اخبار السودان

تطورات الأحداث بعد احتلال مدني السودانية , اخبار السودان

تطورات الأحداث بعد احتلال مدني

تاج السر عثمان بابو

1

أشرنا سابقاً إلى أن الحرب دخلت شهرها التاسع وتمددت وتفاقمت أهوالها لتصل ولايات دارفور وكردفان، ومدينة مدني بولاية الجزيرة التي سقطت بسهولة في يد الدعم السريع وسط اتهامات بالبيع التي تتطلب التحقيق، فقد أشار كاميرون هدسون الدبلوماسي الأمريكي السابق أن قائد الفرقة السودانية بود مدني تم شراؤه من الدعم السريع، إضافة لإعلان حالة الحرب والطوارئ في بعض الولايات وما ينتج عنها من مصادرة للحريات وتقييد حركة المواطنين والاعتقالات الجزافية، إضافة لاستمرار النزوح، وتزايد خطر التدخل الخارجي بعد تطورات الأحداث، والتخوف من وصول الدعم السريع لمدن مثل: سنار، الدندر، كوستي، القضارف، كسلا، بورتسودان، وولاية نهر التيل، مما كشف مراوغة وأكاذيب إعلام “الفلول”، مما زاد من المأساة الانسانية جراء نزوح حوالي 300 ألف شخص من ولاية الجزيرة حسب الأمم المتحدة، وهي ولاية نفسها كانت مأوى للنازحين، فضلاً عن خروج منظمات الإغاثة منها، إضافة لارتكاب الدعم السريع لعمليات نهب وسلب لممتلكات المواطنين في مدني وبقية مدن الولاية، مما يتطلب التوثيق الدقيق لجرائم الحرب هناك، فضلاً عن مخاطر إطالة أمد الحرب، وتحويلها لحرب قبلية وإثنية يمتد لهيبها إلى المنطقة بأسرها بحكم التداخل القبلي.

إضافة لمشاكل النزوح، وتهديد وحدة البلاد، فقد أدت الحرب إلى مقتل أكثر من 12 ألف شخص جلهم من المدنيين، ونزوح أكثر من 6.8 مليون سوداني داخل وخارج البلاد حسب إحصاءات الأمم المتحدة، إضافة لتدمير البنية التحتية، وأكثر من 400 مصنع بالخرطوم وتوقف 70% من مستشفياتها، وتعطيل محطات المياه والكهرباء، مما يهدد حياة المواطنين بالجوع جراء المشاكل التي تواجه الموسم الزراعي جراء نقص الوقود، ومدخلات الإنتاج، إضافة لنقص الدواء، وغياب العلاج، وتوقف التعليم، وعدم صرف مرتبات العاملين لأكثر من ستة أشهر، ومعاناة النازحين.

هذا الوضع المأساوى يتطلب التوجه لوقف الحرب والبعد عن المراوغة ،وضرورة ارتفاع صوت العقل وإلقاء السلاح والتفاوض لوقف الحرب والسماح بدخول المساعدات الإنسانية حسب مقررات اجتماعات جدة والايغاد، ووقف المزيد من المعاناة الإنسانية وأهوال الحرب وتدمير البنية التحتية وتجنب مخاطر تقسيم البلاد، وخروج الجيش والدعم السريع من السياسة والاقتصاد، وقيام الحكم المدني الديمقراطي، واستدامة السلام والديمقراطية والتنمية المتوازنة في جميع أقاليم السودان، وتعزيز السيادة الوطنية، وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم، وحماية ثروات البلاد من النهب، وتحويلها لنهضتها، ورفع مستوى معيشة الشعب.

فالأوضاع الهشة في البلاد لا تحتمل المراوغة والأكاذيب كما في بيانات الفريق العطا وعلي كرتي “وفلول” الحركة الإسلاموية بعد فشلها في الحرب التي أوقدوا نارها، ومازالوا مكابرين، ويحاولون تبرير الهزيمة في ولاية الجزيرة بأسباب وأهية، وفي خطابات البرهان، كما جاء في خطابه الأخير في بورتسودان حول استمرار الحرب حتى القضاء على مليشيات الدعم السريع المتمردة، إضافة لخطاباته المتناقضة بعد خروجه من الخرطوم بعد أريعة أشهر من الحرب، مثل الدعوة للسير قدماً في الحل العسكري، دون النظر في تجارب الحرب الأهلية في البلاد التي استحال فيها الحسم العسكري، كما في حرب الجنوب التي انتهت بانفصاله، إضافة لخطر تدخل المحاور الإقليمية والدولية التي تسلح الطرفين بهدف نهب ثروات البلاد والسيطرة على الموانئ، فهي لا مصلحة لها في استقرار البلاد.

