اخبار المغرب

مشتغلون بالصيد البحري يشتكون “التهريب والمنافسة غير الشريفة” في العيون

يشتكي مهنيو الصيد البحري بمدينة العيون من مجموعة من الممارسات غير القانونية التي يعرفها القطاع؛ على غرار “الصيد الجائر، والتصريحات الكاذبة بالمصطادات السمكية التي تعد مدخلا مهما لاستفحال آفة تهريب الأسماك”، عن طريق استغلال مجموعة من الثغرات التنظيمية التي بنيت فلسفة وضعها في الأساس على ضمان حقوق المهنيين وتلافي ضياعها، غير أن البعض منهم “يستغل هذه الثغرات لأغراض غير قانونية يضر بمبدأ المنافسة الشريفة”، حسب ما يؤكد تجار السمك بالجملة بالمدينة.

وكانت سبعة تنظيمات ممثلة لمهنيي الصيد البحري بالعيون، خاصة فئة التجار، قد وجهوا رسالة إلى السلطات البحرية المعنية، تتوفر هسبريس على نسخة منها، على غرار مديرية المراقبة بوزارة الصيد البحري بالرباط ومندوبية الصيد البحري بالعيون والمديرية الجهوية لمكتب الصيد البحري بالعيون، في شأن ما أسموه “ممارسات تضرب في العمق مبدأ المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص”، موضحة أنهم “اتخذوا على عاتقهم الاصطفاف مع سلطات المراقبة لكي لا تتبخر المكتسبات التي تراكمت في العقد الماضي بفضل استراتيجية ألوتيس”، ومسجلة أن “شرذمة معروفة لدى جميع المهنيين عاثت فسادا بمينائي العيون وطانطان غير آبهة بالقوانين المنظمة للقطاع”، بتعبير الرسالة ذاتها.

“تهريب” وتجار متضررون

حمزة التومي، الكاتب العام للكونفدرالية المغربية لتجار السمك بالجملة رئيس اتحاد التعاونيات “أسماك موانئ الصحراء”، قال إن “مهنيي الصيد البحري في العيون يعانون من مجموعة من المشاكل والصعوبات المتعلقة أساسا بتهريب الأسماك والصيد الجائر وغير القانوني”، مضيفا في هذا الإطار أن “بعض مراكب الصيد بالجر تتعمد صيد أنواع محددة من الأسماك في غير أوقاتها البيولوجية، وفي بعض الأماكن البحرية التي يمنع فيها الصيد، إضافة إلى استهداف صغار الأسماك باستعمال أنواع محددة من شباك الصيد على الرغم من منعها”.

وأوضح التومي، في تصريح لهسبريس، أن “المشكل الثاني يتعلق بتهريب الأسماك من طرف بعض المجهزين والمقابلين، أي ملاك وأصحاب المراكب أو من ينوب عنهم، حيث يستغلون مجموعة من الثغرات التنظيمية؛ أولاها تلك التي تسمح لهم بامتلاك بطاقة تاجر سمك، وثانيتها تلك التي تتعلق بإمكانية بيع أسماكهم في أسواق جملة أخرى غير سوق ميناء العيون إذا كان هذا الأخير ممتلئا بالأسماك، على أن يتم بيعها في سوق آخر تابع للمكتب الوطني للصيد البحري. وقد سُمح لهم بذلك لتفادي فساد الأسماك، وبالتالي فُتحت لهم إمكانية شحنها وبيعها في سوق آخر بعد التصريح بالكميات المشحونة وأداء ضريبة عليها في ميناء العيون؛ غير أن البعض منهم يستغل هذه الثغرات ويعمد إلى التصريح بالأسماك الرخيصة الثمن فقط لكي لا يؤدي ضرائب كبيرة، فيما يُهرب الرفيعة منها إلى أسواق أخرى غير تابعة لمكتب الصيد البحري”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “تجار السمك بالجملة يتضررون من هذه الممارسات، إذ تفرض عليهم منافسة غير شريفة؛ ذلك أن المُهربين يبيعون أسماكهم بأثمنة أقل لأنهم لم يؤيدوا عليها أصلا أية ضرائب”، مسجلا أن “مجموعة من الهيئات المهنية راسلت الجهات المختصة، بما فيها مديرية المراقبة بوزارة الصيد البحري بالرباط ومندوبية الصيد البحري بالعيون وجهات أخرى، بعد كثرة الشكايات التي توصلوا بها من طرف تجار السمك في هذا الإطار ومن طرف بعض مجهزي المراكب المتضررين هم الآخرون، والذين أصبح يتهددهم السجن والإفلاس بسبب تفاقم الديون عليهم وعجزهم على الصمود في الأسواق أمام هذه المنافسة غير الشريفة”.

