صمود الشعب الفلسطيني يفجّر محور الشر
انقلب الرئيس الأمريكي جو بايدن 180 درجة في ظرف ساعات، فبعد أن قال أمس أنه صهيوني، فتح نار مكثف اليوم ضد النتن ياهو موقعا شهادة وفاته السياسية.
صمود الشعب الفلسطيني والتفافه حول المقاومة رغم المجازر أحبطت معنويات الجميع في محور الشر، وتيقن الجميع أنه لا مفر من التراجع أمام شعب الجبارين.
كما أن نقطة التحول التي عجلت بتغيير موقف بايدن هي بكل تأكيد التصريحات المسربة من لقاء النتن ياهو أمس، مع أعضاء من الكنيسيت لعن فيها اتفاقيات أسلو وهدد بتحويل بنادق جيشه إلى السلطة الفلسطينية التي لم تشفع لها عنده وداعتها وتنسيقها الأمني.
بكلامه هذا أزال النتن ياهو آخر ورقة عنب كانت تخفي بها الولايات المتحدة الأمريكية عوراتها تجاه القضية الفلسطينية فظلت تدافع على الأقل رسميا بحل الدولتين، لذا قال بايدن اليوم وركز على ذلك أن الحكومة الصهيونية الحالية هي الأكثر تطرفا ولا تؤمن بحل الدولتين.
ولم يتردد النتن أيضا من الحديث بصفة رسمية عن خلافاته مع الإدارة الأمريكية حول ما يسميه “ما بعد حماس” في قطاع غزة، فقال في لقائه مع نواب الكنيسيت أنه سينصب إدارة مدنية ما يعني إعادة احتلال غزة، عكس ما ظلت تقوله إدارة بايدن منذ شهرين.
بايدن ومستشاريه وبلينكن كاتب الدولة، نفذ صبرهم فقد ضحوا بما تبقى من سمعة للولايات المتحدة في العالم وفي الشرق الأوسط من أجل عيون النتن ياهو وأجندته الشخصية، فما اقترفه خلال الشهرين الماضيين لم يكن سوى لربح الوقت والمناورة للبقاء في الحكم، لكن هو تفنن في ارتكاب الحماقات وكانت تصريحاته المسربة القطرة التي أفاضت الكأس.
لعينه لاتفاقيات أسلو وحديثه عن تنصيب إدارة مدنية في غزة بعد الحرب، جعلت النتن في تصادم مباشر مع إدارة بايدن وتصريحاتها بإيمانها بحل الدولتين، فلا يوجد تفسير آخر لتحول موقف بايدن فلا يمكن أن يكون هذا الأخير اكتشف القصف العشوائي اليوم فقط.
فما قاله النتن لنواب من الكنيسيت كان بمثابة صفعة لبايدن أنه لا أمل في الوصول إلى مخرج مع هذه الحكومة الصهيونية التي لم يتردد بايدن في وصفها بالأكثر تطرفا في تاريخ دولة الكيان.
الطلاق شبه البائن بين واشنطن والحكومة النازية يجد أيضا تفسيره في شروع ادارة بايدن التفكير في الحملة الانتخابية التي تقترب فيجب أن يمنح متسع من الوقت للرأي العام الأمريكي لنسيان المساندة الدموية لبايدن وبلينكن للمجازر الصهيونية.
كما أن فشل الجيش النازي في تحقيق أي شيء طيلة أكثر من شهرين دفعت الولايات المتحدة لمراجعة نفسها فتيقنت وتصريح وزير الدفاع غالنت أن العملية ستسمر شهرا آخرا على الأقل صدمت حلفائهم فكيف يمكن تحقيق شيء في شهر ما لم يتم تحقيقه خلال شهرين كاملين من التقتيل؟.
بالموازاة مع ذلك، يجب التنويه بتصريحات ومواقف أخرى لأتباع أمريكا جاءت تقريبا في نفس الوقت، فأمس قال جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية أن الدمار الذي لحق بغزة أكبر من الدمار الذي عاشته المدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، كما أن نيوزيلندا وكندا وأستراليا، لحظات بعد تصريحات بايدن اليوم أصدرت بيانا مشتركا دعت فيه لأول مرة لوقف إطلاق نار دائم وأضاف البيان “هزيمة حماس لا يجب أن يكون ثمنها معاناة الشعب الفلسطيني”.
المجرم النتن ياهو، فقد اليوم أهم حليف له فمحليا ينتظر الجميع في المجتمع الصهيوني سقوطه ليمسحوا به الأرض ووضعه النفسي الليلة لا يختلف عن وضعه النفسي طيلة الشهرين الماضيين وخاصة يوم السابع أكتوبر.
إدارة بايدن تريد أيضا التخلص من هذه الحرب قبل أن تبدأ الحملة الانتخابية الأمريكية وتعلم جيدا أن جزء هام من الشعب الأمريكي يعارض المساندة العمياء لعمليات الإبادة الجارية في غزة.
وما لا يجب نسيانه أن تصريحات بايدن اليوم لا تعفيه من المسؤولية التاريخية في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
الآن ننتظر رد فعل النتن…