تحريض سياسي وفتاوى الحاخامات وروايات تحث على “إبادة العرب”
تطرح شراهة الكيان الصهيوني “للقتل الجماعي والإبادة” وارتكاب المجازر في حق الفلسطينيين منذ بدء القصف على قطاع غزة منذ أسبوعين، ومنذ الأربعينات من القرن الماضي، من مجازر دير ياسين في فلسطين، إلى صبرا وشاتيلا في لبنان، وعين البقر في العريش المصرية، أسئلة عميقة حول عقيدة “القتل” التي تمثّل المرتكز الأساسي للمشروع الصهيوني، مما يؤكد أن كل حديث عن مشاريع السلام والتعايش مع الكيان تبقى مجرد خدعة استراتيجية يستخدمها الكيان للتوسع وتحقيق غاياته في المنطقة.
قبل أيام عرضت وسائل إعلام إسرائيلية، لقاء بين عجوز صهيوني كان شارك في الخمسينات في المجازر الرهيبة ضد الفلسطينيين، حين لقائه مع مجموعة من الجنود، ظهر الرجل يحثّهم على أعمال القتل في كل فلسطيني تتم مصادفته، وكان الرجل واضحا في تحريضه على قتل الأطفال والحذر من إبقائهم أحياء تحت أي داع والقضاء على مقومات الحياة لدى المجتمع الفلسطيني.
التوصية التي قدمها العجوز الصهيوني لجنود الاحتلال، ليست سوى ترجمة لتصريحات سياسية معلنة لكبار قادة الكيان، تدعو إلى إبادة كل الفلسطينيين باعتبارهم “حيوانات بشرية” لا تستحق الحياة، إضافة إلى تصريحات تدعو إلى إلقاء قنبلة نووية على غزة ومسحها من الوجود، إضافة إلى توصية سياسية وعسكرية تتضمنها التعليمات التي تصدرها قيادة الجيش لجنودها خلال عمليات القصف اليومي على قطاع الغزة وفي عمليات المداهمة وتهديم البيوت في الضفة الغربية.
يحيل ذلك إلى البحث في عقيدة “القتل” الجماعي التي تتأسس عليها الممارسة الصهيونية ضد الفلسطينيين وفهم مرتكزاتها الأساسية، سياسيا وعقديا وعلى مستوى الفكر الصهيوني منذ تشكّل أولى الجماعات الصهيونية، مثل الهجاناة والأرغون وبلماخ، والتي تشكلت قبل قيام الكيان الصهيوني عام 1948، والكانت مهمتها مهاجمة القرى العربية وترويع السكان ودفعهم إلى المغادرة، وارتكاب المجازر الدامية لنشر الرعب والتي تم ضمها مع بعض لإنشاء جيش الدفاع الصهيوني.
إضافة إلى الدافع السياسي، فإن الكتب التعليمية في الكيان الصهيوني، تتضمن تنشئة على الكراهية الشديدة للإنسان العربي والفلسطيني، وتصوره في صورة “المخرّب”، وهي تنشئة تجد لها صدى في المتن الديني. ففي شهر أوت 2016، أصدر “مجمع الحاخامات الجديد” الذي أسسه الحاخام المتطرف عيدان شتاينليزتس، فتوى دينية تحرّض الجنود الصهاينة على قتل الفلسطينيين، وتفيد بنصها “أقتلوهم وأبيدوهم بلا رحمة من أجل أمن إسرائيل”، إذ تعتبر الفتوى أن إبقاء أي فلسطيني هو مستقبل مرعب وكابوس بالنسبة لمجتمع الكيان.
ومن المستوى الديني وضمن نفس الكابوس، تجد عقيدة “القتل والإبادة” لها ترجمة واضحة في كتابات الأدباء الصهاينة، تخلص رواية “خربة خزعة” للروائي الصهيوني ساميخ أليزهار، بكل وضوح، إلى ضرورة قتل كل طفل فلسطيني قبل أن يكبر ويصبح مقاوما أو مخربا بالمعنى الإسرائيلي. في تلك الرواية يصف الروائي الصهيوني كيف تتحول مجموعة من الجنود الإسرائيليين لمهاجمة قرية فلسطينية، يقتل الجنود كل من في القرية عدا طفلا رضيعا لم ينتبهوا إليه، وعندما يعود عدد من الفلاحين والعمال الذين كانوا خارج القرية في المساء، يصدمهم هول المجزرة، لم يبق سوى الطفل الرضيع الباكي، يأخذه أحدهم لتربيته.. يكبر عمرا ويكبر معه السؤال، يقوده السؤال عن مصير أهله إلى الإنخراط في الكفاح المسلح.
وبحسب الرواية يكبر الطفل ويصير شابا، ويكبر الجنود الإسرائيليون القتلة ويصبحون متقاعدين يلعبون النرد في المقاهي، يهاجم ذلك الطفل الرضيع الذي تحوّل إلى فدائي فلسطيني، المستوطنة ويهجم على مقهى يجلس فيه الجنود الذين تقاعدوا من الجيش ويقتلهم دون أن يعرف الولد أنهم قتلوا أهله، ودون أن يعرف القتلة الصهاينة، أن الفدائي هو ذلك الرضيع الذي نسوا قتله ذات يوم، وهو مشهد تحريضي يحث الجنود الإسرائيليين على ضرورة قتل الأطفال كونهم بالنسبة للإسرائيلي نبوءة كابوس ومستقبل مرعب يتوجب إزاحته.
وإذا كان المشروع السياسي للكيان المحتل مرتبط بالسيطرة على الأرض وتغيير معالم المدن الفلسطينية وتهويد الأمكنة وبناء المستوطنات داخل فلسطين المحتلة، وإحكام السيطرة على كامل المنطقة عبر اتفاقات التطبيع وإحداث اندماج ضمن الاقتصاديات الإقليمية عبر اتفاقات التبادل التجاري، فإن خلف ذلك تتستر عقيدة دموية لا ترى فارقا بين الفلسطيني والمصري وبين السوري واللبناني، وتعتبر أنهم جميعا مشروع للإبادة.