2

خطورة الوضع تتطلب نهوض حركة جماهيرية واسعة داخل وخارج البلاد لوقف الحرب واسترداد الثورة، وترسيخ السلام، والخروج من الحلقة الجهنمية من الانقلابات العسكرية التي أخذت 57 عاماً من عمر الاستقلال البالغ 67 عاماً، وكانت النتيجة حرباً لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر.

إضافة لخروج الجيش من السياسة والاقتصاد، فقد أكدت تجربة الحرب الفشل في حماية أمن البلاد والمواطنين رغم أن ميزانية الأمن والدفاع تجاوزت 76%، إضافة لشركات الجيش التي استحوذت على 82% من موارد البلاد، رغم ذلك تم تدمير البلاد بعد الحرب.

3

أما دعاوى الدعم السريع بدعم الثورة والديمقراطية، فقد أكدت تجربة أكثر من ثمانية أشهر من الحرب خطلها، بعد جرائم الحرب التي ارتكبها الدعم السريع في احتلال منازل المواطنين ونهب عرباتهم وممتلكاتهم، إضافة لحالات الاغتصاب، واتخاذ المدنيين في الأحياء دروعاً بشرية، وكانوا ضحايا قصف طيران الجيش، إضافة لاستمرار الإبادة الجماعية في دارفور، كما حدث في دارمساليت، ومقتل والي غرب دارفور خميس أبكر، وحرق القرى، ومقتل المئات ونزوح الآلاف، إضافة لما حدث في بقية المدن مثل: نيالا وزالنجي، الجنينة ، الفاشر في دارفور، والأبيض والفولة في كردفان، وأخيراً في ولاية الجزبرة. إلخ.

هذا إضافة لتورط قوات الجنجويد (الدعم السريع) في جرائم الإبادة الجماعية في دارفور منذ العام 2003، ومشاركتها النظام البائد في قمع المعارضة كما في موكب مظاهرات سبتمبر 2013، ومشاركتها في انقلاب اللجنة الأمنية لقطع الطريق أمام الثورة، ومجزرة فض الاعتصام، وانقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي أطلق رصاصة الرحمة على الوثيقة الدستورية، ومشاركتهم في حرب 15 أبريل التي دمرت الخرطوم، وبقية الولايات التي تأثرت بالحرب.

هذا فضلاً عن أنها كانت جزءاً من المركز الطبقي الحاكم وساهم في العنف البنيوي للدولة السودانية الذي تتحدث رؤيتهم عنه، بعد استحواذها على ذهب جبل عامر، وتحقيق المليارات من الدولارات في تصدير الذهب، وملايين الدولارات من الاتحاد الأوروبي لمنع هجرة الأفارقة لبلدانهم، إضافة للميزانية المفتوحة التي خصصها لهم البشير بدون مراجعة، وبعد ثورة ديسمبر كانت تصريحات البرهان بأن الدعم السريع خرج من رحم القوات المسلحة، وتم تقنينه في الوثيقة الدستورية، وفتح الخرطوم له بالوجود في معسكرات الجيش والمواقع السيادية، مما كان وبالاً على البلاد. إلخ، مما يشير إلى خطل الحديث عن التهميش، مما يتطلب تحقيق شعار الثورة: “العسكر للثكنات والجنجويد ينحل” بحل كل المليشيات (دعم سريع، مليشيات الكيزان، جيوش الحركات)، وقيام الجيش القومي المهني الموحد، وضم كل شركات الجيش والأمن والشرطة والأمن والدعم السريع لولاية وزارة المالية، وتقديم المسؤولين عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية والاغتصاب للمحاكمات، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية.

[email protected]

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *