اشتمال قائمة الاعتقال على الرئيس المعزول عمر البشير نفسه وساعده الأيمن عبد الرحيم محمد حسين؛ إلا أن الجائزة خصصت للقبض على هارون الأمر الذي أعاده الخبير القانوني محمد النعمان إلى السياسة الخارجية الأمريكية التي يتبع لها برنامج المكافآت وطريقتها في تنفيذ العدالة، مؤكدا أنها الجهة الوحيدة التي تملك الإجابة على سؤال لماذا أحمد هارون؟
وقال النعمان لـ (التغيير) إن الجائزة عبارة عن مساعدة أمريكية للمحكمة الجنائية الدولية ومحاكم أخرى، لتنفيذ أوامرها جهة أنها لا تملك شرطة ولا سجون وتعتمد على المساهمات من الدول الأعضاء، فتقدم المال عبر برنامج “مكافآت جرائم الحرب” لتشجيع مواطني العالم على تقديم معلومات تساهم في إلقاء القبض على الفارين من وجه العدالة الدولية.
الناطق باسم الحرية والتغيير: اتمنى أن يسلم قائد الجيش هارون والفارين من العدالة في مناطق سيطرته
من جهته عزا الناطق الرسمي باسم تحالف قوى الحرية والتغيير، جعفر حسن صدور الأمر الأمريكي في مواجهة أحمد هارون كونه أحد المساهمين في إشعال حرب 15 أبريل والفاعلين في استمرارها وعدم التوصل لحلول.
وقال حسن لـ (التغيير) إن هناك فاعلين آخرين مثل علي كرتي لكن استهداف هارون لكونه مطلوبا للعدالة الدولية.
اتفق الناطق الرسمي باسم هيئة الاتهام في قضية انقلاب 30 يونيو المعز حضرة مع حسن في وصف المكافأة الأمريكية بإجراءات ضد المساهمين في إشعال الحرب. مشددا على ضرورة إلقاء القبض عليهم.
وقال: “أحمد هارون أحد المحرضين على الحرب وخطابه بعد هروبه من السجن يدعو للتجييش” مشددا على ضرورة إلقاء السلطات العدلية، حال وجودها، القبض على المتهمين الفارين من العدالة.
من جهته طالب الناطق الرسمي باسم الحرية والتغيير قيادة الجيش بتسليم أحمد هارون الموجود في مناطق سيطرته للمحكمة الجنائية الدولية إلى جانب المطلوبين الآخرين، عمر البشير وعبد الرحيم محمد حسين. مشيرا إلى حديث البرهان في منبر الأمم المتحدة الذي قال فيه إن الدعم السريع هو من اقتحم السجون وأخرج المطلوبين لدى العدالة الدولية.
وأضاف: “أتمنى أن يقوم قائد الجيش بتسليمهم للمحكمة الدولية ولا يحمل الشعب السوداني مزيدا من المخاطر بوجود هؤلاء المطلوبين”
اكسح امسح
“أكسح أمسح.. قشو” “ما تجيبو حي” عبارات قالها القيادي بالنظام البائد أحمد هارون، إبان تقلده مناصب رفيعة في حكومات البشير المختلفة، في فيديو شهير تم بثه عبر الوسائط المختلفة، يعتمد عليه المراقبين في التأكيد على ضلوعه في عنف الدولة الكيزانية ضد المواطنين ما أوصله لقائمة المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية.
وارتبط اسم أحمد هارون بتكوين المليشيات المسلحة حيث تولى منصب منسق الشرطة الشعبية التي استعان بها نظام البشير في قمع المظاهرات ومجابهة الخصوم السياسيين. كما رأس مكتب دارفور الأمني إبان اشتعال الأوضاع بالاقليم في العام 2003 والتي بحسب تقارير أممية لقي فيها حوالي 300 ألف شخص مصرعهم ونزح حوالي 2 مليون ونصف آخرين.
وعلى الرغم من إعلان أحمد هارون استعداده لتسليم نفسه للجنائية في بيان سابق له في العام 2021، ثم تأكيده على المثول أمام السلطة القضائية بعد هروبه من سجن كوبر، إلا أنه لم يخرج للتعليق على الجائزة الأمريكية.
فيما أصدر حزبه المحلول بيانا يؤكد فيه وجوده “وسط أهله” دون الإشارة عن مكان اقامته. ورجحت مصادر وجوده في الولايات الشرقية.
وكان هارون قد أصدر تسجيلا صوتيا يطالب فيه عضوية حزبه المحلول بدعم القوات المسلحة في حربها ضد الدعم السريع، بعد أن هرب من سجن كوبر ضمن قيادات أخرى بتاريخ 25 أبريل، بعد مضي 10 أيام على اشتعال الحرب.
الجدير بالذكر أن هارون يعتبر أول من أطلق عليها “حرب الكرامة” مؤكدا الدعاوى التي تتحدث عن ضلوع الإسلاميين في إشعال الحرب ودعم استمرارها.
