خبراء يحذرون من خسارة المغرب 90 مليار درهم بسبب القطاع غير المهيكل
90 مليار درهم هو حجم المبالغ الضائعة من خزينة الدولة بسبب القطاع غير المهيكل. رقم تم تداوله خلال النقاش، الذي انطلق الأسبوع الماضي حول مشروع قانون المالية لسنة 2024 بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب.
هذا الرقم دفع نوابا إلى مطالبة الحكومة، في شخص وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، إلى تفعيل إجراءات مستعجلة من أجل مواجهة هذا القطاع.
الرقم صادم، يقول المحلل الاقتصادي رشيد الساري، مبرزا أن هذا القطاع يستنزف أكثر من 30 بالمئة من الناتج الداخلي الخام. وأضاف أن “90 مليار درهم رقم مخيف، خاصة أنه قبل حوالي 3 سنوات كنا نتحدث عن ضياع أكثر من 80 مليار درهم”.
وفي هذا السياق أكد الساري أنه إلى حدود الساعة لم تؤت المجهودات أكلها، بالرغم من الحديث عن منظومة رقمية معلوماتية يقال إنها متطورة، وعن مجهودات على المستوى الإداري، وتشجيع للمقاولات، خاصة الصغرى، وبناء مجموعة من المناطق الصناعية بالنسبة للمقاولات الصغرى ولما كان يسمى بالمعامل شمال المملكة وفي الوسط، لكن هذا الرقم مفاجئ، يضيف المحلل الاقتصادي.
وشدد الساري على ضرورة إعادة النظر في المنظومة بأكملها، مبرزا أن النموذج التنموي الجديد يتحدث عن ضرورة الحد من هذا القطاع. وفسر تطور هذا الرقم بعدم وجود ثقة في المنظومة الضريبية وفي الإجراءات البنكية والحكومية، لافتا الانتباه إلى أن هناك “انعداما للثقة في ظل حديثنا عن برامج اجتماعية مهمة كيف سيتم تمويلها ونحن نفقد نقطا في مجالات أخرى”.
من جهته وصف المحلل الاقتصادي محمد جدري وضعية العاملين بهذا القطاع بكونها غير مستقرة، مشيرا إلى أنهم يشتغلون في ظل خوف مستمر يجعلهم لا يطورون عملهم وتجارتهم وغير قادرين على الاستثمار.
وأكد أن هناك قطاعا مهيكلا بسيطا كما هو الشأن بالنسبة للباعة الصغار الذين يفترشون الأرض في الأسوق، أو بعض المهن البسيطة، وصنف آخر يتعلق بأشخاص يمتلكون محلات ومعامل وغيرها، يعملون في الخفاء ولا يستطيعون الاستثمار لأنهم يخشون من مصادرة ممتلكاتهم في أي لحظة.
وأضاف أن هذا القطاع يؤثر على تنافسية المقاولات بشكل سلبي، إذ تنفق مقاولات ما لا تستطيع أخرى إنفاقه، ناهيك عن كون العاملين في القطاع يشتغلون في ظروف لا تراعي آدميتهم، برواتب ضعيفة وبدون ضمان اجتماعي.
وللخروج من هذه الوضعية شدد جدري على أهمية تشجيع هؤلاء الأشخاص على الالتحاق بالقطاع المهيكل، قائلا: “مثلا ورش الحماية الاجتماعية من بين الأمور المحفزة لأن المعني بالأمر سيرى أنه عن طريق التصريح بنشاطه سيتوفر على تأمين إجباري عن المرض وتقاعد وتعويضات الأبناء، كما يمكنه الحصول على تعويضات فقدان الشغل وغيرها من المزايا”.
من جهة أخرى أبرز جدري أن هذه الفئة لا بد لها من التدرج ضريبيا، إذ “لا يمكنها تأدية الضرائب نفسها بين عشية وضحاها، شأنها شأن باقي المقاولات، على الأقل خلال السنوات الأولى من الاشتغال”، مشيرا إلى أن برنامج المقاول الذاتي يدخل في هذا الإطار التحفيزي.
كما دعا إلى إدخال تعديلات على مدونة الشغل من أجل إتاحة الفرصة للتعامل بمرونة في عقود الشغل، وتحفيز هذه الفئة ضريبيا ومواكبتها لولوج التمويلات والصفقات العمومية.
المصدر: هسبريس