النتن خارج السيطرة
بإعلانه معارضته قيام دولة فلسطينية ما بعد الحرب، دق النتن ياهو آخر مسمار في نعش ما تبقى من “مصداقية” للولايات المتحدة الأمريكية، هذه الأخيرة أحيت من جديد في خضم عملية الإبادة على غزة ورقة “حل الدولتين”، لتحافظ بها شيء من ماء الوجه أمام العالم.
تصريحات مجرم الحرب، أحدثت زوبعة في الإدارة الأمريكية وفي الكونغرس خاصة من جانب الديمقراطيين، هؤلاء عبروا عن فزعهم من هاته التصريحات واعتبروها تحد لواشنطن المطلوب منها من قبل حكومة الاحتلال دفع الأموال والأسلحة و الاحتفاظ بنصائحها حول حل ملف القضية الفلسطينية في أدراجها.
ما قاله النتن جاء كرد على تصريحات كاتب الدولة الأمريكي أنتوني بلينكن، منذ يويمن، حول اعتزام دول عربية الاعتراف بدولة الاحتلال إن حدث تطور تاريخي في إحدى أقدم قضايا الاحتلال في العالم، والرد بدأ بتسريبات أفادت أن النتن رفض عرض التطبيع مع السعودية مقابل إقامة دولة فلسطينية، ليتأكد بصفة رسمية أمس الخميس على لسان مجرم تل أبيب.
معارضة النتن لإقامة دولة فلسطينية ليس بالأمر المفاجئ، فلا يوجد صهيوني واحد يقبل بهذا الحل رغم كل ما يحمله من ظلم ضد أصحاب الأرض الحقيقيين، الجديد فيه فقط أنه قالها بـ “الفم المليان”.
المغزى منه طمأنة حلفائه المتطرفين في الحكومة بن غفير وسموتريتش، أن الآفاق مسدودة في وجه أي حل ولو كان مجحفا في حق الفلسطينيين وهي أيضا رسالة أن معارضة قيام دولة فلسطينية يعني أن الاستيطان سيتواصل وسيتمدد إلى ما تبقى من أراض فلسطينية، وهو ما يطالب به المتطرفون في حكومته وفي المجتمع الصهيوني.
النتن لا يريد استرجاع الأسرى ولا يريد شيء آخرا سوى تمديد الأزمة لتمديد حياته السياسية، التي يعلم الجميع أنها انتهت إلا هو وزوجته سارة، فقال أمس، أن الحرب ستدوم أشهرا أخرى، ما يعد صفعة أخرى لإدارة بايدن ورغم المساندة المطلقة فإنها لا ترى بارتياح استمرار هذه الحرب في عزة سنة انتخابية أمريكية يواجه فيها عجوز البيت الأبيض صعوبات كبيرة لضمان فوزه بولاية ثانية، وفي هذه النقطة بالذات النتن يلعب على وترين إطالة عمر الحرب لضمان بقائه والمراهنة على خسارة بايدن في الانتخابات وفوز دونالد ترامب، الذين سيمنح له ورقة أكثر بياض مما هي عليه اليوم.
الضريبة التي يدفعها الشعب الفلسطيني باهظة، لكنها في المقابل تدفع المجنون إلى المضي قدما وبطريقة عمياء في تدمير الكيان بنفسه، فلا الحرب التي يخوضها حققت ربع أهدافها، المقاومة باقية ما دام أنها ليست حركة أو كتائب فقط بل مغروسة في قلب كل فلسطيني، ولا أعاد أسير واحد، وكل يوم يمر يزداد اقتصاد الكيان انكماشا تحت وقع خسائر فادحة أما صورة الكيان في العالم فلن تستطيع كل مساحيق العالم تبيضها.