الرباط وأبوجا يمرّان إلى السرعة القصوى لتأهيل خط أنبوب الغاز المغربي النيجيري
لم يكن اتصال الملك محمد السادس ببولا أحمد أديكونلي تينوبو، رئيس جمهورية نيجيريا الفيدرالية، حدثا عابرا لدى المتتبعين لمشروع أنبوب الغاز المغربنيجيريا منذ الإعلان عنه في سنة 2016، والذي كانت التوقعات تشير إلى أنه “سيكون مشروعا جيوسياسيا ذا أهمية كبرى، بالنسبة للقارة الإفريقية وأيضا بالنسبة للقارة الأوروبية التي ستصلها كميات ضخمة من الغاز المارّة ضمن هذا الأنبوب”.
ويأتي هذا الاتصال وهذه الدعوة التي تقدم بها العاهل المغربي لرئيس نيجيريا بالزيارة بعد نحو شهرين من إعلان أكبيريكي أيكبو، وزير الدولة للموارد البترولية في نيجيريا، أن “تشييد مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي، الذي سيزود الأسواق الأوروبية بالغاز، من المتوقع أن ينطلق العام المقبل”؛ وهو ما يوضح، حسب خبراء، أن “البَلديْن يُسابقان الزمن لأجل إخراج هذا المشروع الضخم إلى الوجود، لا سيما أنه يتفوق على الأنبوب الجزائري ونظيره الليبي الذي أعلن عنه مؤخرا في معطيات كثيرة”.
“خطى ثابتة”
مصطفى لبراق، خبير في الشأن الطاقي، قال إن “دعوة الملك محمد السادس إلى الرئيس النيجيري من الحتمي أنها ستناقش التطورات التي تعرفها الدراسات التقنية ومسوح الطريق الجارية الآن لفائدة تفعيل هذا الأنبوب، والتي من المرتقب أن تنتهي في الشّهور القليلة المقبلة”، مؤكدا أن “قابلية التنفيذ وتمويل نيجيريا لحصة 50 في المائة المتفق عليها يوضح أن الزيارة قد تصب في مناقشة حصة المغرب، للشروع في التنزيل بصفة نهائية والمضي قدما على أرض الواقع”.
وأشار لبراق، في تصريحه لهسبريس، إلى أن “الدعوة التي تمت على أعلى مستوى سياسي تبيّن أن هناك تفاهما بين الجانبين لأجل المرور إلى السرعة القصوى لكي تتم البداية في تشييد الأنبوب قريبا، وهذا يبرز القابلية لمناقشة حيثيات متعلقة بهذا الأنبوب وبمستقبله”، مؤكدا أن “الانخراط في هذا المشروع يرجع أيضا إلى قوته وتغلّبه على التّحديات الأمنية، بفعل مروره في البحر ثم في البر. ومن هذا المنطلق يمكن أن تكون هناك مذكرات تفاهم بين البلدين للمضي قدما في مشاريع استثمارية مماثلة”.
ولفت المتحدث عينه إلى أن “التّشاور والحوار يبرز الإرادة السياسية الحاضرة لدى الجانبين للمرور نحو تفعيل هذا الأنبوب الذي سينقل الغاز إلى القارة العجوز؛ وهو ما يفسر الانخراط الجدي في تمويل هذا الأنبوب من جهات مختلفة تراهن عليه”، موضحا أن “الأثر البيئي والاجتماعي لهذا الأنبوب يعدّ إجمالا إيجابيّا. ولهذا، من الضروري أن نلتقط الإعلانات النيجيرية السابقة التي ذكرت أن الشروع في العمل سيكون هذه السنة؛ وهو ما يؤكد أن المشروع يسير بخطى ثابتة”.
“أهمية استراتيجية”
عبد الصمد ملاوي، خبير طاقي، قال إن “هذه الخطوة التي مر إليها التفاوض بشأن تأهيل خط المغرب نيجيريا تحاكي الاستراتيجية الكبرى التي يحتلها هذا الأنبوب الذي سيمر في 13 دولة إفريقية، وستكون له أهمية جيوسياسية عالية. ومن المنتظر أن يكون مفيدا لكافة البلدان التي سيمر منها، كما سيساهم في تنميتها”، مؤكدا أن “المغرب يواصل مساره لتعزيز دور الواجهة الأطلسية والانفتاح على البلدان الكائنة في غرب إفريقية وفي الساحل أيضا”.
وأشار ملاوي، في تصريحه لهسبريس، إلى أن “المغرب حريص على ضمان تموقع إقليمي قوي، من خلال شراكات رابحرابح التي أثمرت مرارا نتائجا إيجابية لفائدة نماء هذه القارة”، مضيفا أن “الغاز يعد عنصرا طاقيا مطلوبا حاليا في السياق العالمي؛ بالنظر إلى أنه مادة غير ملوثة للبيئة، في ظل الاتجاه الكوني نحو الطاقات البديلة بفعل التغيرات المناخية، وهو ما يجعل لهذا المشروع بعدا راهنيا يستجيب للتوجهات الدولية في مسألة القطع مع الطاقات الأحفورية والحد من انبعاثات غازات الدفيئة”.
وأبرز المصرّح سالف الذكر أن “الإعلان عن النية لمواصلة العمل يخدم كل الأطراف، خصوصا البلدان الشريكة في هذا المشروع والتي هي معنية به بشكل أساسي”، موضحا أن “هذا الأنبوب يخدم أيضا الأهداف الاستراتيجية الكبرى بعيدة المدى للاندماج الإفريقي وللتعاون بين القارتين الإفريقية والأوروبية؛ وهو ما يجعل المغرب ونيجيريا عازمين كل العزم على إنجاحه، وهو ما سيكون محور اللقاء بين الملك محمد السادس والرئيس النيجيري”.
المصدر: هسبريس