الصلاة في المسجد الأقصى المبارك
أوردت السنة النبوية أحاديث متعدّدة في الحث على الصلاة في المسجد الأقصى المبارك وزيارة بيت المقدس، ومنها ما روي عن ميمونة مولاة النبي صلّى الله عليه وسلم قالت: قلت يا رسول الله، أفتِنَا في بيت المقدسِ قال: “أرض المَحشَر والمنشر ائْتُوهُ فصَلُّوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره”، قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمّلَ إليه؟ قال: “فتُهْدِي له زيتا يُسْرَجُ فيه، فمن فعل ذلك فهو كمن أتَاهُ” أخرجه ابن ماجه.
وعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: تَذَاكرنَا ونحن عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم أيهما أفضل: مسجد رسول الله، أو مسجد بيت المقدس، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولَنِعْمَ المصلى، ولَيُوشِكَنَّ أن لا يكون للرجل مثل شَطَنِ فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا”، أو قال: “خير من الدنيا وما فيها” أخرجه الحاكم في المستدرك.
والمسجد الأقصى هو ثاني مسجد وضع في الأرض للناس بعد المسجد الحرام، فعن يزيد التيمي قال: سمعت أبا ذر يقول: سألت رسول الله عن أول مسجد وضع في الأرض؟ قال: “المسجد الحرام”، قلت: ثم أي؟ قال: “المسجد الأقصى”، قلت: كم بينهما؟ قال: “أربعون عاما، ثم الأرض لك مسجد فحيثما أدركتك الصلاة فصلّ” رواه البخاري ومسلم. وإن الإهلال من المسجد الأقصى بعمرة أفضل من الإهلال من أي مكان آخر، حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام: “مَن أهَلّ من المسجد الأقصى بعمرة غفر له ما تقدم من ذنبه” أخرجه ابن حبان.
إن من تعظيم المؤمن للأماكن التي اختارها الله بالبركة والقداسة أن يعظم المسجد الأقصى أو القدس الشريف أو بيت المقدس، وهي تلك المساحة التي تضم المسجد الأقصى الحالي ومسجد قبة الصخرة والمدرسة العمرية، وهي نفس المساحة التي يريد اليهود بناء هيكلهم عليها، فهذه مجتمعة في مساحة المسجد الأقصى، والتي قال تعالى عنها: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير} الإسراء:1.
وإن الصلاة في أي مكان من الأمكنة المحاطة بالسور، بما في ذلك ساحات المسجد وتحت أشجاره، تساوي في الأجر الصلاة داخل المسجد نفسه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي ألف صلاة، وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة” رواه البيهقي في شعب الإيمان. وقوله صلى الله عليه وسلم: “لا تشدّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا، ومسجد الحرام، ومسجد الأقصى” رواه البخاري ومسلم، فيتضاعف أجر الصلاة في هذه المساجد دون غيرها من المساجد.