اجتياح «الدعم السريع» لود مدني.. واقع مأساوي
قلب اجتياح مليشيا الدعم السريع إلى ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة وسط السودان واقع المدينة رأساً على عقب، ونقلها من خانة الأمان واستضافة النازحين إلى مدينة أشباح تسكن المأساة كل زاوياها!!.
ود مدني: التغيير
مع كل طرق للأبواب تنتفض القلوب من صدور ساكني مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان، خوفاً من حالات سرقة للسيارات أو اغتصاب أو تعدٍ محتمل.
الهلع والخوف باتا شعوران دائمين لا يجانبان من تبقى من سكان ونازحي ود مدني بعد ستة أيام من دخول قوات مليشيا الدعم السريع المدينة الاثنين الماضي.
الكابوس أصبح واقعاً، انفرط عقد الأمن واستبيحت حاضرة الجزيرة وفتحت باب اقتحام المدن المجاورة بل والولايات على مصراعيه عطفاً على موقع الولاية الاستراتيجي وسط البلاد.
وفور اقتحامهم جسر حنتوب بمدخل المدينة الشرقي نشط جنود الدعم السريع في (مدني السني) بحثاً عن السيارات والدراجات النارية (المواتر).
وامتلأت المدينة بأخبار تعدي أفراد (الدعامة) على بعض المنازل في الأحياء ترويعاً لساكنيها وبحثاً عن سيارات وهواتف وذهب.
معاناة مضاعفة
وفي ظل هذه الظروف تعاني عدد من أحياء المدينة من قطوعات المياه ويعيش السكان في تلك المناطق محرومون تقريباً من هذا المورد الحيوي.
الكهرباء لم تستقر كذلك إذ قطع التيار منذ عشية دخول القوات عن معظم الأحياء ليعاود عصر الجمعة لساعات قبل أن يختفي مجدداً.
واقع نفسي أليم يعيشه من لم يغادر ود مدني، نصف فؤادهم يترقب أخبار بقية ذويهم الذين غادروا المدينة وانقطعت أخبارهم وبات مصيرهم مجهولاً.
والنصف الآخر من الفؤاد ينبض على وقع الخوف على النساء والأطفال الذين معهم توجساً من حالات اغتصاب وانتهاكات محتملة.
مداخل المدينة ومخارجها منعت فيها الحركة ورفض جنود الارتكازات مغادرة السكان خارج ود مدني وأعادوهم للمدينة قسراً بعد أن قطعوا مسافات سيراً على الأقدام يمنون النفس بالهروب إلى أي جهة حتى لو كانت إلى المجهول. وتعرضت بقالات ومخازن المدينة إلى حالات سرقة واسعة للمواد الغذائية والاستهلاكية.
وشوهد المواطنون وهم يحملون جوالات الدقيق والسكر والفحم وغيرها لتخزينها في المنازل تحسباً لحالة مجاعة قد تضرب المدينة بعد إغلاق الأسواق.
ومع تذبذب وانقطاع شبكات الاتصال والكهرباء يعيش الموجودون في ود مدني حالة نفسية سيئة جراء الشائعات التي تتحدث عن دخول الدعم السريع بقية مدن السودان.
تردٍّ صحي
الإغلاق القسري للمستشفيات والصيدليات والمراكز الصحية فاقم الوضع على أصحاب الأمراض المزمنة مثل ضغط الدم والسكر والأزمة وغيرها في ظل حاجتهم الماسة للرعاية الصحية والأدوية، ناهيك عن حالات المصابين بالطلق الناري الطائش.
تصحو وتنام المدينة على أصوات الأعيرة النارية وأصوات إطارات السيارات والدراجات النارية في الأحياء.
وضع مأساوي وكارثي يشبه الكابوس المخيم على صدر ود مدني في وقتٍ كسا فيه الحزن والخوف واليأس كل الملامح.
حالة من الانهزام والقهر ارتسمت على وجوه أبناء وبنات المدينة التي تحولت من ملجأ للفارين إلى مرتع للمآسي والهلع.
المصدر: صحيفة التغيير