ميلاد “منظمة الضباط المغاربة الأحرار” والمخزن في ورطة
مرة أخرى، يشهـد الجيش المغربي تصدعا ونزيفا حادا في صفوف ضباطه وجنوده، الذين يعلنون انشقاقهم وتمردهم عن قواتهم بسبب بطش نظام المخزن، الذي يعيش حالة خطيرة من الانحلال والتمرد والاستنزاف، أدت إلى تصاعد وتيرة فرار الجنود والعساكر، وإعلانهم العصيان وشق عصا الطاعة.
انشق العشرات من الضباط والجنود المغاربة، التابعين لثكنة عسكرية في مدينة الرباط، عن صفوف “القوات المسلحة الملكية”، وأعلنوا التحاقهم بما يسمى “الريف المغربي”، فيما اختار آخرون الفرار على متن زوارق “حرڤة” نحو إسبانيا، ما استدعى إطلاق الجيش المغربي “حالة طوارئ” قصوى، أوقف خلالها كبار المسؤولين العسكريين على الثكنة وأحالهم على القضاء العسكري.
وتعرف صفوف “القوات المسلحة الملكية” حالة عصيان وتصدع غير مسبوقة في تاريخها، ما أفقد المؤسسة العسكرية تماسكها وانسجام عناصرها، من خلال إعلان 138 عسكري، بينهم ضباط سامون، انشقاقهم عن الجيش، والمجاهرة بمعارضة نظام المخزن والملك محمد السادس، الذي يعيش بلده منذ فترة طويلة أحلك فتراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وزادت حدة العصيان وسط العسكريين في أعقاب حبس العديد من الضباط في السجن الشهير “القنيطرة”، بسبب رفضهم تنفيذ أوامر ضباط إسرائيليين يستحوذون على مناصب مسؤولية حساسة في المغرب.
حراك عسكري في صفوف الجيش المغربي يزيد حجمه يوما بعد يوم، وقد بدأت بوادره تظهر من خلال “رياح الثورة والتغيير” التي تشهدها القوات المسلحة، لا سيما مع أجواء الفرحة التي تغمر العديد من الوحدات العسكرية المغربية المتموقعة في الصحراء الغربية ومنطقة وجدة، على خلفية ميلاد “منظمة الضباط المغاربة الأحرار”، والتي سيكون لها دور محوري في المرحلة القادمة في التأسيس ربما لجيش موازٍ سيقلب كل الموازين في “مملكة الحشيش”.
وتحافظ هذه المنظمة الجديدة، المكونة على قاعدة صلبة من ضباط يمثلون كافة مناطق المغرب، على عملها في السرية، وتهدف إلى أن تكون مصدر أمل للشعب المغربي لتخليصه من العيش في الخضوع والعبودية والفقر المدقع، وفرصة جاءت على يد “الضباط المغاربة الأحرار” للتخلص من ملك يتمتع بسلوكات غير أخلاقية وخليعة، وإعلان المغاربة استقلالهم عن نظام المخزن الذي يمارس ضدهم كل أنواع القمع الشديد.
وليست هذه المرة الأولى التي ينشق فيها ضباط وجنود مغاربة عن جيشهم، فقد عرفت صفوف القوات المسلحة الملكية، الصائفة الماضية، تمرد العديد من العسكريين الذين فروا نحو أراضي الصحراء الغربية بحثا عن ملاذ آمن يحميهم من بطش وقمع ضباطهم الكبار، ما أدى إلى دخول جيش الاحتلال المغربي وضعية خطيرة جراء النزيف الحاد وسط صفوفه في الصحراء الغربية التي يحتلها منذ عقود.
وجاء هذا التمرد لضباط مغاربة من مختلف الرتب نتيجة عدم اقتناعهم بالحرب التي تشنها بلادهم في الصحراء الغربية، ما زاد من حالة الاحتقان ونفاد الصبر، وأدى إلى تصاعد يومي وبشكل كبير لوتيرة التمرد في صفوف الجنود والضباط المغاربة، لا سيما أن هؤلاء زاد وكبر عندهم عدم التصديق والاقتناع بما يسمى “مغربية” الصحراء الغربية، فضلا عن اعتبار المنشقين جيشهم خاضعا لـ “جيش” الكيان الصهيوني الذي يتفنن في القتل والتنكيل بالفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما دفعهم إلى إعلان الانشقاق والفرار نحو الصحراء الغربية رغم أنها ترزح تحت نير الاحتلال المغربي.
كما دفعت الظروف الاجتماعية والمهنية المزرية والصعبة هؤلاء العساكر إلى الانشقاق عن جيشهم، وهم الذين توقفت رواتبهم منذ شهور طويلة، خاصة أن الأمل في تحسن الأوضاع المعيشية صار مستحيلا في المغرب الذي تتعقد أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يوما بعد يوم، وبلوغها حافة الانهيار، وزادها تعقيدا عدم قدرة الحكومة المغربية على تسديد رواتب وأجور العمال والموظفين.