اخبار المغرب

تعاطي المخدرات ليس جريمة .. ومصلحة أطفال المغرب تصطدم بالدِّين

قال وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، إن “قضية الطفل بالمغرب متشابكة ومعقدة لكونها ترتبط بما هو قانوني واجتماعي وما يكمن في مخيّلة المواطن، كما تصطدم أساساً بما هو ديني”، موردا أن وجوده في الهيئة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة يمنعه من الحديث باستفاضة حول هذا الموضوع، ولكنه قرر أن يعدد المشاكل التي تطرح بشكل عام على مستوى القانون الجنائي.

وأضاف وهبي في الندوة الختامية لبرنامج “تحسين ظروف إيواء النزلاء الشباب في المغرب 20212023″، اليوم الثلاثاء في الرباط، أن “السؤال الأساسي الذي طُرح كان هو: أين يقف الطفل وأين يبدأ الشخص المسؤول الذي وصل السن القانوني؟”، موضحاً أن “السن الجنائي القانوني في المغرب هو 16 سنة، وسن الزواج هو 16 سنة، لكن التصويت أرجيناه إلى 18 سنة”، بحسب تعبيره، وزاد: “نحن في المغرب لم نحدد ما هو السن القانوني مثلما تحدده القوانين الدولية بشكل واضح”.

وأفاد وزير العدل، الذي ألقى مداخلة رسمية قبل أن يتناول الكلمة ليؤكّد أنه “لا يتفق مع العديد من المعطيات التي وردت في مداخلته”، أن “توحيد السنّ القانوني ضروري في المغرب، وستترتب عليه آثار. فالقاصر لن تتزوج إلا في سن 18 سنة، وستكون لها الأهلية لتحمل المسؤولية تجاه الإدارة والدولة والعائلة”، مؤكداً أن “الإشكال أننا نعتبر 16 سنة سنّا للزواج وللأهلية في التقاضي، لكن في ما يتعلق بالعقار والمسائل المادية نرفعه مجدداً إلى 18 سنة”.

وأضاف المسؤول الحكومي: “يتعيّن أن نقرّر ماذا نريد أن نفعل وكيف نفعل ذلك؟ موضحاً أن “هناك زخما من المواضيع التي تطرح نفسها، على غرار مسألة إثبات النسب حين يولد الطفل خارج إطار الزواج”، وقال: “العلماء في العالم بكامله وضعوا تدابير علميّة خالصة من قبيل فحص الأبوة أو الحمض النووي”، وتابع ساخراً: “نحن في المغرب تجاوزنا هذا الفكر العلمي واعتبرناه مازال لم يصل إلى مستوى أن يحدد لنا هل هذا الابن ابن هذا الأب أم لا؟ وهذا يطرح أكثر من إشكال”.

وتساءل وهبي في مداخلته: “هل يمكن أن نقبل داخل دولة تحترم نفسها أن يكون لنا أشخاص ليس لهم نسب وليس لهم اسم؟ وكيف تستطيع الدولة المنظمة أن تقبل وجود مواطنين في الشارع لا يتوفرون على بطاقة تعريف وطنية؟ وهل يمكن أن نكون قادرين علميّا على معرفة أب هذا الطفل ولا نستطيع أن نفرض ذلك بموجب القانون؟”، مضيفاً أن “الحقوق التي نمنحها لطفل ننزعها من طفل آخر وفق هذا المنظور، ونحاكم ذلك الطفل الصغير المولود خارج العلاقة الزوجية تبعاً لجريمة هو أصلاً ليس مسؤولا عنها”.

وبخصوص جرائم الأحداث، أورد وزير العدل أنه “حينما نكون أمام جريمة يرتكبها الطفل، فهي بالنسبة لي حالة مرضية وليس فعلاً إجراميا”، مسجلا أن “الطفل لا يرتكب جرائم، وليست عليه واجبات، ولكن له حقوق فقط. والدولة مطالبة لتمنحه هذه الحقوق. واجباته تبدأ في سن الثامنة عشر، أي عندما يكون مسؤولا ومؤهّلا. ولكن لأنه لا يصوت، ولأنه لا يؤثر، فنحن لا نهتم كثيرا لهذا الموضوع. وهو ما يتعين أن نبحث له عن حلول، لكون الحدث حين يرتكب جريمة هو ضحية لتلك الجريمة التي ارتكب”.

وضرب المسؤول الحكومي المثال بالأطفال المدمنين على المخدرات، قائلا: “حين نعتقل شابا أو طفلا وندينه بالسجن بسبب المخدرات، فهذا أمر غريب. الإدمان على المخدرات ليس جريمة، بل هو حالة مرضية، ولكننا نضيف لها قرارا مرضيا آخر هو الاعتقال”، مشيراً إلى أن “قضايا الطفل مازالت معقدة، لكوننا علينا أن نحسم هل نحن كمجتمع متقدم ومتطور على مستوى قيمنا نقوم فعلا بحماية الطفل بينما تجذبنا القضايا الدينية فيما يخص النسب وتجرنا أيضاً في ما يخص تزويج القاصر؟ إلخ”.

المتحدث ضمن الندوة المنظمة من لدن “المركز الوطني لمحاكم الولايات”، بشراكة مع وزارة العدل والمندوبية العامة لإدارة السجون، لفت الانتباه إلى أن “الجهات المختصة خاضت نقاشا عميقا بخصوص القاصر التي دخلت في علاقة جنسية غير شرعية أو تعرضت للاغتصاب بأن تقدم لها الجهات الأمنية موانع الحمل فوراً لتجنيبها ذلك، ولكننا مازلنا أمام تحديات كبيرة في هذا الجانب”، خاتماً بأن “علينا أن نرفع مستوى علاقتنا بالطفل في هذا البلد. وإلا خلقنا جيلا يرى في فيسبوك وفي الهاتف حقوقا لأطفال آخرين وهو لا يملكها. وهذا خطير. ولكننا كمسؤولين نحتاج أن نعود أطفالا لنفهم من هو الطفل”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *