تجاهل استهداف البوليساريو للسمارة يقوي مكانة المغرب في مكافحة الإرهاب
لم تقدم المملكة على أي رد مباشر على الاعتداء الذي طال مدينة سمارة قبل أيام، والمرجح أن مصدره جبهة البوليساريو، إذ لم تنجر إلى أي نزاع عسكري مع الكيان الانفصالي، بل فضلت التعامل بشكل ديبلوماسي يزكي موقعها كدولة في مواجهة تنظيم إرهابي.
ولعل تجاهل المغرب لما أقدمت عليه البوليساريو من استهداف للمدنيين يجعل الجبهة الانفصالية والجهة الواقفة وراءها في موقف لا يحسد عليه أمام المنتظم الدولي، بالنظر إلى خرقها وقف إطلاق النار واستهدافها المدنيين، الأمر الذي يتعارض مع توجهات القانون الدولي وقانون الحروب.
الطريق القانوني
أوضح لحسن أقرطيط، الكاتب والباحث في العلاقات الدولية، أن طريقة تعامل المملكة مع هذا الاعتداء، من خلال ترك السلطات القضائية تفتح تحقيقا في الحادث، “تنتصر للقانون الدولي، على اعتبار أنها تعاملت برزانة قوية، وأوعزت إلى المصالح القضائية المختصة بالتحقيق في الحادث الإرهابي الذي كانت ساكنة سمارة ضحية له”.
وأضاف أقرطيط، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا العمل الإرهابي “جريمة قائمة الأركان، حيث إن الركن المعنوي في الجريمة قائم ويتمثل في النية بالإضرار بالمملكة”، مشيرا إلى أن المملكة، انطلاقا من التزاماتها الدولية، أبلغت الأمم المتحدة بالتطورات والتحقيق الذي تقوم به سلطاتها القضائية.
وأبرز أن هذا “يثبت بأن السلطات المغربية اختارت أولا الطريق القضائي والقانوني لكشف الحقيقة كاملة وتقديمها إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة، بالنظر إلى كون استهداف المدنيين جريمة يعاقب عليها القانون الدولي وقانون النزاعات والحروب”.
ولفت إلى أن المغرب اختار أن يغلب منطق الدولة، على اعتبار أن “المملكة لا تتصرف كتنظيم وإنما كدولة، وبالتالي من الطبيعي أن تكون الخطوة قانونية، وأن تحتفظ بالرد المتناسب مع طبيعة الهجوم، وهذا يؤكد أن المغرب يحتكم إلى القانون”.
خطوات الرد
يرى محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن المملكة “اختارت المنحى السلمي منذ تنظيم المسيرة الخضراء سنة 1975، ولديها وضوح وشفافية بخصوص الدفاع عن حقوق كافة الدول، كبيرة كانت أو صغيرة، بخصوص احترام سيادتها، وعدم التدخل في وحدتها وسلامة أراضيها بشكل كامل من منطلق الالتزام بالقانون الدولي وإبراز أفضلية الحلول السلمية للنزاعات”.
ولفت بودن، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “أطرافا لديها مصلحة في انفجار الوضع بالمنطقة، ولذلك فالمغرب يعمل على تقييم مختلف ملابسات حادث السمارة، ولو أن تصرفات وأقوال ميليشيات البوليساريو بالمنطقة، بدعم من الجزائر، تدفع إلى استخلاص أتوماتيكي لهوية الفاعل وطبيعة الفعل الذي تتوفر فيه أركان العمل الإرهابي طالما أنه استهدف مدنيين وبنيات تحتية مدنية”.
وأكد أن المملكة دولة قانون ومؤسسات “ولا تلجأ إلى التخمين أو إطلاق بالونات الاختبار في مثل هذه الظروف، بل تعمل على جمع المعلومات الضرورية وتحليل التحركات باستمرار، وعلى أساس الأدلة المحصل عليها سيتم اتخاذ أفضل الخيارات والردود في الوقت المناسب وبالنجاعة والفعالية اللازمتين، وجعل الأطراف الفاعلة تتحمل العواقب المباشرة وغير المباشرة”.
وبخصوص الخطوات التي يمكن القيام بها بعد التوصل إلى نتائج التحقيق، أوضح بودن أنه سيتم العمل على مستويات عدة، “من بينها التنسيق مع شركاء المغرب في مجال مكافحة الإرهاب، والضغط من أجل نزع الأسلحة من مخيمات تندوف بما يتوافق مع الوضع القانوني للاجئين في اتفاقية اللاجئين لسنة 1951”.
كما سيتم القيام “بدراسة السبل العملياتية لاسترداد المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني، باعتبارها أرضا مغربية لها وضع قانوني وتاريخي، وجعل الحدود المغربية تلامس الحدود الجزائرية بشكل مباشر حتى يتحمل كل طرف مسؤولياته في تطبيق مقاصد الأمم المتحدة المتعلقة بالسلم والأمن”، يضيف بودن.
المصدر: هسبريس