ولفت الكاتب العام للكونفدرالية المغربية لتجار السمك بالجملة إلى أن “هذه المشاكل يشهدها ميناء العيون أكثر من غيره من الموانئ المغربية لكونه أكثرها انتعاشا، خاصة خلال مواسم صيد الأخطبوط حيث يتمركز حوالي 90 في المائة من الأسطول الوطني لمراكب الصيد بالجر في هذا الميناء، ليصبح على إثرها بؤرة هذه المشاكل، حيث يصل متوسط مراكب الصيد بالجر بالعيون خلال هذه الفترة إلى أكثر من 200 مركب تتناوب على مصيدة جنوب سيدي الغازي ناهيك عن أكثر من 280 مركبا لصيد السردين، إضافة إلى عشرات مراكب الصيد التقليدي”، مشددا على أن “استمرار هذه الممارسات يهدد المكاسب التي كسبتها بلادنا من خلال استراتيجية أليوتيس”، مشيرا في الصدد ذاته إلى أن “الجهات المسؤولية، على غرار المكتب الوطني للصيد ومندوبية الصيد والدرك الملكي البحري والبحرية الملكية، تبذل جهودا كبيرة من أجل وقف هذه السلوكيات والتصدي لهذه الممارسات؛ غير أن هذه الجهات تعاني هي الأخرى من صعوبات ومشاكل تعتري عملها”.

موارد محدودة

لمعرفة طبيعة هذه الصعوبات، اتصلت جريدة هسبريس بمصطفى آيت علا، مندوب الصيد البحري بالدائرة البحرية للعيون، الذي أوضح أن “ممارسات تهريب الأسماك لا تقتصر فقط على ميناء العيون؛ ففي كل ميناء في المغرب نجد بعض هذه الممارسات الشاذة التي يحاول مرتكبوها التملص من التطبيق السليم للقانون”، مسجلا أن “المندوبية تقوم بمجموعة من المجهودات الكبيرة من أجل محاربة كل أشكال التهريب، وضمان مرور المنتوجات السمكية في مسارها التجاري القانوني”.

وأضاف أيت علا أن “عمليات المراقبة تتم بشكل يومي وعلى مدار أيام الأسبوع، حيث يتم التعامل مع كل مخالفة وتوقيع الجزاء القانوني وترتيب المسؤوليات على كل مخالف؛ غير أن ما يحد من كل هذه المجهودات يرتبط بمحدودية الموارد اللوجستية وقلة الموارد البشرية التي تشرف على هذه العمليات والذي لا يتناسب مع حجم الأسطول البحري الكبير الذي ينشط في العيون، وهو ما نحاول تجاوزه في إطار من التنسيق والتعاون بين مع السلطات المينائية والترابية المعنية للحد من هذه الممارسات”.

في هذا الصدد، سجل المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “عدد الموارد البشرية التي تنشط ما بين مينائي العيون وطرفاية لا يتجاوز 30 موظفا، فيما لا يتجاوز عدد الموظفين في قطاع الصيد البحري على مستوى كامل التراب الوطني حوالي 1400 موظف، بما في ذلك الوزارة والمصالح الخارجية”.

وحول طبيعة الثغرات التنظيمية التي يستغلها المهربون، أورد مندوب الصيد البحري بالعيون أن “الترسانة القانونية المنظمة للقطاع هي ترسانة قوية، ويتم تحيينها كلما اقتضت الحاجة إلى ذلك، وهناك مجموعة من المراسيم التي دخلت حيز التنفيذ وأخرى في طور الإعداد”، مسجلا أن “النص الذي يسمح ببيع الأسماك في ميناء آخر غير ميناء العيون لا يتعلق بقانون وإنما بمحضر اتفاق بين المهنيين والإدارات المعنية؛ بما فيها المندوبية والمكتب الوطني للصيد البحري. ويمكن أن يكون هناك فعلا من يستغل هذا التسهيل المتفق عليه، إلا أن الأمر وكما أكدت يتعلق بمجرد اتفاق وبالتالي فهو ليس قرآنا منزلا ويمكن أن يتم إلغاؤه بإجماع كل المعنيين”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *