الفكر العربي يعيش على التلقي .. والاستشراق تفاعل وجدل حضاري
ناقشت إحدى حلقات “في الاستشراق”، وهو برنامج يقدّمه الإعلامي المغربي ياسين عدنان على قناة “المجتمع” على منصة “يوتيوب”، موضوع “الإرث الشرقي بين الأصالة ونظرة الغرب”، رفقة أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة أحمد عبد الحليم عطية، الذي صدرت له دراسات حول تأثر الدارسين العرب بالمفاهيم الاستشراقية الغربية.
ويرى عبد الحليم، العضو بكرسي “اليونسكو” للفلسفة، أن موقف المستشرقين الإسبان يختلف عن موقف باقي المستشرقين، مشيراً إلى أن الاستشراق الإسباني له نظرة إلى التراث العربي “تعتبر العرب جزءا من التاريخ الوطني الإسباني”، مستحضرا “الصلة القوية” للمغاربة مع الإسبان، والمغايرة لعلاقتهم بالشعوب الأوروبية الأخرى.
وبينما نبّه إلى الحاجة إلى نظرة جديدة ومغايرة للاستشراق، ذكّر المفكر المصري بأن الغرب فرض مفاهيمه ومناهجه على الثقافة العربية في مرحلة كان فيها قوياً سياسياً وعسكرياً وثقافياً وعلمياً، “بينما كنا في وضعية الأضعف، وما زلنا في مرحلة التلقي، بالرغم من محاولات دفاعية لتجاوز الاستشراق دون نتائج”، وفق تعبيره.
ونفى المفكر المصري، في السياق عينه، جدوى ما يسعى إليه البعض تحت عنوان “الاستغراب” كطريق لإعادة الدور القيادي للشرق، الأمر الذي يغلب عليه، وفق المتحدّث ذاته، “التمني”.
ولإبراز موقف محدد من الاستشراق، اقترح أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة الاطلاع على الطريقة التي نظرت بها الحضارات الآسيوية والإفريقية إلى الاستشراق، ثم موقف الدراسات “ما بعد الاستعمارية”، التي من روادها المفكر والناقد الأدبي الفلسطيني الأمريكي إدوارد سعيد.
ويرى صاحب كتاب “ما بعد الحداثة والأخلاق التطبيقية” أن الفكر العربي يعيش على التلقي، مفسراً ذلك بالقول: “كما تلقينا قديما الفكر اليوناني نتلقى حديثاً الحداثة كما تمثّلت في أوروبا وما بعد الحداثة كما تمثّلت في فرنسا”.
ويضيف “علينا أن نتحول من مجرد نقلة عن التراث أو الغرب واستضافة المذاهب والأفكار والتيارات الغربية إلى الإضافة، ثم التحول من الاستهلاك إلى الإبداع”. وهو دور “لم تظهر معالمه بعد.. ولن يتأتّى إلا بمشروع نقد العقل الاستشراقي”، يقول عطية.
ونقد العقل الاستشراقي، بالنّسبة لضيف ياسين عدنان، يقتضي تأسيس إبستيمولوجيا وجينولوجيا للاستشراق، داعياً إلى النظر إلى الاستشراق كنوع من تفاعل وجدل الحضارات، وخلص إلى القول: “نحن شركاء ولسنا أتباعا”.
المصدر: هسبريس