اخبار السودان

حرب السودان تكمل شهرها السادس بينما تشغل العالم صراعات أخرى كثيرة

غيرت حرب السودان خلال قرابة السبعة أشهر الكثير في حياة معظم المواطنين، ومع استمرارها وتنامي الصراعات في مناطق أخرى، يبدو العالم منشغلاً عن هذه الأزمة الطاحنة.

المصدر: شبكة الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية

ترجمة: التغيير

جوهانسبير دخلت الحرب بين الجيش السوداني وجماعة شبه عسكرية شهرها السابع، مما تسبب في ما يقرب من 190 يومًا وليلة من الرعب والخسائر والصدمات لكثير من سكان الدولة الواقعة في شمال شرق إفريقيا.

وقد قُتل ما يقدر بنحو 9000 شخص وأجبر 5.6 مليون آخرين على الفرار من منازلهم خلال الصراع، وفقًا للأمم المتحدة.

وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيثس في بيان إن “نصف عام من الحرب أدخل السودان في واحدة من أسوأ الكوابيس الإنسانية في التاريخ الحديث”.

تحدثت شبكة الإذاعة الوطنية العامة الامريكية إلى عدد من السودانيين أطباء في المستشفى، وناشط شاب وحاكم سابق حول كيف تغيرت الأمور بالنسبة لهم منذ اندلاع القتال في أبريل بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.

نشطاء

كانت دعاء طارق، 30 عامًا، من بين النشطاء الشعبيين الذين ساعدوا في تنظيم احتجاجات جماهيرية سلمية في عام 2019 في الخرطوم، عاصمة السودان، والتي أسقطت دكتاتورية الرئيس السابق عمر البشير التي استمرت عقودًا، ثم شهدت انقلابًا عسكريًا في عام 2021 مما عرقل أحلام جيلها في الديمقراطية. وقد أدى اندلاع الصراع هذا العام إلى تبديد تلك الآمال بشكل أكبر.

لكن دعاء وزملائها النشطاء مستمرون في مقاومة النزاع الجديد الذي نشب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي من خلال أعمال عصيان صغيرة، مثل ترديد الأغاني الثورية في الشارع بين التفجيرات أورش الرسائل السياسية على الجدران.

وبعد ستة أشهر من الحرب، تقول دعاء إن الاحتجاجات على الجدران في الشوارع صارت تنطوي على مخاطرة كبيرة.

“لكن يمكن للمقاومة أن تتخذ أشكالاً عديدة… ليست هناك فرصة للاحتجاج فعلياً في الشارع، حتى مع الكتابة على الجدران، لأن الميليشيا تحتل جميع المنازل”.

وقد اضطرت دعاء التي أنجبت طفلاً أثناء النزاع إلى الخروج من منزلها، الذي تقول إن الميليشيات استولت عليه ونهبت “كل ما لدينا”.

مع ذلك، وجدت دعاء وناشطين آخرون طرقًا مختلفة للمقاومة، حيث أنشأوا العشرات مما يسمونه “غرف الاستجابة للطوارئ” في جميع أنحاء الخرطوم والتي تقول إنها تقدم “جميع أنواع المساعدات الإنسانية والدعم النفسي والاجتماعي المتبادل”.

والآن لدينا غرف استجابة نسائية تتعامل مع احتياجات المرأة مثل العنف القائم على النوع الاجتماعي “فيما يتعلق بالعنف الجنسي والاغتصاب فإن النساء يعانين كثيراً… هناك الكثير من حالات الاغتصاب التي تم تسجيلها وتوثيقها. من الخطير جدًا على اي امرأة الخروج اثناء هذه الحرب الخطيرة لأنك تشعرين دائمًا انك مهددة وأنك مستهدفة.

بل هن مهددات حتى داخل بيوتهن “هناك نساء من إثنيات معينة تم استهدافهن بشكل خاص. وهناك نساء يتم اغتصابهن أمام عائلاتهن، ويتم اغتصاب النساء باستمرار من قبل القوات، وهناك حالات قليلة تم فيها أخذ النساء من منازلهن. لذا فإن الأمر خطير للغاية بالنسبة للنساء في الوقت الحالي والوضع يزداد سوءًا.”

وتقول دعاء إن الأطفال ليس أفضل حالا “لقد تأثروا بشدة بعسكرة المنطقة، وخاصة الآن حيث تقوم المليشيا بتوزيع الألعاب على الأطفال ويقدمون الطعام للناس والأشياء، ويخشى الناس عدم أخذها”.