مماطلة العسكر
مطالبات الجنائية بتسليم المطلوبين لديها في نظام عمر البشير لم تتوقف وكان المؤتمر الوطني يجابهها بالتهكم والسخرية. وبعد نجاح ثورة ديسمبر وتشكيل حكومة انتقالية بدأ هناك تواصل مع المحكمة الجنائية لكن “مماطلة العسكر” حالت دون التسليم بحسب إفادة الناطق الرسمي باسم هيئة الاتهام في انقلاب 30 يونيو، المعز حضرة.
الناطق باسم هيئة الاتهام في انقلاب 30 يونيو: العسكر ماطلوا في تسليم المطلوبين للجنائية
وقال حضرة لـ (التغيير): بعد سقوط النظام كان هناك اتفاق مع المحكمة الجنائية الدولية لتسليم المطلوبين أو تكوين محكمة هجين تحاكمهم داخل أو خارج السودان لكن المكون العسكري ماطل حتى قام بإيقاف كافة الإجراءات بعد الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021. وأضاف: “كان المتهمون في انقلاب 30 يونيو يتهكمون علينا ويؤكدون أن العسكر لن يسلموا زملائهم”
وأضاف: بالفعل كانت هناك تصريحات من بعض أعضاء مجلس السيادة مثل إبراهيم جابر والبرهان نفسه قالوا فيها إنهم لن يسلموا المطلوبين لدى الجنائية.
من جهته يؤكد القانوني حضرة أن تهريب أحمد هارون وبقية فلول النظام السابق تم بواسطة كتائب الظل مشيرا إلى أن هذه المعلومات أكدها اعتراف مدير السجن. وتابع: “منطقة سجن كوبر تحت سيطرة الجيش حتى هذه اللحظة لأنها تقع بالقرب من سلاح الإشارة”.
وكشف عن مطالبات قامت بها هيئة الاتهام في بلاغ انقلاب 30 يونيو بالقبض على الفارين من رموز النظام السابق مشيرا إلى ضلوعهم في التجييش للحرب. وقال “من الأجدى القبض على الفارين بدلا عن اعتقال لجان المقاومة”.
الناطق باسم هيئة الاتهام في انقلاب 30 يونيو: كتائب الظل هي من هربت المطلوبين لدى العدالة من سجن كوبر والبشير تحت حمايتهم
وكشف حضرة عن فتح مجموعة من المحامين بولاية القضارف بلاغا للقبض على هارون إلا أن “جهات عليا” تدخلت والغت أمر القبض بل وتم نقل وكيل النيابة الذي أصدر أمر القبض.
وأضاف حضرة أن بقية المتهمين الموجودين في مستشفى الجيش “السالح الطبي” تم تهريبهم مشيرا إلى اعتراف محمد الحسن الأمين في برنامج اذاعي بوجودهم في سجن حربي.
واعتبر حضرة أن تلك المعلومة غير دقيقة لأن السجون الحربية ليس من اختصاصها حبس متهمين في بلاغات جنائية، مرجحا وجودهم تحت حماية كتائب الظل.
استحقاق الجائزة
قطع الخبير القانوني محمد النعمان بعدم دقة ما راج في الوسائط حول مبلغ المكافأة المطروحة للقبض على أحمد هارون، مؤكدا على أن 5 ملايين دولار هو الحد الأقصى للمكافأة وهو يخضع لشروط تعتمد على أهمية الشخص وطبيعة المعلومات المقدمة.
خبير قانوني: هناك معايير لتحديد مبلغ الجائزة ويمكن لأفراد الأسرة تقديم معلومات
وأوضح النعمان أن الحصول على المعلومات لابد أن يتم بصورة قانونية مشيرا إلى أن الموظفين العموميين الذين يحصلون على المعلومات من خلال أداء واجبهم الوظيفي لا يستطيعون المطالبة بالجائزة. وقال: “عدا ذلك يمكن لأي شخص بما فيهم أفراد أسرة المطلوب أن يوفروا معلومات ويطالبوا بالجائزة”
وطمأن الخبير القانوني على اعتماد برنامج مكافآت جرائم الحرب التابع للخارجية الأمريكية السرية التامة في عدم الكشف على هوية المتعاونين معها، مشيرا إلى أن البرنامج صرف بالفعل جوائز تصل لقيمة 8 ملايين دولار أمريكي وتلقى معلومات من أطراف مختلفة في 20 قضية.
خبير قانوني: برنامج المكافآت يعتمد السرية ونتيجة المحاكمة لا تؤثر على الجائزة
وأضاف النعمان أن البرنامج يتيح التواصل معه عبر الإيميل والرسائل النصية ورسائل الواتساب ويقوم بتحويل المعلومات الواردة بعد فحصها وتدقيقها وحال أدت بالفعل للقبض على أحمد هارون يستحق الشخص الجائزة غض النظر عن نتيجة المحاكمة.
ويواجه هارون وفق محكمة الجنايات الدولية، 20 تهمة بارتكاب جرائم ضد الانسانية تشمل: القتل والاضطهاد، النقل القسري للسكان، الاغتصاب الأعمال اللا إنسانية، السجن، الحرمان الشديد، والتعذيب.
كما يواجه 22 تهمة بارتكاب جرائم حرب تشمل: القتل، الهجمات ضد السكان المدنيين، تدمير الممتلكات، الاغتصاب، النهب والاعتداء على الكرامة الشخصية
المصدر: صحيفة التغيير