بيع “الوقود المتنقل” يطرح “الانفلات من الرقابة”.. شكاية المحطات تخضع للبحث
تستمر ظاهرة “بيع الوقود بشكل متنقل خارج المحطات، مع توفير إمكانية التوصيل المنزلي” في إثارة موجة من الانتقادات في أوساط مهنيي ونقابيي قطاع المحروقات بالمغرب، فيما أخذ الموضوع “أبعادا قانونية قضائية” بعد لجوء الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيّري محطات الوقود بالمغرب إلى وضع شكاية لدى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط بهدف “فتح تحقيق حول هوية هذه الشاحنات، ومصدر المحروقات المسوَّقة على متنها”.
وحسب ما علمت هسبريس من مصدر مهني، فإن “الجامعة قد انتصبت طرفا مدنيا في هذه الدعوى للمطالبة بحقوقها المكفولة في جبر الضرر، مع توكيل محام عنها”، في وقت “مازالت الشكاية الموجهة إلى القضاء بالرباط قيْد تعميق مسطرة البحث”.
قبل ذلك بأيام قليلة، كانت الجامعة المهنية لـ”محطاتيي الوقود” بالمغرب قد سارعت إلى وضع “شكاية مستعجلة” (تتوفر هسبريس على نسخة منها) تطلب تدخل وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، على خلفية ضبط “سطاسيونات متنقلة” توزع المحروقات خارج القوانين المعمول بها.
وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، جددت الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب “رفضها القاطع لهذا التوزيع اللّاقانوني لهذه المادة الحيوية، التي ينحصر توزيعها على من يحمل تراخيص وأذونات إدارية حسب النصوص القانونية المُنظمة، ويخضع للشروط المتطلبة من قبل الوزارة الوصية”، معتبرة، على لسان رئيسها جمال زريكم، أن في تمادي وتنامي الأمر “إخلالا بمعايير الأمن والسلامة المعمول بها وطنيا ودولياً”.
وبينما أثار المهني ذاته، في حديث لهسبريس، ما وصفه بـ”الخطورة التي تشكلها هذه المحطات المتنقلة المنفلتة من كل رقابة ومراقبة”، نبه إلى “إضرار هذه الممارسة بالاقتصاد الوطني وتنافسية القطاع”؛ نظرا لـ”تهرّبها من أداء الضرائب المستحقة للدولة والجماعات وكذا التحملات الاجتماعية للعمال”.
“تحرير هذا القطاع لا يعني الفوضى والتسيب”، تندد الجامعة المهنية، لافتة إلى أنه “لا يمكن تهريب المحطات ووضعها على عجلات والجري وراء الربح مع ضرب كل قيم المسؤولية والسلامة التي تستحضرها الوزارة الوصية قبل منح كل ترخيص بممارسة هذه المهنة المنظمة”.
وزادت قائلة: “إن السماح بهذه الممارسة يضرب في الصميم استثمارات ضخمة في هذا القطاع، ويضر بالمحطات، لما فيها من ضرب لقواعد التنافس الشريف باعتماد أسعار بخسة ومنتوج يُجهل مصدره وماهيته، عوض تقديم منتوج بجودة عالية داخل المحطة، وبخدمة لائقة وآمنة”.
“شكاية مستعجلة” دون رد رسمي
في “شكاية مستعجلة” إلى وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، لم يتوان مهنيو وأرباب محطات الوقود بالمغرب في التعبير عن “أسفهم” لـ “قيام عدد من الشاحنات المتنقلة المزوَّدة بمضخات بتسويق الوقود خارج كل الأنظمة والقوانين الجاري بها العمل”.
وبينما مازالت هذه الشكاية تنتظر توصل أصحابها بـ”رد رسمي”، حسب ما علمت هسبريس، فإنها نبهت إلى “خطورة هذه الأفعال وما تشكله من تهديد على السلامة والأمن، علاوة على إضرارها بالاقتصاد الوطني وآثارها الوخيمة في استفحال القطاع غير المهيكل، وإضرارها الكبير بأصحاب المحطات المرخصة”.
وقالت الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب: “نعلن رفضنا القاطع لهذه الممارسات المخلة بقواعد التنافس الشريف، التي تدفع لتحويل القطاع إلى قطاع تعمُّه الفوضى والتسيّب”، وفق توصيفها.
وطالبت الجامعة ذاتها الوزيرة الوصية بـ”التدخل العاجل لوقف هذا النزيف ومنع كل هذه الممارسات غير المشروعة التي يحركها الربح بعيدا عن كل شروط المسؤولية والقانون والسلامة التي دأبنا على استحضارها”، و”فتح تحقيق معمق في الموضوع، خصوصا في مصدر هؤلاء المزودين ومدى احترامهم لمعايير الجودة ومطابقتهم لشروط السلامة المدققة التي تشددون عليها”.
“انفلات” من الرقابة؟
بدوره، قال الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن “انتشار الشاحنات بعلامة أو بدونها وهي تبيع المازوط، أصبح لافتا للأنظار في شوارع المغرب، بشكل يدفع إلى إمكانية القول إنه بين محطة ومحطة توجد محطة للبنزين”.
وسجل رئيس “الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول”، في تصريح معمَّم حول الموضوع، أنه “إذا كان القانون المنظم لقطاع المحروقات بالمغرب يمنع عمليات البيع للمحروقات خارج محطات التوزيع، فإن سيطرة رواد التوزيع واحتكارهم لأسواق البيع بالجملة دفع بالفاعلين الصغار والمتوسطين والوافدين الجدد لركوب هذه المغامرة والشروع في بيع الغازوال على المستهلكين الصغار في محل تواجدهم”.
وتساءل النقابي ذاته: “هل سترفع الدولة الراية البيضاء مرة أخرى أمام الممارسات الجديدة في بيع المحروقات خارج المسارات المنظَّمة والسماح بانتشار السوق السوداء والإخلال بمتطلبات جودة المحروقات وتهديد شروط السلامة والأمن من خلال المخازن العشوائية والنقل غير المؤمَّن؟”.
“إن انتشار محطات توزيع المحروقات في كل مكان، والمرور للتجارة في المحروقات من خلال ظاهرة المحطات المتنقلة، يُثبت بما لا شك فيه أن هذا القطاع أصبح جد مربح ومنفلتاً من ضوابط الرقابة في الأسعار والجودة والمخزونات”، يشدد اليماني ضمن الإفادات ذاتها، خاتما بأن “هذا يُلزمنا بتأكيد مطالباتنا بإسقاط تحرير أسعار المحروقات والرجوع لتكرير البترول وتخفيض الضرائب ومراجعة القوانين المنظمة للطاقة والطاقة البترولية”، وفق تعبيره.
جدير بالذكر أن الموضوع سبق أن عرف تفاعلا من المصالح الأمنية بمدينة المحمدية التي أوقفت (خلال الأسبوع الأول من يناير الجاري) شاحنة متنقلة تزود السيارات في الشارع العام بالمحروقات، تم ضبطها تقوم بتزويد عدد من السيارات الخاصة بالنقل المدرسي التابعة لإحدى المؤسسات التعليمية الخصوصية المعروفة بالمدينة.
المصدر: هسبريس