الأطباء

تضرر النظام الصحي في السودان بشدة بسبب النزاع، حيث أغلقت العديد من المستشفيات الى جانب نقص الأدوية والإمدادات الأساسية، وخاطر الأطباء بحياتهم لرعاية المرضى. يعمل أحمد خوجلي كمسؤول طوارئ في جناح الأطفال حديثي الولادة في مستشفى البلك بالخرطوم، والذي يعمل بحوالي 60٪ فقط من طاقته. ويصف احمد النزاع الذي اكمل ستة أشهر بأنه يبدو وكأنه “مدى الحياة”. ويقول: “الوقت متجمد تماماً منذ بداية هذه الحرب لأنني بالكاد أجد الوقت لأشعر أو أفكر أو أتحسر على أي شيء… اوحتى للنوم أو العمل”.

ويصف احمد خطورة العمل في ظروف الرعب الراهنة “كنا على وشك أخذ قسط من الراحة في المكتب لتناول وجبة الإفطار وشرب الشاي مع حلوى لذيذة  تم إحضارها من المنزل في ذلك اليوم، عندما وقع انفجار هائل فجأة في الفناء الشمالي للمستشفى مما أدى إلى مقتل أحد الرجال الذين كانوا يقفون هناك ببراءة وأصيب آخرين بجروح خطيرة”.

تعمل الدكتورة آمنة قاسم أيضًا في مستشفى البلك كأخصائية أطفال. تقول في الأشهر القليلة الماضية سقطت أربعة قذائف في المستشفى حيث يعيش العديد من الموظفين لتعذر العودة إلى منازلهم أو رؤية أسرهم. وتضيف ان قدرتها على علاج مرضاها يعوقها نقص الموارد

“من أصعب القصص.. والدان احضرا ابنتهما البالغة من العمر 12 عاما، والتي كانت طفلتهما الوحيدة انجباها بعد مرور ثماني سنوات من العقم، وتم تشخيص إصابة الفتاة بالفشل الكلوي وتحتاج إلى غسيل كلى عاجل.. ولم يكن متاحا فماتت الطفلة.

الوالي السابق

في الفترة الانتقالية القصيرة المليئة بالأمل بين الثورة  الشعبية التي أطاحت بالبشير والانقلاب الذي أدى إلى تنصيب الحكومة الحالية، كان أديب يوسف حاكماً لولاية وسط دارفور. يوسف حاصل على الدكتوراه في حل الصراعات من جامعة جورج ماسون في الولايات المتحدة، ولا يزال يعيش في دارفور.

ويأسف يوسف لتركيز معظم وسائل الإعلام على العاصمة في هذه الحرب، مع إهمال المناطق الأخرى التي يحتدم فيها الصراع “دارفور في وضع حرج للغاية والناس يعانون. “أعتقد أن الأمور على الأرض تزداد سوءا.”

في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبحت دارفور مرادفة للإبادة الجماعية حيث ارتكبت مليشيات عربية تعرف باسم الجنجويد جرائم حرب ضد القبائل غير العربية في المنطقة. والمجموعة شبه العسكرية الحالية التي تقاتل الجيش، قوات الدعم السريع، هي فرع من الجنجويد. ويقول يوسف إن العنف الحالي له مرة أخرى عنصر عرقي “إنه صراع عرقي أكثر منه صراع سياسي”.

وهذا مطابق لما قاله إريك ريفز، الأكاديمي الأمريكي الذي أجرى أبحاثًا في السودان، في رسالة بالبريد الإلكتروني، قائلًا إن قوات الدعم السريع منخرطة “في حملة إبادة جماعية بشكل لا لبس فيه” ضد شعب المساليت في مدينة الجنينة في غرب دارفور.

واضاف “نحن لا نبذل قصارى جهدنا هذه المرة في التصدي للإبادة الجماعية التي بدأت بشكل جدي في دارفور في عام 2003 قلنا لن يحدث ذلك مرة أخرى! … لكنه حدث مرة أخرى”.

ويقول يوسف إن الوضع الإنساني في منطقته مروع لأن دارفور كانت تعج اصلا بالنازحين داخلياً، ويضاف إليهم الآن نازحون جدد. علاوة على ذلك، هناك انعدام كبير للأمن الغذائي.

موسم الأمطار هذا العام قليل جدًا. والأراضي التي تمت زراعتها هذا العام محدودة جدًا وفوق ذلك هناك حشرات، وهذا يعني أن موسم الحصاد سيكون سيئًا للغاية … مما يؤدي إلى نقص الغذاء”.

ويحذر يوسف قائلاً “يمكننا أن نتوقع حدوث مجاعة في دارفور”.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *